القائمة إغلاق

الإسلام وقضايا المرأة (2)

الإسلام وقضايا المرأة (2)

بقلم: د. عصام دربالة

الفصل الثاني

الخصائص التكوينية للمرأة

بين الإسلام والعلم الحديث

تمهيد

لم تأت رؤية الإسلام لعمارة الكون متملقة لأحد من الخلق ولكنها جاءت منصفة لكل الخلق؛ فلم يتعد على المرأة إبان هوانها ولم يتملقها اليوم لعلو صوت المنادين بمساواتها على الطريقة الغربية, جاءت شريعة الإسلام لتعطي لكل ذي حق حقه, ولتقرر الحقائق ثم تبتني عليها الأحكام والشرائع؛ وكان طبيعيًا والأمر كذلك أن نجد في نصوص الوحي من كتاب وسنة ما يعيننا في الوقوف على طبيعة المرأة الخلقية وخصائصها التكوينية.

وكان منطقيًا أن تأتي كلمة العلم الحديث بعد قرون طويلة من نزول الوحي مطابقة لرؤية الإسلام في هذا الصدد ومتعانقة معها؛ وهذا ما سيظهر جليًا من خلال المبحثين الآتيين:

المبحث الأول: رؤية الإسلام للخصائص التكوينية للمرأة.

المبحث الثاني: العلم يعانق الشريعة في قضايا المرأة.

المبحث الأول

رؤية الإسلام للخصائص التكوينية للمرأة

من الطبيعي أن نقف أولًا متأملين في نصوص الكتاب والسنة للوقوف على جوانب رؤية الإسلام السامقة للخصائص التكوينية للمرأة؛ فما تقدمه هذه النصوص كلمة (من خلق) (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ), ومن البديهي أيضًا إذا أردنا معرفة حقيقة شيء سألنا صانعه, وهو ما سنبدأ به الآن:

قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)[1].

وقال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ)[2].

وقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[3].

وقال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[4].

وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[5].

وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)[6].

وقال تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ)[7].

وقال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)[8].

وقال تعالى: (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)[9].

وقال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)[10].

وقال تعالى: (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)[11].

وقال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)[12].

وقال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ)[13].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[14].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[15].

وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ )[16].

وقال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)[17].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)[18].

وقال تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ)[19].

فهذا عن الآيات أما الأحاديث النبوية فنذكر طرفًا منها لتكتمل أمامنا معالم الصورة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول ×: “استوصُوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلقتْ من ضِلعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلعِ أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزلْ أعوجَ، فاستوصُوا بالنِّساءِ”([20]).

وعنه في رواية لمسلم: “إنَّ المرأةَ خُلِقت من ضِلَعٍ لن تستقيمَ لَكَ على طريقةٍ، فإنِ استمتعتَ بِها استمتعتَ بِها وبِها عوجٌ، وإن ذَهبتَ تقيمُها، كسرتَها وَكسرُها طلاقُها”.

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-عن رسول الله × قال: “يا معشرَ النِّساءِ! تصدَّقْن وأَكْثِرْن الاستغفارَ. فإني رأيتُكنَّ أكثرَ أهلِ النارِ. فقالت امرأةٌ منهن جَزْلَةٌ: وما لنا يا رسولَ اللهِ أكثرُ أهلِ النارِ. قال: تُكْثِرْنَ الَّلعْنَ. وتَكْفُرْنَ العشيرَ. وما رأيتُ من ناقصاتِ عقلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لذي لُبٍّ منكنَّ. قالت: يا رسولَ اللهِ! وما نقصانُ العقلِ والدِّينِ؟ قال: أما نقصانُ العقلِ فشهادةُ امرأتَينِ تَعدِلُ شهادةَ رجُلٍ. فهذا نقصانُ العقلِ. وتمكثُ الليالي ما تُصلِّي. وتُفطِرُ في رمضانَ. فهذا نقصانُ الدِّينِ”([21]).

عن أسامة بن زياد -رضي الله عنهما- عن النبي × قال: “ما تركت بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرجالِ من النساءِ”([22]).

وقال :” إِنَّما النِّساءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ”([23]).

هذه الآيات الكريمات والأحاديث الشريفة تبين لنا رؤية الإسلام للخصائص التكوينية للمرأة محددة لنا طبيعتها الخلقية المتميزة, تلك الرؤية التي يمكن بلورتها في نقاط أربع:

1- هناك اختلاف بين الرجل والمرأة في التكوين.

2- خصوصية التكوين الأنثوي مؤثرة على المرأة نفسيًا وعقليًا وجسديًا.

3- المرأة حسن وجمال وفتنه وعاطفة جياشة.

4- الاختلاف في التكوين يحتم اختلافا في الدور, ولنفصل الحديث.

1- نعم هناك اختلاف في التكوين:

خلق الله الذكر والأنثى تلك حقيقة بديهية لكنها قد تحدث التباسًا فيظن ظان أنهما متشابهان؛ ولذا كان البيان الإلهي واضحًا جليًا (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ)[24], فالله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى ولكنهما جد مختلفان. فحواء من آدم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً)[25], وكل من الذكر والأنثى ميزه الله وخصه بأمور غير الآخر (

وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ)[26](الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[27]؛ كما للمرأة أحوال تعايشها لا يقاسمها الرجل فيها, فهي عرضة للحيض وهو أذى(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)[28], والأذى المذكور يشمل الأذى الحسي المتمثل في دماء الحيض, والأذى الذي ينال المرأة من جراء التأثيرات السلبية على جسم وعقل ومشاعر المرأة النفسية, والمرأة تحمل كرهًا ووهنًا (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ)[29](حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ)[30] والحمل والرضاعة قد تطول (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)[31](وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)[32] والمرأة تتميز بالرقة والحسن فهي عنوان ومثال للبهاء الفتان الذي يخطف الأبصار ويملك قلوب الناس – كل الناس– (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ)[33]؛ ولذلك خصها الله بأحكام مراعاة لهذا الحال فالنساء مأمورات بأن (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)[34] و(يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)[35], (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ)[36], هذه بعض أوجه الاختلاف في التكوين بين الرجل والمرأة حرصت على ذكرها رغم وضوحها, لأن هناك[37] من يجادل بشأنها فينفي أي فارق وهناك من يقرر الاختلاف لكنه لا يمضي خطوة أبعد من ذلك ولا يرتب النتيجة المنطقية. وهؤلاء المجادلون يقول عنهم العقاد: “والحق أنه لما يؤسف له من آفات العصر الحديث زيغ التفكير الاجتماعي في مسائل الإنسان الجلية كهذه المسألة الخالدة مسألة التفرقة بين الجنسين في الكفاية والوظيفة وعلاماتها البينة أشد البيان في الحاضر وسوابق التاريخ فإن هذه المسألة الخالدة لتجمع بين الشمول المستفيض والعمق المتأصل بحيث لا تقبل اللبس ولا تدع للناظر أن يطيل التردد حول مقطع الرأي فيها لولا فتنة العصر بمخالفة القديم على هدى على غير هدى في كثير من جلائل الأمور.أ.هـ ([38]) وصدق!!

