القائمة إغلاق

رسالة قلبية .. إلى أبناء الجماعة الإسلامية

رسالة قلبية .. إلى أبناء الجماعة الإسلامية

عبوديتنا لله على كل حال

بقلم فضيلة الشيخ: علي الديناري

إخواني الكرام

 لقد تعلمنا أن نعود دائما لعبوديتنا لله تعالى وأن نعزم على أن نختار الأحب إلى الله والأرضى له متمثلين قول الله تعالى (قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لاشريك له )وقوله تعالى (وماكان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )

 وتعلمنا من شريعتنا كما أن تجاربنا كذلك علمتنا أننا حين نختار رضى الله ونؤثر مرضاته على ماسواه نجد فى هذا الاختيار الخيروالبركة والتوفيق كما أننا  نجد فى العبودية الفرقان والنور وتمايز الفروق بين الأمور فنرى الغاية والهدف والفهم والطريق (ولو أنهم فعلوا مايوعظون به لكان خيرًا هم وأشد تثبيتا)

إنكم تذكرون أننا حين رأينا نذر المحنة وبدأت ريحها فى الهبوب تساءلنا : ترى ماذا يراد بنا؟

ونظرنا وتساءلنا : أين النجاة ؟

فوجدناها فى عبوديتنا لله تعالى على كل حال فنحن تربينا أن نتعامل مع كل أمر تعامل العبد متمثلين قول الله تعالى  (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وحال نبينا صلى الله عليه وسلم (إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد ) فكذلك نفكر كما يفكر العبد ونختار مايختاره العبد ونسخر حياتنا لخالقنا وسيدنا ونطوعهاله

ويومها قلنا نحن عبادك ياربنا ودعوناه : اللهم اجعلنا لك ،

ذكارين لك ، شكارين لك ، مطيعين لك ، منيبين لك

 وقلنا :إن السؤال إذا ليس هو أنى هذا؟! ولا كيف حدث ؟  ولالماذا؟!

 وإنما: كيف نحقق عبوديتنا لله فى هذاالحال؟

وعندما اهتدينا إلى هذا السؤال بان لنا على الفور كل شىء :

ذكّرتنا عبوديتنا أن مانحن فيه ليس غريباً بل هو سنة مولانا فى عباده المؤمنين ( ولقد فتنا الذين من قبلهم ) وعلامة صحة الطريق ( لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ) (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)  

وبان لنا الهدف بل ..  حددت لنا عبوديتنا لله كل الأهداف

 جعلنا ثبات القلوب على دين الله  هو أول هدف لأنه مراد الله منا ومايحبه لنا فالله تعالى يحب العقل البصير عند ورود الشبهات والقلب القوى عند ورود الشهوات

تواصلنا وتواصينا عن طريق الخيوط والحبال وعبر نوافذ الزنازين

 تواصينا بالصبر والثبات

تواصينا به لأنه كان فرض العبودية لله رب العالمين فى حالنا الذى كنا نمر به

تذكرنا يومها أن لله عبودية فى الضراء كما أن له عبودية فى السراء

وأن العبد حقا ليس الذى يعبد الله فى حال دون حال وإنما الذى يعبد الله تعالى فى كل حال

ولسان حاله يقول :

يارب

إن أعطيتنى قبلت

وعطاءك شكرت

وإن منعتنى رضيت

وإن ابتليتنى صبرت

 و عافيتك رجوت

وهربنا أيامها راهبين من وصف الذى( يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة )

أدركنا أنه الابتلاء والامتحان فاعتصمنا بالله فألهمنا الإجابة ، وفهمنا مراد الله منا فعزمنا أن نكون لله كما يريد

ثم كان هدفنا الثانى هو الحرص على الحب والأخوة فى الله لأنه وسيلة هامة ترتفع إلى أن تكون هدفا فى ظروفنا التى كنا نعيشها إذ كان أعداؤنا يستهدفون قطع التواصل بيننا لإحداث الانقسام والتفتيت

أما الهدف الثالث فقدكان حسن العلاقة مع الجماعات الأخرى لأن ذلك عون للجميع على الثبات

ثم الحفاظ على صحة الأبدان لنعبر بها أسباب الهلاك

 وبفضل عبوديتنا لله ورجوعنا للقرآن ظهر لما ما سيناله منا الظالمون ( لن يضروكم إلا أذى) ويومها فرحنا بأنهم لن ينالوا من ديننا شيئا واستهوننا الأذى فى سبيل الله

