منذ سنوات نشرت احدى الصحف عن اسطوانة مضغوطة تداولها الناس تحقيقا مطولا مدعوما بصور فاضحة وعناوين مثيرة عن قس قالوا بعدها انه كان مشلوحا -اى معزولا – يمارس ممارسات داعرة فى بعض الكنائس والاديرة .
كان التحقيق بصوره ومانشيتاته وتفصيلاته مقززا و مثيرا للاشمئزاز وكان فى نفس الوقت مهينا وفاضحا ورغم ذلك فوجئنا بمظاهرات شبابية عارمة فى كاتدرائية العباسية وبالبابا يعلن إلغاء محاضرته الأسبوعية احتجاجا على ماذا .. لا ندرى .. وان كان بالطبع ليس على القس الداعر .. ثم اذا بالمظاهرة تريد الخروج الى الطريق العام فى ميدان العباسية المزدحم وهم يهتفون لامريكا وشارون .
فوجئ رجال الامن بذلك فسارعوا باعتراض المظاهرة خوفا من حدوث فتنة ففاجأهم سيل من الطوب والحجارة أصابت بعضا من الضباط والجنود وهكذا اضطرت الحكومة ان تلقى القبض على رئيس تحرير الصحيفة وتلقى به فى السجن – مات الرجل فى السجن جزاء كشفه بعضا مما تخفيه تلك الأسوار العالية التى تحيط بالكنائس والأديرة – ، ثم لما قبضت الشرطة على بعض من اولئك الذين رشقوها بالطوب والحجارة بتهمة مقاومة السلطات اعتصم البابا فى الدير وأعلن الصيام احتجاجا على القبض عليهم ولم ينه اعتصامه ولا صيامه الا بعد ان افرج عنهم رغم انف النيابة والقانون .
استدعيت من ذاكرتى هذه القصة متأملا موقف قيادات الكنيسة تجاه ابنائهم رغم ما ارتكبوه من جرائم ليس فى حق المجتمع ورجال الشرطة فقط وانما حتى فى حق الكنيسة نفسها وشعب الكنيسة ، وتذكرت الحدث وانا اسمع استغاثات شيخنا وأستاذنا العالم الازهرى الأستاذ الدكتور عمر عبد الرحمن من سجون امريكا وارى فى ذات الوقت صمت القبور تجاه استغاثاته من شيخ الازهر وشيوخه .
* والشيخ عمر لمن نسيه من علماء الازهر هو استاذ التفسير بجامعة الازهر فرع اسيوط حكم عليه بالسجن 246سنه فى الولايات المتحدة بتهمة التحريض العام ضد امريكا اذ لم يثبت علاقته بحادث تفجير مركز التجارة العالمى الذى حوكم على خلفيته لا تحريضا ولا مساعدة هذا ما ذكر فى حيثيات الحكم وهى تهمة كما ترى ليس لها لون ولا طعم فى اى قانون والعالم كله الان يمارس هذه الجريمة ضد امريكا دون نكير من احد ولذلك فان القاضى اليهودى الذى حاكمه انما قضى عليه بموجب قانون ملقى فى الادراج فى محاكم امريكا لم يستعمل منذ اكثر من قرن ونصف اى قبل اختراع المحاكم والقوانين الحديثة .
* وبموجب هذا الحكم القى فى سجون امريكا فى حبس انفرادى ومنعوه ان يزوره احد حتى اهله ومنع من الاختلاط بالمساجين الاخرين باختصار انهم يعاملونه هناك معاملة غير أدمية وهو الرجل المسن – سنه حوالي السبعين سنه – الضرير المثقل بامراض السكر والضغط وغيرها .
لم يعتد الشيخ ان يشكو فقد من الله عليه بعزيمة شديدة وصلابة عالية تمنعه ان يشكو لغير الله معاناته وآلامه وانما تحمل طوال هذه السنين بصبر عجيب وثبات لا يضارع .
وفى اخر اتصال مع اهله فاض به الالم بعد ان انهكه ورم البنكرياس فشكى لزوجه وولده وطلب منهم الدعاء ، لقد اثقلته الامراض والسنون حتى ما عادت اقدامه تقله وصار يتحرك فى اطراف الزنزانة على كرسى متحرك اللهم عافه واعف عنه وانجه من الظلمة المجرمين .
سيدى شيخ الأزهر السادة المشايخ الإجلاء :
* غريب على الأزهر ان يسمع انات احد أبنائه وعلمائه ولا يحرك علماؤه ساكنا ولا تهتز قلوبهم كان الامر لا يعنيهم .
* غريب على أزهرنا ان يرى ابنا من أبنائه تمتهن كرامته ويتعرض لكل هذا التعنت والامتهان والتمييز بالخلاف لكل قوانين ولوائح الدنيا بل لكل الأخلاقيات ولا يرى ذلك حطا لكرامة الجامعة العتيدة بما فيها ومن فيها .
غريب ان يرى الازهر ابنا من ابنائه يتكالب عليه السن والمرض والعاهة فضلا عما يلقاه من تضييق وقتل بطئ ولا يتالم لألمه ولا يحزن لحزنه .
هل احتاج الى ان اذكركم ان العلماء اجمعوا على وجوب السعى فى فك اسر الاسير بكل ما يملك المسلمون من سبل وان يبذلوا فى ذلك النفس والمال . اين مساعيكم فى هذا الامر ؟
لن نناقش حقيقة التهمة التى ادانوه بها والحكم المحكوم به فقد ضيع الاعلام الحقيقة وسط ضباب كثيف من الدجل والخداع .
* نقول هب انه مستحق لهذا السجن – وهو ليس كذلك – اليس فى كل قوانين الدنيا يتم الإفراج عن مثل هذا السجين المثقل بالسن والأمراض المختلفة التى يكفى اى منها للافراج عنه ، الا ترون ان الانسانية تستلزم منكم موقفا مساندا له فى محنته .. هل يوجد فى كل سجون الدنيا مسجون سبعينى مثقل بكل هذه الامراض غيره .
* اليس من حقه عليكم كمسلم اولا ثم كعالم ازهرى ثانيا ان تسعوا فى فك كربه ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : ” من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامه . ” .
* ايها السادة العلماء الذين سارعوا باعلان الفتاوى فى الطبيب الذى عوقب فى السعودية وطبقا لقوانينها الشرعية هل يجوز ان يسجن مسلم فى بلاد غير المسلمين بمثل هذه التهمة .. وهل يجوز تجاهل السعى فى فك اسره وتفريج كربه .
اليس السعى فى الإفراج عنه احد الواجبات الشرعية على كل بلاد المسلمين باعتباره مسلما عالما مجاهدا، ثم اين صوتك يا سيدنا شيخ الازهر فى هذه القضية ؟.
* لن اعيد الحديث فى حقه الشرعى فى ان يسعى الازهر ورجاله فى فك اسره وانقاذه وانما اتسائل اليس له حق شرعى شخصى اخر عليك يستلزمه الوفاء – الم يكن احد تلاميذك الذين ناقشت رسالة الدكتوراه له ..
الم يزاملك التدريس بكلية اصول الدين وعمل تحت رئاستك – الا يستحق ابنكم العالم الازهرى الذى تتلمذ عليكم وزاملكم ودرس لتلاميذه القران وتفسيره ، ان تذكروه بكلمة حق تسانده فيها فى محنته وتطالب بحقه الشرعي فى الخروج من السجن ولو لمرضه .
يا شيخ الازهر ويا رجال الأزهر.. للأزهر مكانته فى القلوب برجاله ومواقفه وهذا وقته ومكانه .