2- التكوين الأنثوي مؤثر على المرأة جسدًا وعقلاً و نفسًا:

إن التكوين المتميز للمرأة لم يكن قط عديم الأثر لكن في الحقيقة كان أثره عميقًا قويًا.. ولقد أشارت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلى تجليات هذا الأثر بوضوح وجلاء, فالحيض أذى ينال المرأة وهو أذى حسي كما هو أذى ينال عقلها ويؤثر على مشاعرها وحالتها النفسية, ولنتأمل الربط الدقيق بين الحيض ووصف النبي × للنساء بأنهن “ناقصات عقل ودين”[39] لنكتشف السر وراء هذا الوصف, فقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- نقصان العقل بكون شهادة المرأتين تعادل شهادة رجل واحد وكأنه يشير إلى قوله تعالى: (أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ)[40] ومن الشاهد أن النسيان وعدم التركيز أو الانتباه من أهم الآثار السلبية للحيض على المرأة, فالكفاءة العقلية للمرأة تتفاوت بين أيام حيضها وأيام طهرها لذا فإن شهادتها تتأثر بهذا التفاوت مما احتاج إلى جبر شهادتها بأخرى وهذا أثر من آثار طبيعتها التي فطرها الله عليها فإذا كان تفسير نقص العقل نتيجة للحيض لم يكن مباشرًا فإن تفسير النبي × لنقص الدين كنتيجة للحيض جاء واضحًا؛ فالمرأة تمكث الليالي ما تصلي, وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين ومن المعلوم أن المرأة في زمن الحيض تدع الصلاة أيامه, وكذلك الصيام في رمضان, والشريعة الإسلامية عندما جددت الأحكام الخاصة بالمرأة في حال الحيض راعت هذه الآثار ولم تهملها رحمة بها وتخفيفًا عن كاهلها ولنتأمل في هذه الأحكام, ولنتساءل: إسقاط الصلاة عن المرأة حال حيضها لماذا..؟, وعدم جواز صيامها أيام حيضها في شهر رمضان… لماذا؟ تحريم معاشرة المرأة حال حيضها (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)… لماذا؟ حتى الطلاق لا يكون على السنة إذا وقع في وقت الحيض أيضًا… لماذا؟. الإسلام دين الرحمة وهو يشرع هذه الأحكام اعتبر الأثر الخطير للحيض على المرأة فلم يكلفها بصلاة أو صيام فيه لأن نفسها تكون مثقلة وجسدها متعب منهك فكيف يحملها عبئًا إضافيًا. وكيف يبيح المعاشرة الزوجية والمرأة على تلك الحالة التي تدهم جسدها وتضطرب فيها مشاعرها مما يجعلها غير مقبلة أو متجاوبة مع رغبة زوجها المتأججة وهي بين خيارين أحلاهما مر, فإذا رفضت أثار ذلك الرفض حنق الزوج وتبرمه وقد يؤدي ذلك إلى تحطيم سفينة الحياة الزوجية, أما إذا تجاوبت فقد حملت نفسها مالا تطيق أو تحب فكانت الحكمة الإلهية أن يأتي المنع من السماء باسم الشرع فيرفع الحرج عنها ويبتعد الزوج طائعًا لربه وفي هذا رحمة بالمرأة وحفظًا لسفينة الحياة الزوجية من أن تتحطم على صخرة الشقاق والنزاع وكذلك المنع من طلاق المرأة في حيضها من أسبابه أن المرأة قد يصدر عنها وهي في هذه الحالة المضطربة ما يثير ضيق الزوج وحنقه مما يجعله يندفع نحو طلاقها غير منتبه إلى أن ما ينعيه عليها إنما عرض لمرض الحيض الذي يجعل المرأة أكثر عصبية وتوترًا وسرعان ما يضيع هذا مع انتهاء فترة الحيض ولياليه؛ لذا كان الطلاق السني هو ما وقع في طهر للمرأة لم يجامعها زوجها فيه, إن الاضطراب الذي تعاني منه المرأة يدهم أكثر النساء نتيجة للحيض قد عبر عنه النبي ×: تعبيرًا جميًلا دقيقًا وأرشد الزوج إلى كيفية التعامل معه ولنقرأ بإمعان قول النبي × “إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها” لن تستقيم لك على طريقة لماذا؟ إنه التكوين والأثر الخطير له على الجسد والعقل والمشاعر والحيض أحد تجليات هذه الخلقة المتميزة والتكوين المنفرد.

فالمرأة عند حملها([41]) وإلى حين ولادتها تعاني وتعاني… وفي ظل هذه المعاناة تتألم وتتعذب وما أعظم التعبير القرآني حين استخدم في وصف هذه المعاناة لفظي (الكره, والوهن ) ولنتأمل.. فأحدهما يخص النفس والمشاعر, والآخر يخص الجسد والبنيان (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا) و (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ) وبعد الولادة للمرأة ارتباط حميم بوليدها لا تتحمل غيابه عنها أو غيابها عنه ويجتاحها الحزن الداهم إذا ما تهدده خطر ولا تهدأ إلا بعد أن تضمه إلى صدرها وتغدق عليه من حنانها تمامًا كما حدث مع أم موسى عليه السلام بعد أن التقط آل فرعون موسى الوليد فكادت أن تنفطر شوقًا وخوفًا على وليدها ولم تهدأ حتى رد الله لها ابنها (فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[42].

إن مشاعر الرحمة والخوف والشفقة تملأ بها نفس المرأة في هذا الظرف وتغلب عليها الحالة العاطفية وعندما تسود العاطفة يتوارى العقل رويدًا رويدًا.. كل ما سبق يوضح أن لخصوصية التكوين الأنثوي أثرًا كبيرًا على حياة المرأة جسدًا وعقلًا ونفسًا فهل هناك شك في ذلك؟!

3- المرأة حسن وجمال وفتنة وعاطفة جياشة:

الحسن ميزة تتميز بها المرأة والجمال سمة من سماتها المتفردة.. ولم ينظر الإسلام إلى حسن المرأة نظرة ريبة أو اتهام؛ فالحسن النسوي هو هبة من الله فلا يمكن أن يقال بعد ذلك إن النساء لحسنهن شياطين وإذا كان الحسن والجمال هبة إلهية للمرأة فحتمًا هناك حكمة بالغة وراءها, فالحسن النسائي مطلوب لتلطيف الحياة القاسية ومشاقها وأيضًا لتقوية الانجذاب الغريزي للعنفوان الرجولي إليها حفاظًا على النوع الإنساني ولبناء المجتمع على أساس من الحب والمودة بين طرفيه الفاعلين وهما الرجل والمرأة (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[43] ولم يكن عجبًا أن تصير النساء أعظم مقصود للرجال –جل الرجال– ألم يقل الله تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)[44وكان طبيعيًا أن يكون حسن المرأة فتنة للرجال كما قال النبي ×: “ما تركت بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرجالِ من النساءِ”[45], وليس معني ذلك أن الرجال هم الضحية دائمًا وأبدًا والنساء هم الجناة, لا ليس هذا مقصود الحديث النبوي فالعيب ليس في حسن النساء ولكن العيب يكمن فيمن حاول اختلاس هذا الحسن بغير حق, والعيب أيضًا في التي لا تصونه فتجعله كلًا مستباحًا لكل أحد فتتفنن في الإيقاع بكل رجل مستغلة في ذلك حسنها ومؤججة به الدافع الغريزي الذي يجعل الرجل فريسة سهلة لها؛ ولأن الفتنة قد تقع بسبب أي من الطرفين كان من الضروري قطع أسبابها وسد منافذها[46], ومن ثم جاءت جملة من الأحكام الشرعية التي توفى بذلك الغرض منها ما هو خاص بالرجال ومنها ما هو خاص بالنساء ومنها ما هو لهما سويًا ومن هذه الأحكام ما تقرره النصوص الآتية:

قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ)47].

وقال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)[48].

وقال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ)[49].

وقال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)50].

وقال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)[51].

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ×: “صنفانِ من أهلِ النارِ لم أرَهما. قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربون بها الناسَ. ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ مائلاتٌ. رؤوسُهنَّ كأسنِمَةِ البختِ المائلةِ. لا يدخلْنَ الجنةَ ولا يجدْنَ ريحَها. وإن ريحَها لتوجدُ من مسيرةِ كذا وكذا”([52]).