وبانت لنانهاية ماكنا فيه( وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا ) ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين )

وكلما رأينا الجهود والخطط والأموال التى تنفق فى حربنا وظلمنا فزعنا إلى القرآن فطمأننا ربنا واعدًا

( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون )

حتى حالة الظالمين المحاربين لنا كانت معلومة لدينا ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون )

وبان لنا الطريق إلى الصبر فى قوله تعالى (وما صبرك إلا بالله)

ثم وجدناتفصيل الاستعانة بالله بالاستعانة بالصلاة وبالصوم وبالدعاء

 (إستعينوا بالصبر والصلاة )( أدعونى استجب لكم )وتذكرون عندما لم نجد ما نستعين به إلا ما دلنا الله عليه

والأجمل من ذلك أنه ظهرت لنا نهاية هذه الشدائد كلها وأنها لابد إلى زوال ( قد جعل الله لكل شىء قدرا) أى نهاية ، وأن الله تعالى لن يحملنا فوق طاقتنا ( لايكلف الله نفسا إلا ما آتاها )

وأخبرنا القرآن متى ستنتهى هذه الشدائد ؟ عندما تتم الحكمة التى من أجلها قدرالله هذه الشدائد   كما حدث مع أبينا إبراهيم عليه السلام( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه ياإيراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم )

وكنا على يقين بأن مانحن فيه لن يجعل الله له مخرجا فحسب بل سيؤتينا الله من فضله العظيم سبحانه ويتتابع علينا كما تتابع على ابراهيم ( وفديناه بذبح عظيم )(وتركنا عليه فى الآخرين )(وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين )( وباركنا عليه وعلى إسحاق )

هل تذكرون؟

هل تذكرون أن امتثالنا لهذه العبودية هو الذى أوضح الأمور وجلاها ثم أمدنا بهمة لاتفتر وعزيمة لاتضعف

همة حولت الشدة إلى  خلية نحل لا تسكن لحظة من يوم تحقظ القرآن وتتعلم العلم وتتعبد بالليل والنهار وتتحدى الظالمين بكل قوتهم وجبروتهم

وهل تذكرون بدايات الفرج؟

هل تذكرون عندماتغيرت الأحوال ؟

تذكرون أول مصحف احتضناه وبكينا طويلا  وتسابقنا أينا يلمسه وينظر فيه ويقبله ويضعه فوق رأسه ؟؟

تذكرون أول زيارة ،

 وأول جرايد ،

وأول سخان فى الزنزانة ،

 وأول راديو، وأول طبق ؟!

وأول مصافحة لأهلينا  ؟؟

لقد كان فضل الله علينا عظيما .

وأعظم مافيه أنه صدق الموقنين يقينهم وكذب الظانين به ظن السوء .

ورأينا فى أعين المؤمنين انتصار اليقين وفرحة الإيمان الفياضة على القلوب ،

ورأينا فى أعين الظالمين ذبول الخزى وانكسار الهزيمة !!

 يا ألله

وتذكرون أننا عنما تغير الحال ودخلنا فى مرحلة جديدة مختلفة عادت وتكررت أسئلة كثيرة 

 ترى ماهى معالم هذه المرحلة الجديدة ؟ وماالهدف ؟ ومالطريق ؟

ويومها تواصينا فى لقاءاتنا فى مصليات العنابر( راجعوا أوراقكم القديمة أواخررمضان    1432 بسجن الوادى الجديد وبعده بالسجون الأخرى )

جمعنا كل الأسئلة التى تحيرنا ثم نظرنا فيها نظر العبد فإذا هى ليس فيها جديد !!

نعم تغير الحال من الضراء إلى السراء ،  ومن رفع السلاح إلى وضعه .

وقلنا أننا والحمد لله لم تنقصنا الشجاعة ولا الإقدام فى سبيل الله فحين رأينا أن الجهاد فى سبيل الله والخروج من ديارنا وأموالنا وأهلينا هو الأرضى والأحب إلى الله لم نتردد ولم نتأخر فقد تربينا على التضحية وعلى أن نكون لله ( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ) وفق مراد الله

وحين رأينا أن وقف هذه الوسيلة وسلوك غيرها هو الأحب إلى الله تعالى لم تنقصنا الشجاعة أن نعود من جديد لننهج طريق السلم .

