د أحمد زكريا عبد اللطيف
إن المشهد الحالي الذي تعيشه أمتنا العربية والإسلامية،وحالة الثورة والغليان التي تعيشها الشعوب بعد فترات طويلة من الاستكانة تحتاج إلى كثير من التدقيق والنظر،لمحاولة الاستفادة الحقيقية من روح الثورة،وتحقيق التغيير المطلوب على كل مستويات الأمة.
ثم هذه الإحباطات المتوالية التي أصابت الجموع باليأس من التغيير ،سواء كان في العالم الإسلامي مشكلة مسلمي بورما،أو مشكلتنا المزمنة فلسطين،أم مايحدث في بلادنا من ظلم وقمع وفقر.
لذا بداية علينا أن نتصف ولو لمرة في حياتنا بالشجاعة فنستبدل عبارة النظام الفاسد بعبارة المجتمع الفاسد; فمصر لم تكن مدينة فاضلة فأمسك بتلابيبها نظام فاسد,وإنما كان المجتمع منذ عقود ممارس لأشكال فساد كثيرة يأتي في مقدمتها النفاق والتناقض, فراح الفساد يتزايد تلقائيا مع( ركود) المشهد لعقود أخري; فجميعنا كنا شركاء فيما آل إليه حالنا بدءا من كناس الشارع, ومرورا بكل واحد منا كان له واسطة, وانتهاء برءوس النظام!!
فكفانا إذن توزيع للتهم والفضائح, وكفانا شماتة وتشفي في الناس; فهذا ليس من شيم الكرام!!
وفي هذا ـ واليوم فقط ـ أجدني استشف تفسيرا جديدا لكلمات الله في محكم كتابه: “وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا“; إذ توحي لي هذه الكلمات المطهرة اليوم فقط بأن فسق مترفيها ليس كافيا فقط لنزول العذاب, وإنما نجاحهم في إفساد الآخرين أيضا فإذا بالعذاب حتمي, وكأن نزول العذاب برهان قاطع في حد ذاته علي أن الفساد قد عم وانتشر ولم يعد حكرا علي المترفين وحدهم ـ فحق العذاب علي الجميع!!
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
فلله في خلقه سنن لا تحابي أحدا،فلابد أن يبدأ التغيير من جموع الناس إلى الأحسن،لأن الله جل وعلا يغير ما بالناس إذا غيروا، فإذا كانوا على طاعة واستقامة ثم غيروا إلى المعاصي غير الله حالهم من الطمأنينة والسعادة واليسر والرخاء إلى ضد ذلك بسبب معاصيهم وذنوبهم، وقد يملي لهم سبحانه وقد يتركهم على حالهم استدراجاً ثم يأخذهم على غرة ولا حول ولا قوة إلا بالله، كما قال الله عز وجل: “ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار“،و قال سبحانه: “فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون“، فالواجب الحذر، فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يلزم الحق، وأن يستقيم عليه وألا يحيد عنه إلى الباطل فإنه متى حاد عنه إلى الباطل فقد تعرض لغضب الله، أن يغير قلبه وأن يغير ما به من نعمة إلى جدب وقحط وفقر وحاجة وهكذا بعد الصحة إلى المرض،وهكذا بعد الأمن إلى خوف إلى غير ذلك، بأسباب الذنوب والمعاصي، و هكذا العكس إذا كانوا في معاصي وشرور وانحراف ثم توجهوا إلى الحق وتابوا إلى الله ورجعوا إليه واستقاموا على دينه، فإن الله يغير ما بهم سبحانه من الخوف والفقر، والاختلاف والتشاحن إلى أمن وعافية واستقامة وإلى رخاء وإلى محبة وإلى تعاون وإلى تقارب فضلاً منه وإحساناً سبحانه وتعالى، ومن هذه قوله تعالى: “ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم“، فالعبد عنده أسباب، عنده عمل، عنده إرادة، عنده مشيئة، ولكنه بذلك لا يخرج عن قدر الله سبحانه وتعالى، فالواجب عليه أن يستعمل ما استطاع من طاعة الله ورسوله، وأن يستقيم على ما أمره ربه وأن يحذر ما نهى الله عنه.
فلنبدأ من الآن
فهيا نغير من أنفسنا ،فلا رشوة ولا محسوبية ولا واسطة،ولا نفاق ولا مداهنة.
هيا لنأمر بالمعروف ،وننهى عن المنكر.
هيا لنأخذ على يد الظالم،ونساعد يد العادل.