القائمة إغلاق

يومياتي فى معرض الكتاب

يومياتي فى معرض الكتاب ..مقالة كتبت منذ سنوات اربع وصالحة للعرض في المعرض الجديد .. فلا جديد ” 1 ” الندوات وعقلية الموظف المصري

بقلم: المهندس أسامه حافظ

معرض الكتاب السنوي هو احدي حسنات وزارة الثقافة – وحسناتها في باب الثقافة قليلة – ننتظره كل عام ندخر له من قروشنا ووقتنا لنتفرغ لأيامه سياحة بين جنباته واستمتاعاً بالتجول في رحابه.

وقد كان ولا يزال مهرجاناً ثقافياً بديعاً يجمع من أنواع المتعة لمحبي القراءة والسياحة بين العقول مما يشبع هوايتهم الممتعة.

وقد انتظرته مع من انتظروه وسارعت إليه من أيامه الأولي أتنقل بين صالاته وقاعاته وأقلب ناظري مستمتعاً بكل ما فيه من قيمة وجمال.

والحقيقة أن في المعرض كثيراً مما ينبغي أن يتناوله الحديث سأحاول أن أعرض لبعضه في مرات قادمة ولكني سأبدأ بملاحظة هامة أتمني أن تحظي بنظر واهتمام صانعي هذا المهرجان العظيم وهي إننا في سنين سابقة كنا نقصد المعرض كمهرجان ثقافي كبير جمع إلي جانب الكتب غالية الثمن عصية الشراء على أمثالنا من ذوي الدخل المحدود تعويضاً ثقافياً كبيراً في ندواته الثقافية ولقاءاته الأدبية والشعرية.. وكان القائمون على هذا المعرض يسعون لجذب المثقفين ومحبي الثقافة باستضافة كبار المفكرين والشعراء والأدباء ليمتعوا جمهور المعرض الكبير بجرعة ثقافية مشبعة تعوضهم عن حسرتهم في عجزهم عن أثمان تلك الكتب.

وقد شاهد الناس فيه مناظرات المفكرين الكبار وندواتهم فرأينا العلامة الغزالي والدكتور عمارة والسياسي هيكل والدكتور اسامة الباز وغيرهم من كبار المفكرين تجتمع لسماعهم الألوف وتشبع نهم محبي الثقافة والمعرفة بكل وشتي أنواع الفنون، ولكنني هذا العام ولأعوام قليلة سابقة أطلعت على قائمة ضيوف المعرض – والذي جعل أساسها الاحتفال بمئوية جامعة القاهرة وبالحائزين على جوائز الدولة – فلم أجد فيهم أسماً أعرفه – مع تقديري لهم جميعاً – ولم أجد في منتدياته ومقاهيه شاعراً سمعت عنه ولا مفكراً يقرأ له الناس..

وفي البداية عزوت هذا لجهلي وقلة متابعتي وقلت ربما ظهر في سنين غيبتي الطويلة من لا أعرفه بينما يعرفه الناس ويقدرونه، وبالفعل ذهبت أطوف على القاعات والمنتديات بالمعرض فوجدت – للأسف الشديد – وبدون ذكر الأسماء ندوات يجلس على المنصة فيها أكثر من الحاضرين والحاضرون جلهم أو أكثرهم من أقارب المحاضر أو أصدقائه حضروا استجابة لدعوته وحرجاً منه يستمعون بأذهان مشغولة بغيره ويصفقون له من آن لآخر دون روح أو حياة.. وذهبت أستمع لأحد الشعراء المدعوين وكان يحضر اللقاء قرابة العشرين فلم أسمع شعراً ولا زجلاً وإنما كلام لا لون له ولا طعم ولا رائحة.. واستغربت من بقاء هؤلاء العشرين لسماع هذا الهراء.. واستغربت أن يعرض منظموا هذا المهرجان الضخم الذي يقصده محبوا العلم والثقافة من شتي أنحاء العالم عن مفكرينا وشعرائنا وكتابنا العظام الذين ملأت آراؤهم وكتبهم الساحة الثقافية ليضعوا مكانهم أولئك الذين لا يعرفهم أحد في عالم الثقافة ولا أظن أن مثل هذه الندوات ستعرف بهم أحداً. والحقيقة أنني شعرت أن الذين يقومون على مثل هذه التظاهرة الثقافية هذه الأيام يتعاملون مع المعرض بأسلوب الموظف المصري الذي يريد للمعرض أن يمر دون أن يدون عليه أحد من المسئولين ملحوظة في كلمة هنا أو هناك أو يعترض عليه في شخص غير مرضي عنه.

وأنهم يريدون لهذا المهرجان الذي فرضت عليهم الأيام وجوده أن يمر في سكون دون مشاكل ولا يهم أن يستفيد الناس أو نقدم للعالم علماؤنا ومفكرينا من خلاله.

إن مثل هذه المناسبات ينبغي أن تتخلص من أمرين هامين الأول عقلية الموظف المصري في القيادة التي تريد للأمور أن تسير مع الابتعاد عن كل ما يحمل تجديداً أو ابتكاراً خوفاً من المجهول الذي قد لا يعلم هل سيرضي رؤساءه أم سيسخطهم.. لأن هذه الروح تقتل ملكة الابتكار والتنويع وتفرغ هذا المهرجان الثقافي من مضمونه الثقافي إلي مكاتب الموظفين الجامدين.

أما الأمر الثاني فإن في مصر – وغير مصر في عالمنا العربي والإسلامي – قامات فكرية وأدبية عظيمة قد تتفق رؤيتهم مع رؤية الوزارة أو تختلف ولكن مكانتهم الفكرية لا يختلف عليها أحد.. فلا ينبغي تجاهلهم في هذه التظاهرة وحرمان الناس من عصارة عقولهم لنضع مكانهم مجموعة من الموظفين أو المجهولين رغبة في إمرار الحدث.

فإن لم تكن هذه المناسبة هي الفرصة لتقديم هؤلاء العظماء للعالم وإظهار تقديرنا وحبنا لهم… فمتى يتم ذلك.!!

التعليقات

موضوعات ذات صلة