 تواصينا أن لاننسى أننا عباد لله تعالى وعلى كل حال ليس فى حال دون آخر

نلتمس مرضاته حيث كانت ونبحث عنها حيث وجدت ونسير معها حيث سارت بلا قيد أو شرط وأن نعود إلى هذه الحقيقة فيتضح لنا   كل شىء

فغايتنا هى هى ابتغاء مرضاته وهدفنا هو مايحقق لنا مرضاته فى كل حال

 ونظرنا يومها فى حالنا فوجدنا أنفسنا بين دارين دار المعتقلات ودار الحرية

وقلنا أيامها أن هذه الديار كلها هى من ديار الدنيا وإن الرحيل منها يقين وقد قال الله تعالى لنييه صلى الله عليه وسلم (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)

وقلنا : عليناأن نثبت على عبوديتنا لله تعالى وأن يكون السؤال هو:  كيف نحقق عبوديتنا لله فى هذا الحال ويومها بان لنا كل شىء

بان لنا الهدف : وقلنا الصبر على مابقى والاستعداد لما بعد الخروج بالتعلم وتلبية احتياجات مابعد الخروج وعدم تضييع الوقت فى الانشغال بفرج قد فرغت منه الأقلام وجفت الصحف فى علم الله

وقد كان:

وانشغل كثيرون بالتصبر على البلاء بالقرآن وبطلب العلم والاستعداد لمابعد الخروج ولم  ينشغلوا بهل سيكون ؟ومتى ؟ وإذا كان كيف سيكون ؟ وهؤلاء كانوا أفرادا وبلاداأحسن حالا وصبرا وثباتا وتماسكاواجتماعا

بينما ظل بعض الإخوة متفرغين للظنون والهواجس والوساوس وتكرير السؤال : هل ترانا نعود؟ وهل يريدون تفكيك الجماعة ؟ كثير من الشواهد تقول :نعم ! وبعضها يقول :لا !

وتذكرون الإجابة التى استوحيناها من عبوديتنا(تحت الشجرة فى سجن المنيا وفى عنابر دمنهور ودروس الأصول فى الوادى والتربية فى الفيوم وغيره )

الإجابة  التى اعتبرها البعض صعبة وهى

 أن عودتنا نحن المكلفون بها والمعنيون  الذين نريدها أو لانريد .

ولن نعود بإرادة غيرنا .

 وإذا أردنا فسنعود بإذن الله شاء من شاء وأبى من أبى فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن

أما إذا تخاذلنا ولم نرد فلن نعود مهما كانت الظروف فى صالح عودتنا أو مهما أراد غيرنا أن نعود ؟

ثم كان وجاء الفرج

وتنزل علينا قطرة قطرة

وبينما كان قطار الفرج منطلقا كان هناك من لايزال ولاينفك يتساءل ترى هل سيأتى الفرج ؟

وتذكرون مقالتنا يومها: لو لم يتبق من الإثنا عشر ألف معتقل إلا اثنان لتساءلا كلما التقيا : ترى هل سيفرجون عن المعتقلين ؟

وخرجنا للدنيا

وخرجنا للدنيا فوجدناها غير ماتركناها فقد تبدل فيها الكثير

ودخلنا فى وضع جديد

 ووجدنا أنفسنا أمام امتحان جديد يشبه ماكنا فيه فى أمور ويختلف فى أخرى غير أنه لايختلف فى كونهما نوع بلاء وامتحان للعبودية من جديد

ومن جديد تصارع فى نفوسنااليقين مع الظنون

ومن جديد عادت الأسباب من حولنا كلها تؤكد أن لاأمل منظور فى عودة الحياة

عودة المساجد والدروس والخطب واللقاءات ومساعدة الفقراء فتلك حياتنا

منا من استطاع أن يعمل فى حدود ما أتيح له وهو ضيق وقليل

ومنا من غلبته السآمة وملأه الإحباط

ومنا من انشغل بنفس الظنون هل ترانا نعود؟

ترميم الدنيا

انشغلنا كثيرا بترميم دنيانا التى تهدمت ثم تبين لنا أنه مطلب لاينتهى بل يحتاج كل العمر ! والغريب أن من كانت أمنيته ما يستر عورته ويسد جوعته لكنه كان ينام مستريح البال لما اكتفى واقتنى واغتنى بدأ يصبح ويمسى وأكبر همه أنه لم يبن من الدنيا شيئا لمستقبل ليس له !وإنما لأطفاله الذين لم يأتوا بعد؟