عن أبي موسى قال: قال رسول الله ×: “أيُّما امرأةٍ استَعْطَرت فمرَّت على قومٍ لِيجِدوا ريحَها فهي زانيةٌ وكلُّ عينٍ زانيةٌ”([53]).

وعن بريدة قال: قال رسول الله ×“يا عليُّ: لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ فإنَّما لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخِرةُ”([54]).

عن عقبة بن عامر أن رسول الله × قال: “إيَّاكُمْ والدخولَ على النساءِ. فقالَ رجلٌ منَ الأنصارِ: يا رسولَ اللهِ، أفرأيتَ الْحَمُو؟ قالَ: الْحَمُو الموتُ”([55]).

عن ابن عباس أن رسول الله × قال: “لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا معَ ذِي مَحرمٍ”([56]).

عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله ×: “لأن يُطعنَ في رأسِ أحدِكم بمخيطٍ من حديدٍ خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له”([57]).

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله × “لا يحلُّ لإمرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ تسافرُ مسيرةَ يومٍ وليلةٍ إلا مع ذي محرمٍ”([58]).

كل هذه الأحكام جاءت لتتعامل بواقعية مع خاصية الحسن الذي يمثل سمة بارزة من سمات المرأة من ناحية, والانجذاب الغريزي بين الرجل والمرأة من ناحية أخرى, وكلاهما حقيقة من حقائق التكوين الجسدي والنفسي للإنسان فتشوف الرجال للنساء وتشوق كل منهما للآخر أمر مركوز في نفوسهما بشكل غريزي من العسر اقتلاعه ومن الحكمة عدم إغفاله, وقد صدق رسول اللهفي قوله:“ما من صباحٍ إلَّا وملَكان يُناديان: ويلٌ للرِّجالِ من النِّساءِ وويلٌ للنِّساءِ من الرِّجالِ”[59], نعم من الحكمة عدم إغفال هذا التشوق والتشوف بين الرجل والمرأة لأن الإغفال هنا يعني عصفًا بأسس بناء المجتمع التي أرادها الإسلام, عصفًا بالأسرة كلبنة من لبنات المجتمع, وعصفًا بالفضيلة كقيمة عظيمة, فكيف تستقر أسرة في ظل العلاقات المفتوحة دون قيود أو حدود بين الرجل والمرأة ونداء الغريزة جارف هدار والحسن النسوي جذاب فتان أمامه تضعف عقول الرجال, وتتزلزل قلوب الحكماء.

لم يأت الإسلام ليئد هذا الحسن أو يجهضه, ولا كي يكبت الغريزة أو يمحقها, ولكن أتى بتحويل مجرى فيضان النهر كي يعم الخير به, فللحسن مجاله, وله انطلاقه وللغريزة كذلك, ومجالهما يتحدد في إطار من العلاقة المشروعة بين رجل وامرأة في ظل ميثاق غليظ يجمع ما بين قلبين والحسن هنا سبيل للمودة ومؤجج للمحبة أراد الإسلام من المرأة أن توجه حسنها وعاطفتها في اتجاه الزوج فحسب أما بعيدا عن هذا الاتجاه فلا؛ وإن فعلت المرأة؛ كانت فتنة في الأرض وفسادًا كبيرًا, ومن ثم فسمة الحسن النسوي قد أوجب على المرأة أمورًا يجب أن تراعيها في حركتها, في ملبسها, في اختلاطها مع غيرها, في خروجها من بيتها لحاجتها, أو لعمل حتمته ظروفها, أو ظروف مجتمعها, وكل ذلك لسد أبواب الفتنة وحفاظًا على كيان الأسرة وحماية لقيمة الفضيلة.

إن سمة الحسن التي تغلب على المرأة قد ميزت عموم النساء بأخلاق فطرت عليها باستثناء من انتكست فطرتهن. فالحياء وحب التزين وحب الثناء والإطراء أخلاق غالبة على المرأة وكلها لها ارتباط وثيق بالحسن النسوي, ولعلنا نلحظ التناقض بين طبيعة المرأة الحيية في ترك التبذل والاختلاط ورغبتها العميقة في التزين وما ذلك إلا بغرض إظهار الحسن والبهاء.

وكذلك التناقض بين الحياء الذي يقتضي الستر والرغبة في سماع الثناء على تميز المرأة جماليًا وهو ما يقتضي الكشف عن المحاسن والإغراء بالمفاتن.

والحقيقة أن هذه الأمور لا تتناقض كما قد يتوهم البعض ولكنها تتكامل في نفس الأنثى السوية فالحياء إنما يمثل صمام الأمان الذي يحول بين عشق التزين وحب الثناء وحب التملق من أن يخرج عن مجاله المسموح أو أن يُعطى التزين أو يطلب الثناء من طريق ممنوع.

كما أن هذه الأخلاق تكشف عن طبيعة المرأة التي تحمل قدرًا من الازدواجية التي تحتاج لتأمل…

فالمرأة إبان حملها يتنازعها شعوران الأول شعور بالخوف ينبع من غريزة البقاء والحمل يهدد بقاءها وفيه مجازفة بحياتها, الثاني شعور بالزهو النابع من طبيعتها الأنثوية والحمل انتصار لها فهي فرحة وخائفة في آن واحد.

وهي أيضًا لا ترغب في أن تفني شخصيتها في غير نفسها وذاتها ولكنها أثناء وحدتها تطمع إلى أن تظفر بالرجل الذي تأوي إليه ويغلبها بقوته, ومن ثم تلحق وجودها بوجوده, وهي بذلك تجمع بين الانتصار والانكسار في لحظة واحدة, فهي منتصرة حين تظفر بالرجل الذي تحبه وتسعد بسيطرته وتملكه لها, وهي منكسرة لأن ذلك فيه ذوبان لها في غيرها, كل هذا إنما هو مردود طبيعي للتكوين الأنثوي, ومن ثم فإن من الطبيعي أن تغلب على تلك الطبيعة العاطفة لتكون لها الكلمة العليا لعلها تخفف من هذا التناقض أو على الأقل تسوغه.

4-  لكلٍ دور يناسبه:

رتب الإسلام على خصوصية وتميز التكوين الأنثوي وتفرده النتيجة المنطقية لذلك, متمثلًا في تميز الدور الذي يناط بالمرأة, فخصوصية التكوين تقتضي خصوصية الدور, وتفرد المهمة, فالرجل والمرأة لكل سعي يناسبه ومهمة تلائمه (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) فكل منهما ميسر لما خلق له, والحياة كي تسير في طريقها يجب أن ينشغل قاطنوها بما يلائمهم, دون محاولة لقلب سننها الحاكمة أو قفز على قوانينها الثابتة.

فليس من المعقول أن تتطلع المرأة التي خصت بالتكوين الأنثوي المؤثر عليها جسدًا ونفسًا لمهام تتنافر مع هذا التميز التكويني, وليس من المعقول أن تكلف المرأة فوق طاقتها بأعمال ينوء كاهلها بحملها, وقد حملت بمهمة الحمل والرضاعة والرعاية للصغار والكبار.

ليس من المعقول أن يناط بالمرأة الرقيقة الضعيفة أعمال تحتاج جلد الرجال وقوتهم وبأسهم([60]), وهل يصح إلقاء المرأة ذات الحسن والبهاء في أتون الاختلاط بالرجال حيث تهدر كرامتها وسط تحرشات الرؤساء والزملاء.

