د.عصام دربالة
{ لتُبيِنُنَّهُ لِلِنَّاسِ وَلا تَكْتمونَه }
ما أكثر القضايا التى تفرض نفسها على أمتنا اليوم وتحتاج إلى بيانٍ شافٍ وإيضاحٍ كافٍ لموقف الإسلام منها .
وكم من المآسي والأخطاء التى كُتِب على أمتنا أن تعيشها مرتين أو مرات لافتقاد البيان الصادق، أو لشيوع البيان الفاسد، أو من جَرَّاء البيان الناقص .
وكثيرًا ما نرى مَن تواتيه الشجاعة – كل الشجاعة – في بيان موقف الإسلام من أخطاء مخالفيه , ويفتقد فى ذات الوقت أدنى شجاعة لبيان أخطائه هو،أو أخطاء مؤيديه .
ـ إن كثيراً ممن يعملون للإسلام وينخرطون فى الجهاد قد ألغَوا ممارسة الصدعِ بالحقِّ في وجه حكومات يعُدُّونها جائرةً أو قوىً عُظمىَ يرونَها ظالمةً ؛ ولكنهم يغفلون أو يتغافلون عن بيان الموقف مِن صواب هذه أو تلك , ومن باب أَولىَ سيصمتون عن بيان الموقف من أعمال المجاهدين الخاطئة تجاه هذه أو تلك؛
والحقيقة أن هذا الخلل لا ينفرد به بعض العاملين للإسلام إنما هو ظاهرة تكاد تسيطر على كثيرٍ من التيارات السياسية على اختلاف اتجاهاتها , فقَلَّما نجد من يهتم ببيان أو تصحيح الخطأ الذي صدر منها , وقلِّما نجد من يعترف منها بصواب خصمه فى موقفٍ ما , وغالبًا ما يأتى بيانها يتَّسِم بالتبرير لتبرئة الذات وإدانة الغير .
وكثيرًا ما عانىَ العاملون للإسلام أنفسهم من هذا الأسلوب حيث دأبَ معارضوهم على ذكر نقائصهم , وكتم فضائلهم وجحد مناقبهم , لذلك فالإسلاميون هم أَولىَ الناس بترك هذا الأسلوب الإنتقائي في البيان فهم أكثر من عانى من ويلاته.
كما أن هذه الطريقة الإنتقائية فى البيان لتتعارض مع الأمر الإلهي فى قوله تعالى { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه }آل عمران(187 ) فضلا عن تناقضها مع العدل الواجب الإلتزام به والذي قرَّره الله تعالى فى قوله { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَومٍ عَلىَ أَلَا تَعدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوَىَ }[1] المائدة (8)