“الحربُ على الارهاب ” شعارٌ يتاجر به البعض لتحقيق مطامع سياسية أو اعلامية، وربما مكاسب مالية
ويتخذه البعض سلما لعرض خدماته لنيل الرضا من بعض الجهات المشغولة بالحرب على الارهاب.
لكن قليلون هم الذين تحركُهم مسؤلية حقيقية دينية وأخلاقية أو وطنية وتنهضهم عقيدة في أعماقهم للقيام
بدورهم الواجب عليهم في التصدي للأعمال المُحرَّمة والمُجرَّمة
عندما ظهر تنظيم الدولة المعروف بـ “داعش” جرى حوار داخل الجماعة الاسلامية حول “دور الجماعة تجاه هذه الظاهرة”
كانت هناك آراء من داخل الجماعة الاسلامية ومن خارجها ترى ترك تنظيم داعش دون أي تعرض لفكره وكان هذا الرأي مُدعَّما بعدة مبررات:
ـ فهذا التنظيم قائم بدوره ضد أعداء الاسلام الذين استغلوا الفرصة وسارعوا الى احتلال سوريا والعراق وارتكبوا هناك أبشع المجازر ضد نساء وأطفال المسلمين،
كما أنه وقف في وجه الظلم والاستبداد فليكن مايكون من أجل إضعاف الاستبداد
ـ وأن أي تلميح من الجماعة ضد داعش سيُسقط الجماعة في نظر الشباب، ويفقدها كل من التف حولها منهم وسيُعرِّضها لهجوم الشباب عليها. خصوصا وقد انضم كثير من الشباب لفكر داعش في انتظارتكليفهم بأي أعمال في بلادهم.
ـ كما قيل أن التصدي لفكر داعش يضع الجماعة في موضع الاتهام بمداهنة الأنظمة الحاكمة وينال من سمعتها وتاريخها المشرف وغير ذلك
إلا أنه كان رأيٌ قويٌ داخل الجماعة بوجوب تصدي الجماعة لبيان حقيقة هذا التنظيم وخصوصا عقيدته المخالفة للكتاب والسنة وكان هذا الرأي يعتمد على:
ـ أن البيان الشرعي لايجوز تأخيره عن وقته وهذا هو وقت افتتان الشباب بهذه الدعوة.
ـ وأن هذا التنظيم بما أعلنه من عقيدة وأحكام بنُي على مناقضة للشرع وجب بياننها
ـ وأن ترك هذه الدعوة تفريط في حق الشباب و ستأكل ببريقها الشباب من كافة أنحاء العالم وسيفرح بها أعداء الاسلام لأنها تحول منطقة عربية لشعلة ملتهبة تجذب اليها كل الشباب المُتشوِّق للشهادة كجذب النار للفراشات البريئة ليسهل فيما بعد القضاء عليهم كما حدث
ـ وأن ترك الدعوة المخالفة للشرع تتمدد يمكن أن يعطيها الفرصة لتصل الى المزيد من المخالفات الشرعية وإلى نطاق جغرافي أوسع. بينما كشف مابها من مخالفات قد يدعو اصحابها الى مراجعتها
ثم إنه لايصح أن يكون رأي الشباب ـ أيا كان ـ هو المحدد لدور الجماعة والموجِّه لها؛ بل الصحيح أن الجماعة بما لديها من علم وتجربة وخبرة هي التي توجه الشباب، وأن الصواب إن خفى عليهم اليوم فستظهره الأيام غدا
واستُنكر التخوف من اتهام الجماعة بمداهنة الحكام بأن الصحيح أن تتحلى بالشجاعة ولاتخاف في الله لومة اللائمين حكاما كانوا أو مخكومين.
وقد كان .. ووقفت الجماعة الاسلامية وقفة انطلقت من إيمانها بمسؤليتها الدينية والأخلاقية والوطنية قبل أي شيء ، وتلك المسؤلية ملزمة وليس في ذلك خيار.
تحركت الجماعة ولم تُبالٍ بكل مالاقته من الشباب وغيرهم أثناء الحوارات التي دارت في ربوع مصر والتي أدَّت الى انكشاف الحقيقة وبالتالي عودة كثير من الشباب عن قناعتهم
ـ قبل ذلك كان للجماعة الاسلامية موقفها من بعض المخالفات الشرعية التي قام بها بعض الشباب أثناء المظاهرت الداعمة للشرعية رغم الاتهامات واللُّوم الشديد الذي تعرضت له الجماعة أيامها، وقد أعدَّت رسالة مدعمة بالأدلة عن “حرمة قتل رجل الشرطة” بناء على مجرد وظيفته؛ تماما كما أصدرت رسالتها عن “حرمة قتل المتظاهرين” لمجرد تظاهرهم
ولم يكن ذلك الا انطلاقا من المسؤلية المُجرَّدة أمام الحق سبحانه وتعالى ومراعاة لآمانة البلاغ والميثاق الذي أخذه الله على العلماء(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) آل عمران
وكالعادة لم ينظر كثيرون إلا العنوان “داعش مالها وماعليها ولم يشغل بعض السطحيين يومها ألا قولهم: وهل داعش لها إيجابيات حتى يقال “لها؟” ولم يستطع هؤلاء أن يستوعبوا أسلوب العالم المعلم المربي دربالة ـ رحمة الله عليه ـ كاسلوبٍ مُنصف في طرح القضية يجب على المحقق في هذه القضية أن يتبعه اذا كان يريد أن يصل إلى قناعة عقلية حقيقية للشباب وخاصة المنبهرين منهم بالفكرة التي كانت تحقق ـ أيامها ـ انتصارا باهرا تلو الانتصارولايريد مجرد أخذ لقطة أو مخاطبة ودٍّ أورفع شعار فارغ.
كما لاقت الجماعة بعض الاتهامات لعرضها لحرمة القتل بجانبيه للمتظاهرين وكذلك للشرطة وبالطبع كان اللُّوم من الطرفين فكُلٌّ يريد أن يُنصَر وحده على حساب الحقيقة والشرع.
من هنا نقول: إن التصدي للأعمال المخالفة للشريعة مسؤلية دينية أخلاقية وطنية توجب التحرك أداءٍ للأمانه قبل كل شيء وتبليغا للرسالة ونظرا لمصالح الوطن فهي عقيدة قبل أن تكون حسابات سياسية