فضيلة الشيخ عبد الآخر حماد عضو التحاد العالمي لعلماء المسلمين
السؤال :
رجل له أولاد ، ملك قطعة أرض فتعاون اثنان من أولاده على بناء بيت يضم العائلة كلها بأموالهما وجهدهما ثم توفي أحد الولدين قبل أبيه وترك أولاداً وبعد مدة توفي الأب فأراد الورثة قسمة التركة ، فهل شطر هذا البيت من حق الابن المتوفى وأولاده من بعده ؟ وهل يرث أبناء الولد المتوفى أم لا ؟ وإذا كان الجواب ( لا ) فأين يذهب جهد أبيهم وماله ؟
الجواب :
إن كان هذان الولدان حين بنيا البيت قد اشترطا لنفسهما ملكية جزء منه فلهما ذلك ، أما إذا لم يكونا قد اشترطا شيئاً – وهذا هو الظاهر من صيغة السؤال – فالذي يظهر أن هذا البيت قد دخل في ملكية الوالد ، وكأنه هدية من هذين الولدين لأبيهما ، وعليه فالبيت بعد وفاة الوالد يقسم بين الورثة جميعاً ، ويكون الولد الباقي بعد أبيه كغيره من الأبناء ، وأما أولاد الابن الذي توفي في حياة أبيه فليس لهم شيء من ميراث جدهم ، لحجبهم بأبناء الميت أي بأعمامهم ، هذا هو الأصل في أحكام المواريث الإسلامية ، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة وغيرهم ، ولكن القانون المصري – وتابعته بعض القوانين في البلاد العربية – قد استحدث شيئاً يسمى الوصية الواجبة يأخذ بمقتضاه هؤلاء الأحفاد ما كان سيأخذه أبوهم لو كان حياً بشرط ألا يزيد ذلك عن الثلث ، وذلك اعتماداً على أن هناك بعض أهل العلم قالوا بأنه يجب على الإنسان أن يوصي للأقربين من غير ورثته ، والذي عليه الأئمة الأربعة وجمهور أهل العلم أن وجوب الوصية قد نسخ بآيات الميراث ، وهذا هو الصواب والله أعلم ، ثم إنه حتى على قول من قال بوجوب الوصية فإن ذلك معناه أنه يجب على المتوفى أن يوصي بشيء لبعض أقاربه من غير الورثة ، لكن إن لم يفعل فليس لولي الأمر أن يحدد نصيباً معيناً لأولئك الأحفاد لأنه بهذه الطريقة يكون قد جعل ذلك بمثابة ميراث وليس مجرد وصية ، وهذا لا يجوز والله أعلم لأن الله تعالى قد حدد الورثة ونصيب كل وارث في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فليس لأحد أن يوجب لأحد نصيباً في الميراث لم يرد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وعلى ذلك فإنه كان ينبغي على الوالد رحمه الله أن يتنبه لذلك أو ينبهه بعض أهل الخير بأن يوصي بشيء لأولئك الأحفاد ، وحيث إنه لم يفعل فالذي أراه الآن أن يتصالح الورثة على شيء يعطونه لأولئك الأحفاد اعترافاً بجميل والدهم في مشاركته في بناء البيت ، وكذلك يمكنهم أن يميزوا الابن الباقي بشيء نظير ما ساهم به في بناء المنزل ، لكن هذا كله من باب الصلح فقط ، وإلا فلو أصر الورثة الآخرون على أن تقسم التركة بالطريقة التي أشرنا إليها من قبل فلهم ذلك والله أعلم .