القائمة إغلاق

شبابنا والتغريب

 

د أحمد زكريا عبداللطيف.

الشباب هم عصب الأمة،ويدها الفاعلة القوية،وحصونها المنيعة نصروا الأنبياء ،ونشروا الإسلام في ربوع الأرض.

لذا تفطن أعداؤنا لذلك فأخذوا يمكرون بشبابنا ليل نهار،عن طريق موجات متكررة من خلخلة العقيدة في نفوس شبابنا،ودعوتهم إلى الإلحاد والتحرر من كل خلق وفضيلة،وللأسف الشديد نجح مكرهم في إيقاع عدد كبير من شباب الأمة في براثن التغريب والإلحاد.

وكما يقول الدكتور محمد حسين رحمه الله:

“يظن بعض الناس أن الدول القوية هي التي تملك عدداً ضخمًا من عدد القتال وآلاته، وتنتج مقادير هائلة من الصناعات التي تغمر أسواق العالم. وحقيقة الأمر أن هذه الدول لا تتاح لها القوة حتى يكون من وراء كل هذه العدة الهائلة، وذلك الإِنتاج الضخم خلق متين يجمع أهلها ويشد بعضهم إلى بعض، ويعطف كل واحد منهم على أخيه، ويمنع عناصر الفساد وأسباب الفرقة والخلاف أن تتسرب إلى صفوفهم وتنخر عظامهم”.

و الذي دعاني إلي كتابة هذا المقال أني رأيت الإلحاد و الانحلال في هذه الأيام يشتعل ويسري سريان النار في يابس الحطب ورأيت دعاته يستفحل أمرهم في كل مكان ورأيت الناس مشغولين بالجدل و النقاش حول ما يثيرونه من موضوعات يسترون مآربهم الهدامة من ورائها تحت أسماء خلابة براقة كالنهضة و التحرر و التطور ومتابعة ركب الحياة وهي موضوعات منوعة تشمل الحياة في شتي نواحيها يخترعونها ثم يهولون من شأنها ويكثرون من الأخذ و الرد حولها حتي يلفتوا إليها الأنظار.

و ما لا شك فيه أننا نعيش في ظل ثورة المعلوماتية المدججة بالأجهزة الذكية .. التي تستدرجنا بخبث ملغوم تجعلنا في حالة تيه وتخبط حسبما يخطط له أعداء الأمة.

لتجعلنا مصفدين ضمن إطار العولمة الذي يختزل الزمن العربي المسلم، وبعبارة أصح لكي يخضعنا نحن العرب المسلمين لكل أشكال التبعية والهيمنة ( احتلال عسكري – غزو ثقافي – قرصنة اقتصادية ) . لقد تغربنا بكل محتوياتنا في ظل أحادية القطب وانعدام التكافؤ فالمسح الزمني للشارع العربي مؤلم ومؤلم جداً فالفراغ القاتل لأكثر من 40% ممن يعوّل عليهم نهوض الأمة شريحة الشباب .. خاوي من كل شيء إلا من التهافت خلف الأزياء وتسريحات الشعر ورسم اللحية والألبسة التي تخالف الفطرة .. ناهيك عما يكتب عليها من عبارات تنعتنا بكل ما هو مزري بل ما هو مخجل حقاً والبعد اللا أخلاقي والتمييع السلوكي الذي نراه.

فالمخزي في الأمر يرتدي شبابنا ألبسة كتب عليها .. لوطي .. والأخرى فاقدة لعذريتها وكلمات يندى لها جبين الحياء خجلاً من أين اكتسب شبابنا هذه التفاهات ؟ ومن الذي روجها لهم؟ أليست الأجهزة الذكية ومناهجها الخبيثة الموجهة أليس من المفارقات أن نشتري أجهزة نعدها للغناء واللهو والرقص ومشاهدة الأفلام الهابطة فتزيدنا جهالة وجموداً وضياعاً والسبب عدم الفهم وسوء استثمار العقل وهم كانوا قد أعدوا لابتكاراتهم واختباراتهم وسبقهم في التسلح والبحث العلمي.

قل لي بربك كم وكم ممن تعلو منازلهم تلكم الأطباق الهوائية.

كما يساهم في ذلك غياب الموجه التربوي والمرشد النفسي والوازع الديني.

قل لي بربك أيها الأب المسكين كيف يروق لك أن تعزف أناملك سيمفونية الخراب الدامي .. ولمن . لأهل بيتك .. أعز الناس إليك تتركهم بعيداً عن التوجيه والمراقبة … فإن هذه الأجهزة هي أخطر من الأسلحة النووية بل أشد فتكاً بالعقول .. تجعلهم كالدمى وتتقاذفهم الرياح كأوراق الخريف ..

تنبه أيها الأب …

أيتها الأم..

ألا تخشى أن ينعق البوم في غرفة نومك وأن تعشش الفئران في فراشك وأنت لاه وساه ولا تدري … ساعتها لا ينفع الندم ولا الإصلاح فالإعصار إن ثار لا تمنعه السدود وإن بدت ضخمة .

ألم يكن من العقلانية أن نضع زماننا العربي بأيدينا أليس من الأولويات أن نتدبر اقتصادنا بخبراتنا ونحسن استغلال ثرواتنا ونوظفها للبحث العلمي والمواجهة وبناء الإنسان

أليس من المفروض أن نعزز شبابنا من كل التصدعات ونسويها ونؤمن لهم مستقبلا أفضل.

فلا بأس بالانفتاح مع الآخر أو تقليد الآخر مع الوعي بشروط الواقع وتفاعله مع الأعراف.

ولكي تعود بيوتنا حصينة متينة تفرز الحب والفضيلة ،لا نريدها بيوتاً جميلة منسقة من الخارج هشة من الداخل .. كبيت العنكبوت فإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.

فهل من آذان صاغية وقلوب واعية ؟!

التعليقات

موضوعات ذات صلة