يومياتي في معرض الكتاب.. ـ 4 ـ سؤال إجابته معروفة
بقلم: المهندس أسامه حافظ
ينقسم المعرض – باستثناء سوق الكتب القديمة – إلي عنابر يسمونها (هناجر) وكل واحد من هذه الهناجر ينقسم إلي صالاتعرض مختلفة المساحة تقوم المكتبات باستئجارها من إدارة المعرض بقدر ما تحتاج لعرض ما لديها من كتب وبقدر ما تعرض المكتبة من كتب وتتوقع من أرباح من بيعها بقدر ما تستأجر من مساحات تناسب ذلك.
وقد انتبهت أثناء تجوالي في المعرض إلي كثرة غير طبيعية لصالات عرض الكتب المسيحية.. فعنبر 2 مثلاً به 22 صالة عرض متجاورة تختلف في مساحتها من صالة لأخرى وعنبر 3 فيه 9 صالات بل وفي كل الأماكن البارزة توجد صالات لعرض الكتاب المقدس بأحجام وطبعات مختلفة، فعند مدخل المعرض من جهة شارع صلاح سالم توجد صالة كبيرة وعند مدخله من جهة مدينة نصر توجد واحدة وعند سوق الكتب القديمة توجد واحدة أيضاً.. ولقد دخلت أكثر هذه الصالات على مدي أيام المعرض فوجدت تقريباً أن الكتب الموجودة هنا هي ذاتها الكتب الموجودة في الصالات الأخرى مع تغير طفيف قد لا يلاحظ، وأن هذه الكتب لو اجتمعت في صالة واحدة أو أثنين من الصالات المتجاورة لما ملأتها إذ أن التنوع فيها قليل.
ووجدت بعض هذه الصالات قد علقت لافتات تشير إلي دور نشر معروفة أو مجهولة والبعض الآخر لم يعلق أي لافتة تدل على مصدر هذه الكتب أو صاحبها.
ووقفت بعض الوقت أتابع حركة البيع والشراء فوجدتها بطيئة جداً وقليلة بالقياس لما يتحمل من نفقات في سبيل ذلك العرض بل إن هذا العدد الكبير من الصالات قد وضع إلي جوار بعضه بعضاً بحيث يستغني السائر بواحدة أو اثنين عن دخول باقي الصالات لأنها تكرار لما رآه.
ويعرض في هذه الصالات وفي أماكن بارزة وبصورة مبالغ فيها تماثيل وأيقونات وصور تحمل مظاهر ورموز مسيحية وهي ليست مما يباع في المكتبات ولا مجال لها في معرض الكتاب.
والأكثر من ذلك أن كل صالة من هذه الصالات بها مجموعة من الشباب والشابات – الروشين – تلبس البنات منهن عادة سراويل – بنطلونات – ستريتش الضيقة – محزقة – أو تنورات – جونلات – قصيرة وقمص – بلوزات – مثل ذلك وهم وهن يعترضون السائرين ليعرضوا عليهم بضاعتهم وسط جو من المزاح والمرح والطريف أن أكثرهم يقف في طريق المارة أمام المكتبة ليوهم بوجود زحام لا حقيقة له بينما المكتبة خاوية ليس فيها مشتر أو حتى متفرج.
ومع دخولي هذه الصالات لاحظت أنها جميعاً إلا كتباً دينية كنسية وأنها جميعاً تحمل فكر الكنيسة الرسمية ولا تعرض كتباً لأي ممن يختلفون مع الكنيسة سواء من رجال الكهنوت أو من العلمانيين المسيحيين فضلاً عن عرض كتب غير المسيحيين.. ولقد بحثت عن كتب للأب متى المسكين أو الأب إبراهيم عبد السيد أو الأستاذ جمال أسعد أو الأستاذ كمال زاخر فلم أجدها.
وهنا تثور مجموعة من التساؤلات التي يفرضها منطق الأشياء.. لماذا تنفق هذه النفقات الباهظة لإيجاد هذا الحضور المبالغ فيه دون أن تكون هناك حاجة حقيقية له – في مجال بيع الكتب – ومن الذي يدفع هذه النفقات ويتحمل الخسائر؟
ثم من الذي يعرض كتبه في الصالات التي لا تحمل عناويناً لدور نشر أو مكتبات – وهي تعرض نفس الكتب – ومن الذي يدفع نفقات ذلك؟
هل تبيع المكتبات ودور النشر تماثيل وصور وأيقونات كنسية وتحرص على عرضها في صدارة المكتبة؟.
لماذا يؤجر في الأماكن البارزة صالات واسعة لعرض الكتاب المقدس – فقط – ودون تحصيل أي عائد مادي ذا قيمة من هذا العرض؟ إذ أنني أجزم أنه لا يكاد يباع منها شيء وأن أكثر ما يباع على قلته مدعوم مادياً ويباع بأسعار رمزية.
هل نستطيع أن نقول أن هذا الشباب – الروش – الذي يملأ صالات العرض متطوع كوسيلة لجذب رواد المعرض لهذه المكتبات.. وهل هذه الطريقة المبتذلة لاجتذاب الناس تتناسب مع مكتبات المفروض أنها تعرض كتباً دينية.
هل نستطيع أن نقول أن للكنيسة دوراً على الأقل في اختيار ما يعرض من كتب في هذا المعرض حتى لكأنك لا تجد إلا ما يعبر عن وجهة نظر الكنيسة فقط دون الآراء الأخرى.
في النهاية يكون التساؤل المشروع هل هذه الأموال الطائلة التي أنفقت على هذه التظاهرة وهل هذا الشباب – الروش – المتطوع لتحقيقها وسيلة مقنعة لاستغلال معرض الكتاب للدعاية للمسيحية؟؟؟
أعتقد أنه سؤال إجابته واضحة.