النصر كلمة حبيبة وخاصة لدى المؤمنين ،وطريق النصر شاق ومر قد امتلاء بالعقبات ،ولا يقطعه الا الرواحل التى لها صبر عليه وقوة وعزم ،ومثابرة .. وكم من السالكين جازوا عقبة او عقبلات فيه ثم خارت قواهم ،ولم تقو الاقدام على حملهم وآخرون لما طال بهم الطريق اصابهم اليأس والقنوط ،وصاروا هم عقبة الخوف والهلع ،وثالث عقبة الراحة والدعة ،وهكذا لا نجد على الطريق الا الرواحل .. فليس كل الأبل تصلح للسفر فى الصحارى .
وصحراء الاستضعاف لصوصها اكثر وارضها قاحلة وشمسها حارقة ،وليلها مُظلم بهيم من اراد اجتيازها فليكن من ارواحل النادرة التى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الناس كأبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ” رواحل .. النصر ليس آخر محطاتهم فطريقهم ممتد الى جنة عرضها السموات والارض ،والنصر احمد معالمه ،وطريق النصر يتطلب معرفة بإتجاهه ودروبه ومنحنياته وفهماً لعقباته ووعياً بالاعداء ،ومكائدهم ومؤمراتهم .
طريق النصر يحتاج سراً حثيثاً بحذر وانطلاق وبتخطيط ونظام آناء الليل واثناء النهار فالرواحل لا تفترق بالليل او النهار ،وتتحمل الصعاب ،وتركتب المتاعب ،وتعانق الاهوال بائلة المجهود للوصول الى المحبوب .
صياغة الشخصية المسلمة :-
وراحلة تهفو نفسها الى الجنة وتتحرق شوقاً للنصر لابد لها من صياغة فكل مهمة من المهام تتطلب صناعة لمن يقوم بها ،وهاهو موسى كليم الله يهيئه الله لمهمته ،ويدربه على معجزة العصا “ولتصنع على عينى ” “صبغة الله ومن احسن من الله صبغة” نعم لابد من صياغة للشخصية المسلمة توفر لها المقومات التى تؤهلها للجنة ،وتستجلب لها النصر ؛فالجنة والنصر والتمكين اشياء لا يهبها الله الا لمن يحبه ،ويرضى عنه يهبها لمن سار إليه بقلبه على بصيرة ،وبينه من منهج الله القويم ،الجنة والنصر لتلك القلوب الخاشعة المختبئة والأجساد الطائعة العابدة لله فى كل وقت ،وحين واعباء الطريق وعقباته تحتاج لعطاء مستمر ،ولآداء بوعى وتنظيم وتدبر وتفكير وصياغة الشخصية المسلمة يجب ان تصنع لنا ( نموذجاً يمشى كأنه قرآن على الارض ) صياغة الشخصية يجب ان تنتج لنا المسلم الممتثل للمنهج ومقتضياته القادرعلى الدعوة له وبيانه والمنفعل بأهدافه بكل كيانه لا نريد صياغة تفرز لنا نموذجاً مشوهاً تسير بغير علم او نجدها انكبت على العبادة ،وتركت العمل او عملت ،ولكن بغير وعى نريد نموذجاً يجتمع فيه العلم والعمل والطاعة وكمال الخلق نموذجاً يتحرك بوعى ويتحدث بفهم ،ويصدع بحق ،ويدعو بحكمة ،ويسعى بإخلاص وصدق نريد نموذجاً مرتب الفكر بعيد النظر يعمل ،وقلبه معلق بالسماء يحمل هموم الإسلام على كتفيه يواجه وروحه على كفيه نريد نموذجاً قادراً على اعباء الدعوة ،والامر بالمعروف ،والنهى عن المنكر ،والجهاد فى سبيل الله ،ولم يدعنا ربنا سبحانه وتعالى فى هذا الامر دون إعانه وإبانه “ايحسب الإنسان ان يُترك سدى” فقد اصطفى نبيه صلى الله عليه وسلم يحمل منهجه من جملة البشر كى يكون نموذجاً للكمال البشرى امام انظار السائرين الى الله كى يقتدوا به ويصنعوا انفسهم على شاكلته “لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة” والشخصية المسلمة المطلوبة اليوم لابد ان ترتشف من هدية ونبعه الصافى : من خُلقه ،وحلمه وكرمه ،وسخائه وشجاعته وإقدامه من زهده فى الدنيا وإقباله على الآخرة من كمال العقل ورجاحة الفكر من حسن المعاملة ،وجميل المعاشرة من عدله وإحسانه وبذله وإيثاره وبإختصار من كل شئ .
رواحل النصر

التعليقات