وهنا انتبه كثيرون وحزنوا على حالهم وقلوبهم  وأدركوا أن أمواج الدنيا كموج البحر لايتوقف ، وأن الدنيا تكاد تطوينا حتى ظننا آسفين أننا سنكون من أهلها

 ولكن أبت علينا السنون الطوال التى عشناها مع القرآن ومع الصحبة الصالحة ، وخشينا أن يداهمنا الموت ونحن بعيدون عنهم وأن تجتاحنا الدنيا مع عشاقها فتلقى بنا فى النار

كنا كلما قرأنا (وإن تتلوا يستبدل قوما غيركم ) توقفنا نتساءل : ترى هل قضى الله علينا بسيف الاستبدال ؟

حاول كثيرون منا أن يتعايشوا بعيدا عن الرفقة الصالحة ولكن وجدوا إيمانهم يتناقص وحالهم يتردىفتنادينا جميعا وعدنانبحث عن روحنا وحياتنا ..  عن الشجرة التى أظلتنا من قبل وعن البحر الذى خرجنا منه فنحن كالسمك والأخوة فى الله والعمل لله لتحقيق العبودية له كالماء

العبودية هى القرار

ومن جديد تحير كثيرون

بينما الذين انشغلوامن قبل  بالاستعداد لما بعد الخروج عادوا إلى ذات القاعدة وسألوا نفس السؤال: كيف نحقق عبوديتنا لله فى هذا الحال ؟

هؤلاء استطاعوا أفرادا وبلادا أن يحددوا لأنفسهم هدفا خاصا بهذه المرحلة  حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولا هؤلاء استفادوا من حالهم الذى كانوا عليه فى المرحلة السابقة فى المعتقل فظلوا أحسن ثباتا وتماسكا

 بينما أصبح الجميع من الذين يخوِّنون أنفسهم كلما خلوا بها يتهمونها بالتقصير وخذلان الدين ولايدرون ماذا يفعلون ؟ 

ومن هنا علم الله مافى قلوبهم من حيرة وأحزان وصدق وإيمان فأنزل التخفيف

(علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم )

وعادت الروح

وقضى الله لنا أمرًا كان مفعولا من حيث لانحتسب

وقضى لنا   سبحانه   أمرًا خيرًا مما رجوناه بل لم يكن فى خيالنا 

قضى لنا أمرًا أعز وأكرم  ـ ألف مرة ـ  مما كنا نتمناه ومما وُعدناه

فتح الله لنا أبواب الدعوة ، وحمل الخير والرحمة للناس وحمل رسالتنا المقدسة فسرعان ما وجدنا فى ذلك عودة الروح التى فقدناها والقلب الذى خفت نبضه والدم الذى توقف دفقه وحيا من جديد ذلك الأمل الذى أوشك أن يموت

عاد العمل وعدنا لبيوتنا بيوت الله تعالى

ياالله كم كان حرماننا منها قاسيا تلك المساجد التى تعودنا أن نخرج من السجون إليها أولا قبل بيوتنا وأهلينا

 عبود يتنا لله دائما

 والآن أيها الإخوة الكرام

ياعباد الله الذين تعبدتم لله ربكم بما يحب فى كل حال

 يا حملة القرآن

يا أصحاب الصبرورفقاء الزهد

ياعشاق الدعوة إلى الله تعالى

يا من عشتم عقيدة ابراهيم

وأسكنم الله مسكن يوسف

وصبركم صبرأيوب

 وآنسكم بسيرة موسى

 واقتديتم بنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم

 نريد أن نعود من جديد فنفكر تفكير العبد ونقرر قرار العبد فيظهر لنا كل شىء

 وتتضح لنا كل الإجابات

عبوديتنا تجيب على سؤال :أنى هذا؟

ـ لقد فات وقت طويل ومازال بعضنا يتساءل أنى هذا؟

ومازال بعضنا ينظر حوله فيرى أحواله وما حوله ليست كما كانت من قبل ومازال يتمنى أن يعود الزمان إلى ماكان حتى يعود هو بهمته كما كانت وبطريقته التى كانت وهو ينسى تماماً أن دوام الحال من المحال وأن من المحال عودة الزمان إلى الوراء

