بقلم/ فضيلة الشيخ أسامة حافظ
دعا فضيلة الشيخ أسامة حافظ إلى تصحيح مفهوم الاستعداد للزواج عند الجيل الحالي وقال في مقال له على صفحته بعنوان:” زوِّجها لتقيٍّ”
يحلو لبعض الشباب عندما تسأله عن الزواج أن يقول: لما أكَوِّن نفسي ـ بتشديد الواو
فإن سألته عن مفهوم هذا التكوين قال لك: شقة تمليك واسعة في مكان مناسب، وأثاث ثلاث حجرات علي الأقل، والشبكة، وتكلفة حفل زواج في مكان راقٍ، ورصيد في البنك أستطيع أن أبدأ به حياتي!
فيقضي زهرة شبابه في السعي لتحصيل مايُكَوِّن به نفسه وقد لايستطيع وهو الأغلب؛ وقد يقدر ولكن بعد أن يكون القطار قد سبقه للأسف الشديد.
في الإسلام الشاب يُجهز نفسه من خلال الزواج . قال تعالى “ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)النور)
” فالله يبارك ويرزق من يُقدِم علي الزواج، ويُسهِّل له أمره من حيث لايتوقع؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسهل أمر الزواج فما أمهر امرأة أكثر من اثني عشر أوقية – حوالي أربعمائة درهم- وكان يقول : “أقلُّهن مهرًا أعظمهن بركة” وزوَّج أحد أصحابه بخاتم من حديد وزوَّج آخر علي ماحفظ من قرآن، وكل من تربي في مدرسة النبوة سهَّل قضية الزواج وتساهل فيها حتي أن سعيد بن المسيب سيد قريش زوَّج ابنته علي ثلاثة دراهم.
والحق أننا في شبابنا كنا نستشعر هذه المعاني ونعيشها وكان كثير من الآباء يعيشها معنا، وتزوج كثير من اخوة جيلنا بهذه البساطة وأذكر علي سبيل المثال أخواننا ” صلاح هاشم ومحيي عيسي وكرم زهدي وعبد المنعم ابو الفتوح وفؤاد الدواليبي وابو العلا ماضي وعصام العريان ومحمد حسيب الدفراوي وجمال عبد الصمد وعلي الديناري وغيرهم كثير تزوج أكثرهم في حجرة في بيت والده أو دون أثاث الا الضروري أو وهو طالب لم يتخرج بعد أو غير ذلك من اسباب التيسير.
والحق أنني لم أتزوج مثلهم لأن زواجي تأخر كثيرا بسبب فترة السجن فقد دفعت الشبكة الذهبية وإن كانت شكلية ومحدودة، وخرجت من السجن ولم يدُرفي خيالي كيف سأتم هذا الزواج وأنا لم اتوظف بعد لأفاجأ بأن والدي رحمه الله وبالتعاون مع أخي وصهري قد أعدوا لي شقة وفرشوها بالأثاث المناسب لأجد نفسي مقبلا علي الزواج في شقة وفرش لم أكن أتخيله بإمكاناتي المنعدمة، ولم أتزوج ساعتها كما كنت أتخيل في حجرة من بيت والدي أو بعفش البيت كما بدأ أكثر أخواني وقد أعدَّ لي اخواني في الله فرحا كبيرا لم أكن أتخيله ولكن الزواج لم يخل من لمحات الزمن الجميل عندما طلبت من صهري عم الحاج علي قائمة العفش لأوقع عليها فرفض فكرة القائمة فلما ألححت عليه بناء علي إصرار والدي قال لي كلمة لازلت أذكرها حتي الآن وأرددها: “ياولدي أنا استأمنتك علي ابنتي وفلذة كبدي أتراني أخُّونك علي شوية عفش ” هي كلمة ربما قالها عفو الخاطر ولكنها بعضا مما حفظت له من مواقفه النبيلة.
الزواج في الشرع ضرورة فلاتعسروه وصعبوه وتعقدوه بأعرافكم الفاسدة
فحماية العلاقة الزوجية مصدرها حِكمة قالها الإمام علي رضي الله عنه ” زوِّجْها – بتشديد الواو – لتَقَيِّ إن أحبَّها أكرمَها وإنْ كرهها لم يظلمها“