إن التكوين الأنثوي قد فرض كلمته في تحديد الدور المناسب للمرأة, وتجاهل ذلك ليس في صالح المجتمع قبل أن يكون خسارة تلحق بالمرأة, فهذا التكوين قد أفسح المجال للمرأة في أن تنفرد بميادين هامة وحيوية دون الرجل, لا لشيء سوى أنها أليق بها منه, فهل هناك شك أو ريب في أن ميدان الأنوثة ورعاية الطفولة حكر على المرأة دون الرجال, والإسلام قدم رؤيته بوضوح للرجال دور وللنساء دور, للرجل ميادين أليق به من الأعمال, وللمرأة رسالة[61] وميادين أليق بها وألصق.

وخاطب الإسلام الرجل والمرأة على حد السواء: ألّا يحاول أي منهم أن يقتحم ما لا يلائمة من أعمال أو يتمنى ما فضل به الآخر من ميزات, قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)[62]. ولعل الوقوف على سبب نزول هذه الآية الكريمة يزيد هذا المعنى بيانًا, وفي هذا يذكر الإمام ابن كثير[63]: (قال الإمام أحمد.. قالت أم سلمة يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو ولنا نصف الميراث, فأنزل الله (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ..).

وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: أتت امرأة إلى النبي × فقالت: يا رسول الله للذكر مثل حظ الأنثيين, وشهادة امرأتين برجل, أفنحن في العمل هكذا, إن فعلت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة فأنزل الله هذه الآية فإنه عدل مني و أنا صنعته.

وقال السدي في الآية: إن رجالًا قالوا إنا نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء كما لنا في السهام سهمان, وقالت النساء إنا نريد أن يكون لنا مثل أجر الشهداء, فإنا لا نستطيع أن نقاتل ولو كتب علينا قــاتلنا, فأبى الله ذلك, ولكن قال لهم سلوني من فضلي) أ. هـ.

ونفس المعنى نجده فيما رواه الطبراني([64]) عن ابن عباس قال: “جاءت النبي × امرأة فقالت: إني رسول النساء إليك, وما منهن امرأة علمت أو لم تعلم إلا وهي تهوى مخرجي إليك, الله رب النساء والرجال وإلههن وأنت رسول الله تعالى إلى الرجال والنساء, كتب الله الجهاد على الرجال فإن أصابوا أثروا وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون فما يعدل ذلك من أعمالهم من الطاعة؟ قال طاعة أزواجهن, والمعرفة بحقوقهن, وقليل منكن من يفعله”.

ونلمح في تلك المحاورة تسليم النساء بالفارق في ميادين العمل بين الرجال والنساء, ولكنهن ولفرط حرصهن على تحصيل الثواب والاستزادة من الحسنات يسعين ويبحثن عن سبيل تعوضهن عن حرمانهن من ميدان من ميادين الخير التي لا تلائمهن, وكانت الإجابة النبوية الحكيمة بردهن إلى ميدانهن الأصيل, ميدان الأسرة والبيت والعلاقة مع الزوج, ولعل في هذا ردًا بليغًا على شبهة لا يسئم بعض العلمانيين من ترديدها, فطالما ادعوا أن قصر عطاء المرأة على ميادين دون غيرها يعني أنها أقل منزلة من الرجل في الدنيا وأيضًا عند الله. ولو أنصفوا لقالوا: إن الرجال أيضًا قد خصوا بميادين دون غيرها, وأن هذا لا يحط من شأنهم أو ينقص من منزلتهم ولو دققوا لعلموا أن المنزلة عند الله لا علاقة لها بميدان العطاء بقدر ما تعتمد على العطاء المخلص سواء كان من رجل أو أنثى, ولذا فإن الله تعالى يقول: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)[65], إن اختلاف الدور بين المرأة والرجل يقتضي تحديد المجالات التي تناسب تكوينها العضوي والعقلي ومن ثم يتم تأهيل كل منهما بما يناسب هذا الدور.

وإذا كانت تلك هي كلمة الإسلام التي جاءت عالية مدوية منذ أربعة عشرة قرنًا من الزمان, فلنستمع إلى كلمة العلم ونحن نختم استعراض جزئيات الرؤية الإسلامية لنعلم عظمة هذه الرؤية وسبقها وريادتها فهي من لدن العليم الخبير.

 

المبحث الثاني

العلم يعانق الشريعة في قضايا المرأة

كلمة العلم الحديث لمن نقدمها؟ حتمًا هي للمؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم بعد أن سلموا بمنهج ربهم, ولكننا لا نجد أحدًا أحق في الاستماع لها من أولئك الذين يرفعون راية التنوير أو بالأحرى دعاة التزوير, ممن يروجون لدعاوي تحرير المرأة على أنغام الحضارة الغربية.. لكن لماذا هم دون غيرهم؟!

الجواب فإن هؤلاء دائمًا يخلعون على أنفسهم وعلى حديثهم صفة العلمية, ويرتدون دومًا مسوح العلم, ويدعون التبتل في معبده آناء الليل وأطراف النهار, فماذا عساهم يفعلون وقد جاءت كلمة العلم قاطعة واضحة حاسمة, وكما ذكر الأستاذ “عباس محمود العقاد” أن قضية التميز التكويني للمرأة وأثره على دورها أوضح من أن يجادل فيها مجادل ولكنه هوى مخالفة القديم على هدى أو على غير هدى”.

كان من المفترض أن أول من يسلم بهذا التميز والتفرد أولئك الذين لا يقتنعون إلا بالفروق المادية بين الأشياء ومن ثم يخصون كل شيء بما يليق له من دور أو وظيفة, ولكن الماديين الذين ابتليت بهم بلادنا لا يسيرون على هذه القاعدة دائمًا وأبدًا فهم يأخذون بها فيما أشرب هواهم, فانصياعهم للعلم انتقائي وفقًا لرغباتهم وشهواتهم ولم يكن يومًا إلا عند القليل منهم انصياعًا منهجيًا, وليس هناك أوضح من قضية المرأة وعملها في فضح مسلك هذه الطائفة من العلمانيين تجاه العلم وحقائقه.

ولنتساءل: ماذا كان موقف هؤلاء من الاختلاف البين بين تكوين الرجل الجسدي وتكوين المرأة؟ وما رأيهم في التباين بين قوة الرجل بنيانًا وضعف المرأة بنيانا وجسدا؟! وماذا عن آثار الحيض والحمل والرضاعة وانقطاع الحيض على بنية الأنثى وعقلها ومشاعرها؟!.

وإذا سألناهم لماذا تهملون هذا التميز البين؟ تجد إجابتهم على أحسن الفروض أن هذه فروق في الظاهر فحسب ويضيفون: يمكن تخفيف آثارها بمزيد من العلم والثقافة والإعانة للمرأة كي تتغلب على هذا التفاوت, وكأن واجب المجتمع أن يحول النساء إلى رجال بدلًا من الاعتراف بخصوصية التكوين ومن ثم الدور لكل منهما.