 هل يمكن أن يتخلص من كل جديد طرأ عليه؟

 هل يمكن أن يتخلص من أسرته التى من الله بها عليه ومن عمله بعد أن كان طالبا ومن ومن ؟

لم يبق الآن إلا أن نعود إلى نفس السؤال كيف نحقق عبوديتنا لله على هذا الحال

وعندها ستظهر لنا عبوديتنا لله تعالى كل شىء ( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) (إتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به )

                                     خيمة الامتحان لم تحل بعد

يظهر لنا أن مانحن فيه من صعوبة الحياة  وثقل الأمرهو الأمر الطبيعى فهو هو البلاء والامتحان فمازلنا فى دار البلاء وخيمة الامتحان لم تحل بعد

نعم هناك موانع وعقبات بين كل منا وبين قيامه بحق الله عليه وشكره لله تعالى ومسؤلياته ولكن

 منذ متى تعودنا على سهولة الطريق ونحن الذين ماالتزمنا إلا بعد أن سمعنا قول نبينا صلى الله عليه وسلم (الجنة ربوة بربوة والنار سهل بسهل ) (حجبت الجنة بالمكاره وحجبت النار بالشهوات )

وكم كنا نسمع ونقول ونكرر :

“إن طريقنا ليس مفروشا بالورود بل هو الطريق الذى ناح فيه نوح وألقى فيه إبراهيم فى النار ونشر فيه زكريا بالمنشار وافتقر فيه نبينا صلى الله عليه وسلم حتى كان لايجد من الدقل مايملاء به بطنه “

وإنه الطريق الذى سجن فيه وجلد الإمام أحمد إمام أهل السنة ،وعذب فيه الإمام مالك ،وباع فيه إئمة عظماء كتبهم ليقتاتوا، وتوفى فيه فى السجن ابن تيمية والسرخسى كما توفى مئات من إخواننا مثل الشيخ ابراهيم فشور وسيد الأسيوطى ورجب الغضبان واحمد حسن الديابى وجمال حامد واحمدمؤنس ومصطفى العراقى ومحمد الصاوى ومحمد الروبى وعلى حسن واحمد عبد المقصود وصبرى الشرقاوى وعادل طه وابراهيم عطيطو، ومحمد سليم ، وقضى فيه نحبه عمر المختار،وحسن البنا ،وعبد القادر عودة ، وسيد قطب وابراهيم عزت ،وعبد الحميد كشك ،وخالدالاسلامبولى وعطا طايل ،ومحمد عبد السلام فرج ،وعبد الحميد وحسين عباس، وأحمد ياسين والرنتيسى ،وسليمان الحلبى واحمد ديدات ، وابراهيم   فشور وخالد حفنى وعلى عبد الفتاح وعلاء محى الدين وطلعت ياسين وحمادة لطفى وعبد الحميد الزمقان ومحمد صلاح وحسن طه ومحمد عبد الفتاح وعبد الشافى رمضان وبسطاوى ودراوى وجمال رواش وسعيد عبد الحكيم وأبو المجد وحسن صالح وأمجد وحسنى النجدىوشريف عبد الرحمن وشريف حسن وعبد الحميد ومحمود عبد الحميد وحسام خميس ومحمود الوليدى ومحمد فوزى وياسر فتحى وياسر عبد الحكيم وشعبان راشد ومحمد الصاوى وسيد تقى الدين ومحمد ابراهيم ومصطفى السمالوطى وعبد العزيز ببا  وأحمد عبد الفتاح    ومحمد مصطفى ن وسيد بلال  وغيرهم ممن نذكرهم ومن لانذكرهم وحسبهم أن الله تعالى يذكرهم ونرجو أن يكونوا عنده من المحسنين وأن يجزيهم عناوعن الإسلام خير الجزاء

كما لايزال فى السجون شيخنا وعالمنا الدكتور عمر عبد الرحمن الذى قضى عمره بين المعتقلات صابرا محتسبا ولايزال كذلك إخوة لنا على الطريق رهن الحبس منهم الشيخ رفاعى طه ومحمد شوقى الاسلامبولى وعثمان السمان ومصطفى حمزة وحسن الخليفة واحمد عبد القادر ومحمود الفولى وغيرهم ندعو الله تعالى أن يفرج عنهم ويفك أسرهم 

كم كنا نتواصى بأن بداية الوحى بالرسالة اقترنت بقول الله لنبيه ( ياأيها المدثر قم فأنذر ) (ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا) ومن يومها قام وقال لخديجة :” مضى عهد النوم ياخديجة “

ألسنا نحن الذين كان وقود حركتنا أن الدين لايقوم إلا على أكتاف أهل لاالعزمات ولايقوم بترخصات المترخصين  ؟

 وأن العمل لله تعالى ليس رحلة تنتهى وأنما هو طول العمر

لم يبق إذاً مكان لسؤال أنى هذا ؟!

