بقلم الدكتور/ أحمد زكريا عبداللطيف
تتقلب الدنيا بالإنسان رأساً على عقب منذ مولده حتى وفاته ,والناس تتفاوت فى التعامل مع تقلبات الدنيا بين صابر شاكر وبين ساخط جاحد . أما المسلم الذى فهم عن الله وعن رسوله فله حال دائم لا ينفك عنه مهما عصفت به الأنواء وتلاطمت به الأمواج فهو رهن إشارة وطوع أمر , وقد عمّق لدى هذا المعنى المحنة الحالكة التى ألمت بمصر بعد انقلاب 3/7 , وظهور الكثير من المصريين بصورة مغايرة لما كان الحال قبل الانقلاب, فإذا بالرايات تتبدل والولاءات تتغير ويموج الجميع فى آتون الفتن ,فمنهم من عصفت به الفتن حتى قضت عليه نهائيا, ومنهم من شوهته الفتن ومزقته ونسخته ومنهم… أما أصحاب العزمات والفهم الدقيق للسنن الإلهية كان لهم شأن آخر وقفوا الموقف الذى يرضى ربهم وتطمئن له قلوبهم دون مبالاة برضى راضٍ أو سخط متسخط ولو كلفهم ذلك حياتهم لأنهم رهن إشارة وطوع أمر . فقد ملأ هذا المعنى المهم كيانى وخاصة بعد دخولى السجن بعد الانقلاب وأخذت أتأمل فى أحوال الناس بين الأمس واليوم أى قبل 3/7 وما بعدها فوجدت الرجال العظماء الذين عاشوا حياتهم لله فداءً لمبدأهم ودفاعاً عن عقيدتهم مرابطون خلف ثغور هذا الدين غير هيّابين للسجون والقتل والتعذيب ورأينا النماذج الباهرة التى ستظل حجة على كل المتخاذلين والمتحولين والراكنين إلى المتاع القليل من حطام الدنيا. رأينا كيف ضحى المسلمون بآلاف الشهداء فى المشاهد المختلفة فى الحرس الجمهورى والمنصة وفض رابعة والنهضة وأحداث رمسيس وغيرها ,وخلفت تلك الملاحم أسماء لا تنسى فمن ينسى أسماء البلتاجى وحبيبة عبدالعزيز وهالة أبو شعيشع وغيرهم الكثير. فقد قدمت الجماعة الإسلامية العشرات من الشهداء قديما وحديثا فداءً لهذا الدين فمنهم الهادى سيد عبدالفتاح أبو المجد ,ورجب الشربينى ,وسيد الخولى ,وأشرف عبدالكريم ,وحسام الغنيمى وغيرهم ثم كانت قمة التضحيات برأس الجماعة الإسلامية وعالمها وشيخها وربان سفينتها الدكتور عصام دربالة وشاعر الجماعة الخطيب المفوه عزت السلامونى الذين حولوا الشعار لواقع ملموس على أرض الحقيقة وكانوا بصدق رهن إشارة وطوع أمر ولعلى أقولها بكل سعادة حقيقية أنى أحمد الله على هذه المحنة وكم رأيت من منن وفيوضات فيما ما كنت لأراها إلا وسط هؤلاء المظلومين من شباب مصر الغالى غير المسيس وما دفعه لهذا الموقف الذى كلفه سنوات من عمره خلف القضبان يقاس الحرمان والجوع والظلم إلا حب هذا الدين والحرص على مستقبل هذا الوطن العظيم. رأيت شيوخا تجاوزوا الستين من عمرهم راضين محتسبين صابرين وشبابا صغارا تتراوح أعمارهم بين العاشرة والعشرين. رأيت أسودا مغاوير مقبلين على القرآن حفظا وتلاوة وقياما شبابا مكتهلين فى شبابهم يتحملون المسؤلية يبشرون بمستقبل زاهر. ومن المبشرات التى أسعدت قلبى أن معظم المعتقلين والمحكومين شبابا صغارا بل أكاد أجزم أن نسبتهم تتجاوز 75% من ضحايا الانقلاب خلف الأسوار ,وجلهم لا ينتمى لفكر معين- اللهمّ إلا حب هذا الدين وهذا الوطن وهذا مما يبشر بمستقبل مشرق لمصرنا الحبيبة أن جيلا فتيا قادم على طريق النصر والعز والتمكين من بين هذه الآلاف الحاشدة خلف الأسوار والتى تجاوزت الأربعين ألفا حسب مصادر المحايدين منهم. وأنا مع إخوانى خلف الأسوار نحاول أن نزرع فى نفوسنا ونفوس هذا الجيل تلك السمة الفاصلة أن يكون المسلم رهن إشارة وطوع أمر