لكن على ما يبدو أن العلم كان له كلمة أخرى معهم, فالمسألة ليست خلافًا في الظاهر فحسب ولكنها أعمق من ذلك, إنها مسألة تختص بالمرأة كجنس وبمكونات خلايا جسدها والهرمونات المتدفقة عبر دمائها, ولنفسح المجال أمام كلمة العلم لنبدأ مع الدكتور “الكسيس كاريل” وهو يوضح هذه القضية فيقول([66]): إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص بالأعضاء التناسلية, ومن وجود الرحم والحمل, أو من طريقة التعليم, إذ أنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك إنها تنشأ من تكوين الأنسجة ذاتها ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيماوية محددة يفرزها المبيض.. ولقد أدي الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن المرأة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليمًا واحدًا, وأن يمنحا سلطات واحدة ومسئوليات متشابهة.. والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الرجل فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها, والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها وفوق كل شيء بالنسبة لجهازها العصبي, فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للانثناء شأنها شأن قوانين العالم الكوكبي فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي, فعلى النساء أن ينمين ويطورن أهليتهن تبعًا لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور, فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال في تقدمها, فيجب عليهن ألا يتخلين عن وظائفهن المحددة. إن دور الرجل في التناسل قصير الأمد, أما المرأة فيطول إلى تسعة أشهر في خلال هذه الفترة يغذي الجنين بمواد كيماوية ترشح من دم الأم من خلال أغشية الخلاص, وبينما تمد الأم جنينها بالعناصر التي تتكون فيها أنسجته فإنها تتسلم مواد معينة تفرزها أعضاء الجنين, وهذه المواد قد تكون نافعة وقد تكون خطرة, فحقيقة الأمر أن الجنين ينشأ تقريبًا من الأب كما ينشأ من الأم, وأن مخلوقًا من أصل غريب جزئيًا يتخذ له مأوى في جسم المرأة؛ فتتعرض المرأة لتأثيره خلال فترة الحمل وقد تتسمم المرأة في بعض الأحيان بواسطة جنينها, كما أن أحوالها الفسيولوجية والنفسية تكون دائمة التغير بتأثره.. صفوة القول أن وجود الجنين الذي تختلف أنسجته اختلافًا كبيرًا عن أنسجة الأم بسبب صغرها من ناحية ولأنها جزئيات من أنسجة زوجها يحدث أثرًا كبيرًا في المرأة, إن أهمية وظيفة الحمل والوضع بالنسبة للأم لم تفهم حتى الآن بدرجة كافية مع أن هذه الوظيفة لازمة لاكتمال نمو المرأة ومن ثم فمن سخف الرأي أن نجعل المرأة تتنكر للأمومة, ولذا يجب ألا تلقن الفتاة التدريب العقلي والمادي ولا أن تبث في نفسها النزعات التي يتلقاها الفتيان وتبث فيهم.

يجب أن يولي المربون اهتمامًا شديدًا للخصائص العضوية والعقلية في الذكر والأنثى, وكذلك لوظائفها الطبيعية فهناك اختلافات بين الجنسين غير قابلة للنقص ولذلك فلا مناص من أن نحسب هذه الاختلافات ونحن نسعى لإنشاء عالم متمدين.. يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل على الحمل فقط بل أيضًا على رعاية صغارها([67]) أ. هـ.

ويقول الدكتور عادل صادق: “وسبحان الله الذي كتب على المرأة معاناة من نوع خاص كلها مرتبطة بدورها كمصدر للحياة مع بدء الدورة ومع انقطاعها وأثناء الحمل وبعد الولادة وأثناء الرضاعة”([68]) أ.هـ.

“ويبدو أن المرأة قد كتبت عليها معاناة من نوع خاص ترتبط بها كامرأة أي بسبب جنسها”([69]) أ.هـ.

 ولنفصل الحديث إذن عبر نقاط أربع:

‌أ- أثر نزول الدورة على المرأة:

يقول الدكتور عادل صادق:”المرأة معرضة مرة كل شهر لأن تضطرب حالتها النفسية وذلك ارتباطًا بالدورة الشهرية, ففي مرحلة خلال شهر قبل الدورة أو بعدها أو حتى أثناءها تعاني المرأة من اضطراب نفسي واضح فتكون قلقة وعصبية ومتوترة ويضطرب نومها وتضطرب شهيتها أو تصبح عدوانية أو يزيد لديها الشك والحساسية تجاه الآخرين وتكثر خلافاتها مع زوجها أو مع أبنائها أو زملائها وجيرانها, أي تكون حالتها غير طبيعية بالمرة ولكن حدة الحالة تختلف من سيدة لأخرى, والطريف أن بحثًا علميًا أثبت ارتفاع معدلات الطلاق في أسبوع ما قبل الدورة الشهرية, وهنا مطلوب من الزوج أن يكون حساسًا لهذه المتغيرات وأن يتوقعها وأن يعرف موعدها الشهري, فالزوجة تحتاج لمعاملة خاصة خلال هذه الفترة الحرجة أي مطلوب من الزوج أن يتحملها. أ.هـ.

ويعدد لنا الدكتور ماهر عمران متاعب المرأة فيما أسماه طوفان العذاب الشهري فيقول: “عزيزتي المرأة إن شكواك هنا ليست شكوى واحدة أو حتى عشرة إنها قد تتعدي المائة والخمسين… نعم إنه طوفان من الشكاوي يفيض في الأسبوع السابق للدورة الشهرية, ثم لا يلبث أن ينحسر بنزول الدورة ليعاودك مرة أخرى في موعده, ومجموعة الأعراض التي قد تعانين منها قبل الدورة الشهرية, قد تبدأ في أية مرحلة من عمرك, وتزداد حدة في أواخر الثلاثينيات وحتى انقطاع الحيض, والآن أسألك هل تعانين من أي هذه الأعراض خلال الأسبوع أو ربما الأيام العشرة السابقة لدورتك وهي؛ توتر اكتئاب فتور انحراف المزاج ميل للبكاء, الميول العدوانية اختلاف الرغبة الجنسية نوبات من الدوخة أو الصداع أو الإغماء أو الصداع النصفي, آلام في العظام, زغللة في العين, التهاب الجفون, خشونة الصوت التهاب بالحلق, صعوبة البلع, التهاب بالجيوب الأنفية, اضطراب وظيفة التبول مع صعوبة وألم وكثرة التبول وعدم التحكم فيه, ألم بالثديين وعدم احتمال الملابس والخواتم والأحذية, العصبية, التشاحن مع الزوج والأبناء وربما الزملاء, ضعف القدرة الذهنية وعدم التركيز وقلة الإنجاز في العمل, الخمول والتبلد والميل للنوم”([70]) أ.هـ.

وقد يقول قائل إن هذه الأعراض تعتري القلة من النساء فحسب وفي بعض المراحل العمرية لهن دون غيرها, يجيب عن هذا الدكتور ماهر عمران فيقول: “إن الإصابة بالمتاعب والتي تعرف بمتلازمة ما قبل الحيض فقد قدر أن من 70% إلى 90% يعانين من الأعراض والمتاعب قبل الدورة الشهرية وأن 40% منهن يصلن إلى درجة مؤقتة من الخلل العضوي والنفسي كان من المعتقد أن تلك الظاهرة تزداد تفشيًا مع تقدم السن حيث أن واحدة من كل اثنين في ما بين الثلاثين والأربعين تشكو بدرجة ما من مظاهر التوتر قبل الحيض ولكن دراسة علمية تؤكد أن هذه المتاعب غير مقصورة على هذه الفترة فهي تحدث خلال فترة الإنجاب ولا يعرف لهذه الظاهرة سبب”([71]).أ.هـ.

وكي نقف على حقيقة ما يعتري المرأة من أحوال بسبب الدورة الشهرية فلنتأمل نماذج لنساء شاكيات يذكرها([72]) الدكتور محمود طلعت من خطابات أرسلت إليه تطلب المشورة, ومن هذه النماذج “أنا سيدة ثرثارة متفائلة أبلغ من العمر خمسة وعشرين عامًا هذه الصفات تستمر معي لمدة أسبوعين من كل شهر أما الأسبوعان الآخران فأكون شخصية مختلفة تمامًا أشعر خلالها بالاكتئاب ولا أتحدث كثيرًا كما أصبح حادة المزاج لا أتحمل أي كلمة من أي شخص وقد أثور لأتفه الأسباب, “نموذج أخر تقول صاحبته: “لم يتمكن أحد من مساعدتي فقبل دورتي بأسبوع أو ربما أسبوعين أشعر أن الكل يرغب في الابتعاد عني, فأنا مرهقة وأشعر بالدوار والصداع وحدة المزاج بشكل كبير, أنا واثقة أن الكل يكرهني حتى موعد نزول الدورة, حيث أشعر بالتحسن, ولكن بعد أسبوعين تعاودني تلك الأعراض المزعجة, أحيانًا أكون مزعجة لدرجة تنفر الجميع مني وأبكي لساعات طويلة هل هناك من حل”.أ.هـ.

