القائمة إغلاق

بيت المقدس من القاعدة الي داعش

                                       بيت المقدس من القاعدة الي داعش

عصمت الصاوي

في نوفمبر 2014 أعلن تنظيم “أنصار بيت المقدس” مبايعته لزعيم تنظيم “داعش” أبوبكر البغدادي ، معتبراً إياه خليفة للمسلمين, وقام التنظيم  بتغيير اسمه لتنظيم “ولاية سيناء” في خطوة هي الأهم في تاريخ التنظيم منذ نشأته ، وصاحب ذلك تساؤلات حول طبيعة عمل التنظيم  وتحركاته  بعد التحول من القاعدة الي داعش ، ومدي التأثير الذي يمكن أن يحدث في بنية التنظيم واستراتيجياته وأفكاره ، فالارتباط التنظيمي بداعش يتسم بالمركزية الشديدة التي تناسب  فكرة الخلافة الإسلامية – وفق ما يعتقد البغدادي –  بينما تنظيم القاعدة يعمل بشكل لا مركزي مع ترك الحرية  للتنظيمات التابعة له لتقريرالعمليات التي تراها مناسبة في ضوء الأهداف الكلية للتنظيم, وكذا فإن للقاعدة استراتيجية عامة وأولويات محددة  تختلف مع استراتيجيات وأولويات تنظيم الدولة الإسلامية داعش , فبينما تري القاعده تركيز مواجهتها مع اليهود والأمريكان تري داعش استهداف جيوش الأنظمة العربية والإسلامية واستهداف كل ما من شأنه إضعاف هذه الجيوش وتفكيكها وإضعاف الدولة وهدمها ، كما أنه وفق رؤية داعش يمكن إشعال حروب غير مقصودة لذاتها وإنما من أجل إشعال جذوة الجهاد وإيقاظ المسملين علي حد زعمهم ، ومثال ذلك استهداف الشيعة في الكويت والسعودية ، بحسب تسجيلات صوتية لأبي محمد العدناني المتحث الرسمي باسم تنظيم الدولة الإسلامية، وهذ يعني أن  تحركات ولاية سيناء خلال الفترة القادمة ستكون تابعة لإدارة التنظيم ومجلس الشورى العام بالعراق ، مما يجعل هناك روابط شديدة التعقيد بين مجريات الأحداث وتطورها في العراق والشام وبين تطور العمليات في سيناء.

 دوافع الطرفين لإعلان البيعه وقبولها:

تتبع عمليات أنصار بيت المقدس فى سيناء فى النصف الأخير من عام 2014 يرجح أن هناك تشاورات وتواصلات تمت بين داعش وأنصار بيت المقدس قبل إعلان البيعة للبغدادى بوقت كاف، تحولت فية القناعات من فكر القاعدة إلى فكر داعش وتحولت فية الأولويات من مقاومة المحتل الإسرائيلى إلى محاربة الجيش المصرى واستهداف عناصرة ، ولا يستبعد أيضا أن تكون الضغوطات العسكرية المتتالية على بيت المقدس عجلت بفكرة مبايعة داعش بعد استهداف عدد كبير من قيادات التنظيم وإعلان الجيش عقب عملية كرم القواديس فى أكتوبر 2014 القيام بعمليات تطهير كبري مما حدا بالتنظيم إلى مبايعة داعش لتعويض الفقد الحادث فى المال والرجال والعتاد على أثر استهداف االجيش لهم، وبتحليل بيان أبو أسامة المصري الذي أعلن فيه مبايعته لداعش يتبين صدق هذه الفرضية حيث جاء فيه وفق زعمه (أن جماعته كانت في قتال مع الكيان الإسرائيلي إلى أن تدخل الجيش بهجمات على سيناء لمنعهم من ذلك)

وكانت مبايعة بيت المقدس للبغدادى فرصة ثمينة لتدعيم موقفة فى حروبه المفتوحة فى سوريا والعراق وخاصة بعد تشكل التحالف الدولى لمحاربة الارهاب لاستهداف داعش فى سبتمبر 2014 ، إذ سيناء ستفتح مسرحاً جديدا لعمليات البغدادي يمكنه الضغط من خلالها علي مكونات التحالف الدولي الذي يواجهه في سوريا والعراق، وستكون بمثابة القفزة الهائلة التى ترسخ فكرة الخلافة وامتدادها ، كما ستشجع التنظيمات الجهادية الأخرى على فكرة المبايعة ، فضلا عن كون سيناء ستمثل منطقة ارتكاز لاستيعاب المقاتلين الراغبين فى الانضمام لداعش من مصر والدول الإفريقية والغربية ، سواء كان هذا الارتكاز للقيام بعمليات داخل مصر أو كمركزا للتدريب تمهيدا لانتقالهم إلى معسكرات داعش فى سوريا والعراق.

وعلي ضوء ذلك فإن الدولة المصرية تواجه تنظيما إقليميا من أشرس التنظيمات الأيدولوجية فى المنطقىة والذى لا يسعى الى تغيير نظام يختلف معة فى الرؤية ، وإنما يسعى إلى هدم الدولة بكليتها مستبيحا فى سبيل ذلك كل ماتطوله يده من بنية تحتية ومؤسسات وأفراد وهيئات ، ومن ثم تصبح مصر مسرحا لعمليات نوعية يحارب فيها تنظيم ولاية سيناء بالوكالة عن البغدادى ودولته مع ترجيح انتقال العمليات من سيناء الي داخل الوادي في مصر  وتوقع بإشعال الملف الطائفي مع السعي الحثيث للسيطرة علي مناطق في سيناء لتكون مرتكزا لهم ومنطلقا لعملياتهم ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل البيئة المصرية مهيئة لنمو وتمدد مثل هذه التنظيمات الإرهابية ربما نحتاج الي أوراق أخري لمناقشة هذه الجزئية .   

التعليقات

موضوعات ذات صلة