القائمة إغلاق

الإخوان بين الأمس واليوم.

 
د أحمد زكريا عبداللطيف
لا شك أن جماعة الإخوان كبرى جماعات الإسلام السياسي في العالم،وبمرور تسعين عاما على تأسيسها ،لابد من وقفات مع هذه الجماعة للنظر فيما تحقق وما تم الإخفاق فيه،ليس من باب التقليل أو الهضم لحقوقهم ،بل من باب النصح والحرص على قوى الإسلام العاملة.
تربية الجيل الجديد على اتباع الدليل:
فما بالنا إذا وجد البعض وهم يرون الصواب والحق المطلق في ركاب حركتهم، والسداد والحكمة لا تجري إلا على ألسنة قادتهم وأئمتهم، فكل رأي يخالف آرائهم سقيم شاذ، وكل رؤية تخالف رؤاهم إما عليلة منبطحة ترضى الهوان والذل وإما متطرفة مغالية لا تعرف الواقع وستؤدي إلى نفق مظلم .
فينشأ الشباب بهذا الفكر الجامد الذي يراوح مكانه ويحول الناشئة إلى نموذج كربوني فاقد للتفكير والإبداع والابتكار، إذ الحق مع قادته والحكمة في طريقته.
توطين عقول الشباب على قبول الحق من أي أحد:
وتمر الأيام وتظل المياه راكدة، فلا جديد لدى القادة ولا حلول صحيحة تحفظ الدين والوطن والعرض والمال ويصبح انسداد الأفق هو سمة المرحلة ولو جاء الفرج من طريق آخر وطرحت الحلول من حركة أخرى وجرى السداد على ألسنة قادة آخرين تجد القوالب الجامدة التي رضعت تسفيه الغير واتهامه بكل نقيصة جاهزة لإقامة المحرقة لمن تسول له نفسه للخروج على القادة والأئمة حتى لو كان القائد من نفس الحركة وينتمي لنفس الفكرة والهدف والغاية .
وهذا خطر داهم على الحركات والجماعات العاملة بحيث يصل المجموع في النهاية إلى مجموعة من الأقزام التي لا تستطيع شيئا ولو كانت بالملايين وتتحول العقول إلى المحاكاة والتقليد وتصبح مجموعة من الببغاوات والقرود لا تملك حيال قضاياها المتأزمة سبيلا .
ويظهر هذا جليا في الحركات التي لا صوت فيها يعلو على صوت القائد والزعيم فعندما يموت أو يعتزل تتحلل الحركة وتتلاشى مع الوقت , أما الحركة النابهة الواعية الدارسة لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم جيدا فيوجد فيها تواصل أجيال ويكثر فيها العباقرة والأفذاذ الذين يملكون بوصلة الحل للمعضلات والمشاكل فلا ينفد معين الحركة ولا تصبح مجرد رد فعل لعدوها بل تملك الفعل ابتداء وهذا وربي أمر ينبغي أن تربى عليه الناشئة ويؤصل في جيناتهم إذا كنا بحق طامحين في تغيير المعادلة لحساب ديننا وأوطاننا.
أزمة الثقة بين القيادة والأفراد:
لعل من أشد الأزمات خطورة على مصير الدول والجماعات أزمة الثقة بين أفراد تلك الدولة أو تلك الجماعة وبين قادتها، فيظهر العوار في مسيرتها وتتوالى النكبات في طريقها وكلما ازدادت الأزمة حدة كلما سيطر الفشل على تلك الدولة أو الجماعة، ولعل من أسباب اهتزاز الثقة في نفوس الأفراد ضبابية القادة في إدارتهم، فلا أهداف واضحة، ولا خطط دقيقة، ولا رؤية معلنة، ولا تبرير مقنع للقرارات المتخذة، وبالتالي تنعدم الثقة يوماً بعد يوم فيتحول الأمر من الثقة الكاملة في قرارات القادة إلى الشك الكامل ومن الجندية الكاملة إلى التمرد الواضح ومن ثم يصبح الأفراد عبئاً على خطط القادة، بل ومعول هدم في بناء الجماعات والدول، وهذا السبب الخطير – فيما أرى – هو سبب زوال الأمم والجماعات، وقد لاحظت ذلك واضحاً من خلال معايشتي لكثير من شباب الحركة الإسلامية في السجون، وأصبحت الثقة في نفوس هؤلاء الشباب شبه منعدمة في قادة الحركة، بل والخطير أن كثيراً منهم تحول عن وجهته الفكرية نهائياً، وترك جماعته بل صار البعض شديد النقض لجماعته بل وصل البعض للعداء الشديد لحركته التي دخل السجن تحت رايتها، وهذا جرس إنذار يضرب بشدة في آذان قادة الحركة أن ينتبهوا لهذا الخطر الداهم، فلو كان الأمر بالنسبة للدول فالأمر ميسور فالشعوب قادرة على تغيير الفاسدين والفاشلين، أما بالنسبة للجماعات فالأمر يمس العقيدة والفكر والتربية والسلوك، ولابد على القادة والمفكرين أن يعيدوا طرح أفكارهم بطريقة تراعي عقول الشباب المتوثبة والطامحة إلى المعرفة والاقتناع، وأن لا يقع القادة أسارى لصوت الجماهير الغاضبة مع فقد القدرة على إسقاط الأفكار على أرض الواقع فتهتز الثقة بين الأفراد والقيادة، فلابد من طرح رؤية واضحة وأهداف قابلة للتطبيق بما يناسب الزمان والمكان ليلتئم الشرخ من جديد وتعود الثقة في نفوس الأفراد فهل من مجيب ؟!
التعليقات

موضوعات ذات صلة