دراسات دعوية
أيها الدعاة … إنما أجركم على الله
بقلم / قسم الدعوة بالجماعة الإسلامية
إن الداعية إلى الله ودينه الإسلام عليه أن لا ينتظر أجرًا من الدنيا من أحد من الخلائق فأجره على الله عز وجل، فلا يطلب الداعي أجرًا على دعوته من الناس سواء كان هذا في صورة مادية من مال أو منصب، أو سلطان، أو كان في صورة معنوية من مدح وثناء إلى غير ذلك من الأغراض الدنيوية، وهذا هو دأب دعاة الحق في كل زمان ودأب رسل الله الكرام، وهم أعظم من دعا إلى الله على وجه الأرض قاطبة .. ألم تقرأوا في كتاب الله عز وجل ما قاله نوح لقومه موضحًا لهذه الحقيقة ومبينًا لها فقال تعالى: {إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ (108) ومَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلا عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعرا: 106 – 109]، وحينما ألح إليه الملأ من قومه إنهم لن يؤمنوا إلا إذا طرد هؤلاء الفقراء والضعفاء الذين آمنوا معه … قال لهم: {ويا قوْمِ لا أسْألُكُمْ عليْهِ مالاً إنْ أجْرِي إلا على اللّهِ وما أنا بِطارِدِ الذِين آمنُوا إنّهُم مُّلاقُوا ربِّهِمْ ولكِنِّي أراكُمْ قوْماً تجْهلُون} [هود: 29]، وكأنه بذلك يقول لهم: إني لا أطلب مالاً ولا أجرًا دنيويًّا على دعوة الخلائق حتى أكون صغيًّا بالأثرياء والأقوياء دون الفقراء والضعفاء وحتى أطرد الفقراء المؤمنين لا لسبب إلا الفقر، فالناس عندي كلهم سواء لا يتفاوتون إلا بطاعتهم لله. وكأنه يقول لهم: إن من يستغن عن دينار الناس ودرهمهم يستوي عنده الفقير والغني، ولا يتفاضلون إلا بالتقوى، ألم تقرأوا ما قصه القرآن العظيم عن هود عليه السلام وهو يخاطب قومه قائلاً: {يا قوْمِ لا أسْألُكُمْ عليْهِ أجْراً إنْ أجْرِي إلا على الذِي فطرنِي أفلا تعْقِلُون} [هود: 51]، وكأنه يقول لهم: تعرضون عن دعوة الحق التي جئتكم بها وأنا لا أطلب منكم أجرًا عليها، وأريد متاعًا دنيويًّا أو عرضًا فانيًا بل أنتظر الأجر من الله الذي خلقني وفطرني أفلا تعقلون؟ هل عميَّت أبصاركم وتحجرت قلوبكم وتعطلت عقولكم حتى غفلتم عن هذه الحقيقة؟ أين عقولكم التي تفقه وتفهم وتدرك هذا المعنى.
بل إن جميع المرسلين لا يسألون الناس أجرًا على دعوتهم كما أوضح ذلك صاحب يس وهو ينصح قومه ويعظهم: {قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وهُم مُّهْتَدُونَ} [يس: 20، 21]، ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو أعظم الخلق دعوة إلى الخالق سبحانه وتعالى وهو أسوة الدعاة وقدوتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.