بقلم..م. أسامة حافـظ
كان الأول على محافظة المنيا في الثانوية العامة أهله تفوقه للالتحاق بكلية الطب بجامعة أسيوط .. وكان على ما عرف من تفوقه دَمث الأخلاق رقيق الحاشية مما جمع على محبته قلوب كل من عرفه من أصحابه وأساتذته ولكنه رغم تدينه كان عازفا عن مشاركه الجماعات الإسلامية المختلفة التي كانت تملأ ساحة الجامعة في ذلك الوقت من السبعينات, لقد كان رجلا قرآنيا.
نعم كان رجلا قرآنيا وجه اهتمامه الأول والأخير إلي القرآن الكريم يحفظ آياته ويدرس أحكامه ويتقن تلاوته .. وكان إلي جانب إتقانه هذا عذب الصوت يجتمع الناس للصلاة خلفه حيثما حل. وفي المنيا كان يصلي التراويح إماماً في جمعية الشبان المسلمين فيأتيه الناس من حدب وصوب يضربون إليه – كما يقول العرب – أكباد الإبل من البلدان المجاورة للصلاة خلفه فيملأ ون الشوارع المحيطة بالمسجد بقدر ما يصل صوت مكبر الصوت من مدي.
ومنذ قرابة السنوات العشر بدا له ولإدارة جمعية الشبان المسلمين أن تنشئ الجمعية مدرسة لتعليم القرآن وتحفيظه بإشرافه.
وبالفعل بدأت الفكرة تدخل حيز التنفيذ في أيام صعبه كانت فيها المشاكل بين الجماعة الإسلامية والحكومة في أوجها .. وكان دائما ما ينظر بارتياب إلي أي تجمع يقوم على الدين .. ولكن الحب الذي وضعه الله في قلوب الجميع للطبيب الشاب والثقة التي أشاعها بسمته الهادئ ورماته أخلاقة جعلت جميع المسئولين يشجعون هذه المدرسة ويرحبون بها.
وهكذا بدأت في المنيا مدرسة القرآن الكريم بجمعية الشبان بإشراف هذا الطبيب .. وتوافد الناس من محبي القرآن وحفظة وتلاوته على المدرسة من سن 4 سنوات وحتى سن الوفاة محققين إقبالا ليس له مثيل على كتاب الله.
ثم ومع النظام الصارم للمدرسة وكفاءة معلميها وجهاز إشرافها المجد تنامت المدرسة وشاع حفظ القرآن وإتقان تلاوته في أرجاء المنيا ورحب المسئولون جميعا بها حتى أن كبار المسئولين في المنيا كانوا يحضرون حفل التخرج السنوي للمدرسة ويوزعون بأنفسهم الجوائز.
وبدأت مدارس القرآن تنتشر في مراكز المنيا وقراها متمثله المدرسة الأم وملتزمة نظامها ولوائحها حتى أنك لا تكاد الآن أن تجد جمعية ولا مسجد يخلو من مدرسة للقرآن الكريم يدرس فيها خريجي مدرسة الشبان المسلمين.
وتتابعت التبرعات على المدرسة ليبدأوا في بناء صرح خاص بمدرسة القرآن ارتفع حتى وصل قرابة الأدوار العشرة. وهكذا بدأ يشيع حفظ القرآن في مجتمع المنيا بشتى طوائف من الأطفال الصغار إلي الشباب إلي كبار السن وشاع التنافس الممتع بين الناس فيه.
وصار من حديث الناس الكلام عما حفظ من كتاب الله وما درس من أحكام تلاوته وشاع أسم الطبيب الشاب كراع لمدارس القرآن في شتي الأنحاء وصار مصدر الثقة أن تنسب مدارس القرآن لمتابعته.. وصار من حديث الناس أن من أراد أن يتقن حفظ القرآن وتلاوته فليذهب إلي المنيا ومدارس القرآن فيها.
وتذكرت حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم “من دل على خير فله مثل أجر فاعله …” وأخذت أحسب من حفظوا علي مر السنوات السابقة في مدرسة الشبان ومن تخرج من معلميها ومن تتلمذ على هؤلاء المعلمين ومن سار على نهج هذه المدرسة من مدراس ومن تعلموا فيها ومن علموهم ومن سيتعلم على هذا النهج إلي يوم القيامة .. كل هذا تحسبه في ميزان حسنات الدكتور (أحمد عبد الفتاح) والعاملين معه بالشبان المسلمين الذين نحسبهم مخلصين والله حسيبهم. نسأل الله أن يجزيه أجزل الجزاء بما ساهم به في حفظ كتاب الله ونشره بين الناس.
د. أحمد عبد الفتاح , رجل قرآني وتجربه رائدة

التعليقات