وبعد هذه النماذج الواقعية لعلنا نتساءل عن سبب حدوث التغيرات الجسمية, والعقلية والنفسية عند وقبيل نزول الدورة الشهرية, يجيب عن ذلك الدكتور محمود طلعت فيقول: “أعراض ما قبل الطمث سببها عدم التوازن بين نسبة هرموني الإستروجين والبروجسترون وهو ما يسبب الاضطرابات التي تشعر بها السيدة, والبروجسترون يحتفظ بالملح الذي بدوره يسبب احتباس الماء في الجسم وهو ما يسبب الزيادة المفاجئة في الوزن والشعور بضغط في البطن والأمعاء, وكذلك تؤدي إلى تورم غشاء المخ مسببًا العديد من الأعراض”([73]) أ.هـ.

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يقول الدكتور محمود طلعت: “كل أعراض الطمث والتقلصات والقيء والغثيان والشحوب والعرق التي ذكرتها الشاكيات نتيجة لارتفاع مستوى هرمون بروستاجلاندين وقد بدأنا حديثًا في التعرف على هذا الهرمون القوي الذي يفرز من جميع أنحاء الجسم من الرجال والسيدات, فإذا أعطي الرجل أو المرأة هذا الهرمون في أي صورة سوف يشعر كل منهم بنفس تلك الأعراض, وقد يصاحبها كذلك الحمى والإغماء, وقد يتفاقم تأثير هذا الهرمون إلى درجة إضعاف الأعصاب مما يصيب الشخص بالضعف والإغماء”([74]).أ.هـ.

إذا كان ما سبق بيانًا للأعراض السابقة لنزول الدورة والأعراض المصاحبة لها والسر الذي يقف وراءها فماذا عن الأثر عند انقطاع الحيض عن المرأة أي عند وصولها وبلوغها ما يسمى بسن اليأس؟.

‌ب- أثر انقطاع الحيض على المرأة:

سن اليأس عبارة كريهة لدى كل امرأة متى سمعتها أثارت لديها الشجن والألم لارتباط هذا السن بإحساس المرأة بانتهاء جانب كبير من دورها كأم أو أنثى ناهيك عن الآلام الفظيعة المصاحبة والتي تدهم المرأة دون هوادة أو رحمة ولنتعرف على تفاصيل ذلك من الدكتور ممدوح المهدي حيث يقول: “سن اليأس هو انقطاع الدورة الشهرية ويحدث هذا الأمر عندما يتوقف المبيض عن إفراز الهرمونات الكافية لاستمرار الدورة الشهرية, والمبايض لا تتوقف فجأة عن عملها ولكن توقفها يكون بطريقة تدريجية قد تستمر شهورًا قليلة إلى بضع سنوات عند بعض السيدات, وفي عدد قليل منهن قد تتوقف الدورة عدة شهور ثم تعود ويتكرر ذلك إلى أن تتوقف نهائيًا, ولا يمكن لأحد أن يتكهن بميعاد حدوث سن اليأس ولكن الغالب يحدث بين سن 45, 55 عامًا, ومن غير المعتاد أن يحدث قبل أو بعد هذا السن, وفي بعض النساء ثبت علميًا أنه لا يمكن التأكد من الوصول إلى سن اليأس إلا بعد انقطاع الدورة أو إجراء تحاليل لبعض الهرمونات, ولكن قبل انقطاع الدورة بحوالي سنة أو سنتين تصبح غير منتظمة فقد تتأخر عن موعدها أو تأتي كثيفة أو تظل لمدة طويلة تكون كميتها قليلة وخفيفة, وقد تعاني المرأة من سخونة (هبو) واحمرار بالوجه والعنق ويكون ذلك مصحوبًا بالعرق, إن الشيء الوحيد الأكيد هنا الذي يحدث هو انقطاع الدورة وأغلب النساء يعانين من السخونة (الهبو بالوجه أو العرق بدرجات متفاوتة) وعند البعض منهن تكون هذه الأعراض شديدة وغير مريحة وتسبب ضيقًا وحرجًا, كما أن كثيرًا من النساء يعانين الجفاف المهبلي والذي يسبب صعوبة أثناء اللقاء الجنسي, وقد يشكين من الأرق في هذه المرحلة وعلى الرغم من أن الاكتئاب عرض شائع إلا أنه ليس شكوى دائمة نتيجة انقطاع الدورة, أما أعراض انتفاخ البطن وألم الثدي والاضطرابات النفسية وعدم القدرة على التركيز التي تعاني منها المرأة في مراحل سابقة من حياتها فهي تزداد في هذه المرحلة وتسبب آلامًا شديدة لها”([75]) أ.هـ.

ويضيف الدكتور عادل صادق: “ومع انقطاع الدورة الشهرية تعاني المرأة أيضا والأعراض تكون جسدية ونفسية وأشهر الأعراض الجسدية السخونة المفاجئة التي تجتاح كل الجسم مع العرق الشديد, والأعراض النفسية تكون في صورة توتر شديد وأرق مصحوب بالاكتئاب, قد تزداد احتمالات الإصابة بالاكتئاب في مثل هذه السن وقد تكون الأعراض بسيطة محتملة وقد تأخذ أبعادًا مرضية تستلزم العلاج الحاسم”.أ.هـ.

هذه نبذه عن الأعراض المصاحبة لما يسمي بسن اليأس فماذا عن أثر الحمل والولادة على المرأة؟

ج- أثر الحمل والولادة على المرأة:

الحمل عبء نفسي وجسدي على المرأة يمتد لعدة أشهر بسبب الانقلابات الهرمونية المصاحبة لبدء الحمل, ويفصل الدكتور عادل صادق جانبًا من هذه فيقول: “فترة الحمل قد تكون من أشق الفترات على المرأة بالرغم من الفرحة العارمة حين يثبت حملها إنها تبدأ في المعاناة الجسدية من الآم وغثيان وقيئ وشتى الأعراض العضوية والجسدية المختلفة التي تحدث بسبب الانقلابات الهرمونية المصاحبة لبدء الحمل, ولكن ثمة نوعية أخرى من المعاناة تجتاح بعض النساء وهي المعاناة النفسية التي تصل إلى حد المرض, فمن قلب فرحتها بالحمل تنبعث التعاسة والحزن والشعور باليأس والضيق والرغبة في التخلص من الجنين, أو حتى الرغبة في الخلاص من حياتها.. حالة اكتئاب كاملة تصيب المرأة مع بداية الحمل وتستمر معها ما استمر الحمل ولا تدري المرأة سببًا لحزنها وتعاستها ويأسها وتدمع عيناها وتفقد شهيتها وتصاب بالخمول والإعياء وسرعة التعب وعدم الرغبة في عمل شيء وإهمال ذاتها وبيتها وأطفالها وتهرب إلى النوم والانزواء وعدم القدرة أو الصبر على مخالطة الناس وقد تنتابها أحاسيس سلبية ناحية زوجها ويشتد الخلاف… الزوج قد لا يدرك أن إهمالها له ولبيتها إنما بسبب مرض نفسي مرتبط أساسًا بالحمل, الزوجة ذاتها لا تعرف أن معاناتها بسبب حملها([76]).أ.هـ.