إنها طبيعة الطريق

فهو الامتحان الذى تعودناه وسنة الامتحان هى هى

فكما كان امتحاننا محكما ولم يكن فيه مكان للغش ولا الإفلات من الامتحان فهو هو سيظل الامتحان يحكم حتى يستخرج كل ذرة صدق كامنة فى القلوب

وكما امتحنا من قبل فى كل ما قلناه فهو هو الامتحان فيما تمنيناه

 فكم تمنينا أن تعود إلينا المساجد ؟

وهاقد عادت فلنحذر إذا أن تغلبنا نفوسنا فنكون كالذين   (تولوا إلا قليل منهم وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب )

ولابد أن تكون لنا مع نفوسنا وقفة وأن نذكرها ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولاتظلمون فتيلا)   إنه الابتلاء إذاً ولاحول ولاقوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل

 نعم حسبنا الله ونعم الوكيل لا نقولها اليوم كما قالها أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حين (قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالواحسبنا الله ونعم الوكيل )

 فقد قلناها من قبل على نفس الحال وقد كان الله هو حسبنا ونعم الوكيل

لكننا نقولها اليوم كما قالوها يوم أن وصف لهم النبى صلى الله عيه وسلم الجنة بأنها ريحانة تهتز وزوجة حسناء وفاكهة نضيجة ثم قال هل من مشمر لها فلما استصعبوا الطريق إليها قال صلى الله عليه وسلم : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل

نعم حسبنا الله لديننا حسبنا الله لدنيانا حسبنا الله لما أهمنا                     

إنه الابتلاء إذا(عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض فينظر كيف تعملون

إنه الابتلاء إذا ولابد من الاستعانة عليه بالله ( واصبر وماصبرك إلا بالله )

فترى ماذا نريد أن يرى منا ربنا؟

ماذا نريد أن يرى منا مولانا الذى صدقنا وعده وثبتناونجانا من المحن وجعل لنا مخرجاوأحسن إلينا وأكرمناورفعنا

ماذا تريد الجماعة الاسلامية أن يرى منها ربها بعد أن ضجت إليه بالدعاء ليل نهار فاستجاب لها وأخرجها من هلكة محققة كانت دائما تقول أنها ( ليس لها من دون الله كاشفة )

لاشك اننا جميعا نريد مراد ربنا

 نريد أن يرانا الله حيث أمرنا ولايرانا حيث نهانا

نريد أن نكون له فيما يحب كما كان لنا فيما نحب وأعطانا ما نحب

اللهم كنت لنا فيما نحب فاجعلنا لك فيما تحب

نريد أن يرانا شاكرين ولانريد أن يرانا جاحدين

نريد أن نقول كما قال موسى “رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين

وأن نعمل بوصية القرآن “وأحسن كما أحسن الله إليك

وأن نكون أنصار الله الذى نصرنا “كونوا أنصار الله

 وأن نستجيب لله الذى استجاب دعاءنا ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )

وأن نكون مع الصادقين حتى لانكون بسكوتنا عونا للكاذبين (إتقوا الله وكونوا مع الصادقين)

نريد أن نصل برحمة الله الذى رحمنا إلى كل الناس فنكون نحن قنطرة ومعبرا لرحمة الله إلى خلقه وأن نفرج الكربات ونغيث اللهفات ونمسح الدموع والعبرات

فياربنا يامولانا ياولى نعمتنا ومغيث لهفتنا ومجيب دعوتنا وكاشف ضرنا وكربتنااستعملنا لدينك ولاتستبدلنا وتقبل منا واقبلنا ولاتجعلنا من المحرومين

 وهكذا عبوديتنا أجابت على سؤال أنى هذا

 وبقى أن توضح لنا الهدف وتنير لنا الطريق وهذا ما سنفرد له الرسالة القادمة بإذن الله

التعليقات

موضوعات ذات صلة