هذه جملة من المتاعب والآلام الناجمة عن الحمل فماذا عن الولادة وآلام الولادة, وآلام الوضع ليست هي نهاية المطاف بالنسبة لمتاعب المرأة الحامل لكن هناك متاعب إضافية محتملة الحدوث ولنستمع مرة أخرى لكلمة الطب الحديث…

يقول الدكتور عادل صادق: “المرأة قد تصاب بالاكتئاب أثناء الحمل أو بعد الولادة واكتئاب ما بعد الولادة قد يكون شديدًا أو قاسيًا وتضطرب المرأة تمامًا وتصاب بالحزن وتبكي وقد تفكر أيضًا في الخلاص من حياتها أو قد تصاب بالهياج والهلاوس والهذاءات أي حالة عقلية حادة… وقد تشعر بمشاعر سلبية شديدة تجاه وليدها فتكرهه وتتمنى موته”.([77]) أ.هـ.

ثم بعد الولادة تأتي فترة الرضاعة واحتياج الرضيع الدائم لأمه احتياجًا للبنها واحتياجًا إلى حنانها حتى يشتد ويقوى ويشب سليمًا سويًا, وكل هذا وإن مثّل عبئًا إضافيًا على المرأة فهو عبء تُقبل عليه بحب وشغف يستغرقها ويستهويها ويملك جنانها, فهي مشتغلة بوليدها وإن كان أمامها متلهفة عليه متى غاب عنها لا يرتاح لها قلب ولا تغمض لها عين إلا بعد أن تضمه إلى صدرها وتغدق عليه من ينبوع حنانها.

‌د- التكوين العاطفي للمرأة وأثره:

لا جدال في أن المرأة تغلب العاطفة على تكوينها النفسي.. فالرجل التكوين العقلي لديه غالب مع قليل من العاطفة أما المرأة ذلك المخلوق الرقيق فالعاطفة عندها جياشة قوية غالبة وما ذلك إلا تهيئة من خالقها للقيام بدورها ووظيفتها.. ووظيفتها كزوجة يسكن إليها وليفها بعد عناء وتعب وكأم يحتاج لحنانها وليدها وسائر فلذات كبدها, فالتكوين العاطفي هنا ليس نقيصة ولكن مزية تتكامل مع غلبة التكوين العقلي للرجل على عاطفته, مزية تجعل الحياة أكثر لطفًا ورقة كي يشب الصغار بين عاطفة الأم الرحيمة وحزم الأب الحكيم, هذه الطبيعة العاطفية للمرأة نلحظها في مواقف الحياة اليومية عندما تسيل دموع المرأة لرؤية طفل يتألم, أو سماع نبأ محزن, أو قصة مؤثرة, إلى غير ذلك من الأمور التي قد تجعلها تتفاعل معها بطريقة قد تؤدي بها إلى الوقوع في براثن المرض أو الحزن أو الاكتئاب وهذا هو الوجه الآخر لمزية التكوين العاطفي للمرأة.

ولما كانت العاطفة غالبة فقد نرى المرأة وقد استهوتها كلمات منمقة جوفاء قد لا تحمل بين جوانبها سوى الغدر والخداع, وقد يملك قلبها من يجيد اللعب على أوتار المشاعر فلا تلتفت إلى صوت العقل في تقييمها لهذا الثناء فتسقط فريسة للمحتالين والمخادعين الذين لا يرقبون فيها خلقًا أو إيمانًا.

أمور كثيرة تتبدى فيها عاطفة المرأة كسمة أصلية في تكوينها ولعل أهم هذه الأمور ما أشار إليه الأستاذ العقاد في قوله: “من الطبيعي أن يكون للمرأة تكوين عاطفي خاص لا يشبه تكوين الرجل لأن ملازمة الطفل الوليد لا تنتهي بمناولته الثدي وإرضاعه ولابد معها من تعهد دائم ومجاوبة شعورية تستدعي شيئًا كثيرًا من التناسب بين مزاجها ومزاجه, وبين فهمها وفهمه, وبين مدارج حسها وعطفها ومدارج حسه وعطفه, وهذه حالة من حالات الأنوثة شوهدت – دون مماراة–كثيرًا من أطوار حياتها منذ صباها الباكر إلى شيخوختها العالية فلا تخلو من مشابهة للطفل في الرضى والغضب, وفي التدليل والمجافاة, وليس هذا الخلق مما تصطنعه المرأة وتتركه باختيارها إذ كانت حضانة الأطفال تتمة للرضاع, تقترن فيها أدواته النفسية بأدواته الجسدية ولا تنفصل إحداهما عن الأخرى, ولا شك أن الخلائق الضرورية للحضانة وتعهد الأطفال الصغار أصل من أصول اللين الأنثوي, الذي جعل المرأة سريعة الانقياد للحس, والاستجابة للعاطفة, يصعب عليها ما يسهل على الرجال من تحكيم العقل, وتغليب الرأي, وصلابة العزيمة, فهما ولا شك مختلفان في هذا المزاج اختلافًا لا سبيل للمماراة فيه”([78]). أ.هـ.

تلك كلمة العلم عسى أن تصل إلى أسماع الذين يمارون في تلك القضية من دعاة وأدعياء التنوير فهل تصل إليهم فيقبلون أم ينطبق عليهم قول الشاعر:

لقد أسمعت لو ناديت حيًا ولكن لا حياة لمن تنادي

أملنا ألا يكون الأمر كذلك.

ويبقى أمامنا أن نبحث عن الأدوار العظيمة التي في انتظار المرأة على هدى من تلك الرؤية السامقة للإسلام التي جاءت كلمة العلم الحديث معانقة لها.

%  %  %



([1]) سورة الليل الآيات 3-4

([2]) سورة آل عمران: الآية 36.

([3]) سورة البقرة: الآية 228.

([4]) سورة النساء: الآية 34.

([5]) سورة لقمان: الآية 14.

([6]) سورة الأحقاف: الآية 15.

([7]) سورة البقرة: الآية 282.

([8]) سورة آل عمران: الآية 14.

([9]) سورة الزخرف: الآية 18.

([10]) سورة البقرة: الآية 222.

([11]) سورة الأعراف: 189.

([12]) سورة البقرة: 233.

([13]) سورة النور: الآية 31.

([14]) سورة الأحزاب: الآية 59.

([15]) سورة الحجرات: الآية 13.

([16]) سورة آل عمران: الآية 195.

([17]) سورة النحل: الآية 97.

([18]) سورة النساء: الآية 1.

([19]) سورة النجم: الآية 45.

([20]) متفق عليه واللفظ للبخاري.

([21]) رواه مسلم.

([22]) متفق عليه واللفظ لمسلم.

([23]) رواه أحمد في مسنده وأبو داوود والترمذي وصححه الألباني. وفيه قال الخطابي: (أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطبع فأنهن شققن من الرجال) ا.هـ.

([24]) سورة آل عمران: الآية 36.

([25]) سورة النساء: الآية 1.

([26]) سورة النساء: الآية 32.

([27]) سورة النساء: الآية 34.

([28]) سورة البقرة: الآية 222.

([29]) سورة لقمان: الآية 14.

([30]) سورة الأحقاف: الآية 15.

([31]) سورة الأحقاف: الآية 15.

([32]) سورة البقرة: الآية 233.

([33]) سورة آل عمران: الآية 14.

([34]) سورة النور: الآية 31.

([35]) سورة الأحزاب: الآية 59.

([36]) سورة الأحزاب: الآية 32.

([37]) مثل ما جاء بالكتاب الأخضر الذي وضعه الرئيس الليبي معمر القذافي إذ أراد إثبات المساواة التامة بين الرجل والمرأة واستدل على ذلك بأن المرأة كالرجل لأن لها عقلًا وقلبًا ولسانًا…إلخ كالرجل فلا فرق إذن بينهما وكانت آخر غرائبه أو قل عجائبه قوله لعدد من النساء الليبيات أنتن كالأثاث تعليمكن خسارة وتربيتكن خسارة الأفضل أن تمتن وذلك بعد أن وافقت الأمينات المساعدات للمؤتمرات الشعبية على قانون إباحة تعدد الزوجات للرجل دون اشتراط موافقة الزوجة الأولى كما كان معمولًا به من قبل ذلك فما كان من القذافي إلا أن مزق هذا القانون الجديد أمامهن وقال كلمته السابقة غضبًا عليهن وأمر المحكمة العليا بالتحقيق مع من وافق على ذلك أ.هـ.

([38]) المرأة في القرآن الكريم لعباس محمود العقاد دار نهضة مصر ص12.

([39]) سبق تخريجه.

([40])سورة البقرة: الآية282 راجع قول الألوسي في تفسير الآية بيان لحكمة مشروعية الحكم واشترط العدد في النساء أي شرع ذلك إرادة أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت أحداهما لما أن النسيان غالب على طبع النساء لكثرة الرطوبة في أمزجتهن أ. هـ روح المعاني.

([41]) قال ابن كثير في تفسير قوله تعالي: (حملته أمه كرهًا ووضعته كرها): أي قاست بسببه في حال حمله مشقة وتعباً من وحم وغثيان وثقل وكرب إلى غير ذلك مما ينال الحوامل من التعب والمشقة ووضعته كرهاً: أي بمشقة أيضًا من الطلق وشدته أ. هـ تفسير القرآن الكريم ج4 ص 147م. س.

([42]) سورة القصص: الآية 13.

([43]) سورة الروم: الآية 21.

([44]) سورة آل عمران: الآية 14.

([45]) سبق تخريجه.

([46]) قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة م. س ص41.

([47]) سورة النور: الآية 30.

([48]) سورة النور: الآية 31.

([49]) سورة النور: الآية 31.

([50]) سورة النور: الآية 31.

([51]) سورة الأحزاب: الآية 32.

([52]) رواه مسلم.

([53]) رواه ابن حبان وابن خزيمة والنسائي والحاكم وصححه الألباني.

([54]) رواه ابن حبان والترمذي وحسنه الألباني.

([55]) رواه البخاري ومسلم والترمذي.

([56]) رواه البخاري ومسلم, وابن حبان واللفظ للبخاري.

([57]) رواه الطبراني ورجاله ثقات, الترغيب والترهيب ج3 ص69.

([58]) رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة وأحمد والترمذي, واللفظ لمسلم.

([59]) رواه ابن ماجه والحاكم وقال صحيح الإسناد, الترغيب والترهيب ج3 ص65.

([60]) راجع قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة م. س ص36, 40.

([61]) من العجيب أن يري البعض ممن ينتسبون إلى الإسلام دور المرأة في بناء الأسرة دورًا هامشيًا ينتقص من دورها بينما نجد من غير المسلمين من يحتفي برؤية الإسلام في هذا الصدد, ويقول حليم فريد تادرس مستشار الفلسفة بمركز تطوير المناهج: تلك هي كلمة العلم في قضية الـمرأة وهـي لا= =تخرج عن كلمة الإسلام وذلك أن الإسلام جعل الصغير في المقدمة ورعاية الأولاد في شريعة الإسلام تفوق في الطاعات الجهاد في سبيل الله.. إن رسالة المرأة جليلة كل الجلال على الرغم مما تبدو عليه من تواضع في نظر العقول السطحية وهي أكثر أهمية ومشقة من رسالة الرجل إذا ما أديت على وجهها الصحيح. فالمرأة ليست فقط حارسة البيت والأسرة بل هي بالإضافة إلى ذلك حارسة الإنسانية ومن أهم عوامل تحررها من الذعر الهائل الذي يهيمن كالسحابة السوداء على قلب إنسان العصر؛ ومن هنا فإن كل محاولة ترمي إلى تحرير المرأة على حساب طبيعتها وما فطرت عليه من استعدادات وأخلاق وسلوكيات لا بد أن تؤدي إلى تعاستها وليس إلى تعاستها فقط بل تعاسة الإنسانية جمعاء وحسبنا ظاهرة أطفال مفاتيح الشقة التي شاعت في المجتمعات الغربية وانتقلت عدواها إلى مجتمعنا حيث أصبح مألوفًا رؤية مفاتيح الشقة وقد تدلت على صدور أطفال المدارس الابتدائية الذين يعودون إلى بيوتهم مبكرين ساعات قبل عودة آبائهم وأمهاتهم من العمل خارج البيت تقهرهم المخاوف وتستهلكهم الكآبة, وهو ما حمل المرأة الأمريكية في احتفال الولايات المتحدة يوم 23 إبريل الماضي بعيد المرأة العاملة على رفع شعار عودي إلى البيت وليس معني ما تقدم أننا ندعو لحبس المرأة خلف أسوار الحريم لكن المعني هو ألا يجور عملها خارج البيت على أداء رسالتها ولا يتعارض مع طبيعتها وما فطرت عليه من= =استعدادات وأخلاق وأن يحفظ لها كرامتها وينأى بها عن مظاهر العنف والإرهاق ولا يكلفها ما لا طاقة لها به أ. هـ من مقال رسالة المرأة بين كلمة العلم وكلمة الزمن لحليم فريد تادرس الأهرام 8 / 11 / 1998 ص10.

([62]) سورة النساء: الآية 32.

([63]) تفسير القرآن العظيم ج1/ص2.

([64])الترغيب والترهيب م. س ج3ص74.

([65]) سورة آل عمران: الآية 195.

([66]) من كتاب الإنسان ذلك المجهول للدكتور / الكسيس كاريل نقلا عن منهج التربية الإسلامية للأستاذ/ محمد قطب الطبعة الثامنة 1408 – 1988 دار الشروق ج3 ص251.

([67]) راجع أيضاً في هذا المعنى تحقيق المرأة المسلمة بين التشريع والواقع المنشور بمجلة منار الإسلام عدد (4) لسنة 24ص81 والرأي المذكور للدكتور سعد كمال طه عميد طب الأزهر جامعة أسيوط.

([68]) أسرار البيوت في العيادة الطبية د. عادل صادق أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس, كتاب اليوم الطبي عدد173 ص69, راجع مقال لماذا تشكوا المرأة من المتاعب قبل الدورة الشهرية د. علاء عبدالمجيد خليل استشاري الجلدية والتناسلية الأهرام14/12/1998 ص24.

([69]) المصدر السابق.

([70]) مقال عندما تشكو المرأة طوفان العذاب الشهري للدكتور ماهر عمران أستاذ أمراض النساء والتوليد بطب عين شمس جريدة الأهرام المصرية 16/11/1998م ص28 وراجع في ذلك أيضاً مقال متاعب ما قبل الدورة الشهرية للدكتور فاخر فؤاد جندي استشاري توليد وأمراض النساء والعقم “مجلة طبيبك الخاص عدد رقم 355 ص46.

([71]) المصدر السابق.

([72]) مشاكل المرأة لها حل للدكتور محمود طلعت كتاب اليوم الطبي 176 ص81, ص83.

([73]) مشاكل المرأة لها حل م. س. ذ ص82.

([74]) مشاكل المرأة لها حل م. س. ذ ص94.

([75]) مقال سن اليأس والعلاج الهرموني للدكتور ممدوح المهدي مجلة طبيبك الخاص عدد 350 ص27.

([76]) أسرار البيوت في العيادة النفسية م. س. ذ ص69 وراجع أيضاً عيادة السيدات الأصحاء الدكتور فاخر فؤاد جندي بطبيبك الخاص عدد رقم353 ص31.

([77]) أسرار البيوت في العيادة النفسية م. س. ذ ص48, ص65.

([78]) المرأة في القرآن لعباس محمود العقاد م. س ص14.

التعليقات

موضوعات ذات صلة