القائمة إغلاق

هل يتناول الخطيب مشكلات الواقع بأسلوب مباشر

من حيث التوجيه المباشر أو غير المباشر لموضوع الخطبة وخاصة في معالجة مشكلات بعينها يوجد نمطان للمعالجة.

النمط الأول: النمط غير المباشر الذي يربط العنصر الرئيسي للخطبة وهو الفضيلة التي يدعو إليها أو الآفة والخلق المذموم الذي يحذر منه يربطه بالإيمان بالله واليوم الآخر أو بالسيرة والتاريخ وأحداثها والعبر المستفادة منها دون أن ينزل ذلك على الواقع الضيق ودون أن يشير إلى حدث بعينه أو ظاهرة بعينها منتشرة في هذا الواقع.

فائدة هذا النمط

أنه نمط مريح للسامع, تارك له متعة الاحساس بالثقة في إيمانه والاحساس بعدم وجود دافع معين لدى الخطيب لتناول هذا الموضوع بالذات.

 وهذا التجريد للموضوع يصادف قبولًا خاصًا به وينمي في الانسان التزامه بالدين لأجل التدين وليس هربًا من الذم أو سوء السمعة وليس لذلك خضوعًا لتأثير وجهة نظر الخطيب أو توجيهه هو للظاهرة أو المشكلة.

ففائدة هذا النمط هو القبول المستريح لتلك التوجيهات.

عيب هذا النمط

أنه لا يضع النقاط على الحروف، ويترك كل انسان لقدرته على الاستشفاف، وإدراك المقصود، وكثيرًا ما لا يدرك البعض أن الأمر الفلاني هو من جنس ما دعا إليه الخطيب أو من جنس ما حذر منه ولذلك فهذا النمط قد لا يغير وحده في معالجة الواقع والحد من ظاهرات بعينها.

ولكن قد يفيد كثيرًا كأسلوب للوقاية إذ أنه يعتبر تخزينًا للمفاهيم إلى حين يأتي الواقع الذي يحتاج إلى هذه المفاهيم.

وما دمنا قد قلنا أن هذا النمط لا يغير كثيرًا إذا كان وحده إذاً يمكن له أن يتكامل مع النمط الثاني.

النمط الثاني: نمط التمهيد للظاهرة الواقعة ثم التنزيل على الواقع تنزيلًا مباشرًا يضع الأيدي على مواطن الداء ويصف لها العلاج.

فائدة هذا النمط أنه إبراء سريع للجرح حيث ستصبح أسباب هذه الظاهرة وخطورتها ونتائجها واضحة وضوح الشمس ثم التحذير منها بعينها دون غيرها ودون احتياج إلى اجتهاد من قبل السامع كذلك سيكون واضحًا وقويًا مما يجعل الواقعين  فيها نافرين منها نفورًا شديدًا والباقين  حذرين منها وربما تشيع في وسط الناس عبارات الاستهزاء والسخرية من الظاهرة وربما تمتد إلى فاعليها مما يجعلها فيما بعد مثار ازدراء وسخرية.

ولاشك أنه هذا كله يعجل باقتلاع هذه الظاهرة.

عيوب هذا النمط:

1ـ التنزيل المباشر على ظاهرة واقعة قد يقلل من شأن النصوص والمادة التي تحذر منها خصوصًا إذا لم يحسن الخطيب انتقاء المادة وإذا بالغ في مسألة وضع مبادئ عظيمة عالية ثم ضرب امثلة من الواقع عليها مثل أن يتحدث الخطيب حديثًا بليغًا في الأمانة ثم يشير في النهاية إلى أمر مختلف فيه يريد التحذير منه مثلًا.

2ـ التنزيل المباشر يمكن أن يثير بعض النفوس التي تقع في هذه المخالفات وربما يخلق لديها نوعًا من العناد.

3ـ التنزيل المباشر يجعل فى نفس السامع حاجزًا للقبول إذ أنه قد أدرك أن الخطيب يريد بحديثه أمرًا بعينه قد تكون هناك مصلحة في الحديث عنه كتوجيه سياسي مطلوب من الخطيب مثلًا, أو إذا كان الخطيب مسؤلًا يشعر بأن هذه الظاهرة تعرقل عمله ومهمته فعندئذ يضعف القبول إذا قارناه بالقبول هناك في النمط السابق وعمومًا فإن القبول هنا سيتوقف على حماس السامع للقضية ذاتها أو على قبوله لشخص الخطيب بينما في النمط الأول سيتوقف على مدى تدينه وحده.

إذًا الأفضل أن يسير النمطان متوازيان فبينما يتناول أحد الخطباء الموضوع مجردًا ويوفيه حقه في الامتاع والاقناع يأتي الخطيب الأخر في خطبة مستقلة ويتناول الموضوع من زواية جديدة ثم ينزل التنزيل المباشر.

*استدراكات على الطريقة المباشرة

مادمنا قد اتفقنا على عيوب التنزيل المباشر على الواقع وفي نفس الوقت هناك موضوعات وظواهر لابد من تناولها بهده الطريقة ومعنى ذلك أننا لا نستطيع الاستغناء عن هذه الطريقة إذاً الحل الوسط هو استخدامها ولكن بضوابط ومحاذير تمنع من حدوث سلبياتها. ومن هذه المحاذير.

1ـ يراعي عدم الاكثار من هذا النوع

2ـ عندما يبدو للخطيب أن يسلك هذه الطريقة فعليه أن يحسب النتائج أولًا ويتوقع ردود الفعل فلا يقدم عليها إلا بعد توقع نتائج غير ضارة أو إذا لم يكن هناك بد من هذه الطريقة فلتكن عندما نتوقع خسائر قليلة وليست أكبر من لظاهرة نفسها.

إن خطورة هذه هذه الطريقة أنها يمكن أن تحول المنابر إلى ساحات صراع أو مواقف لتصفية الحسابات بحيث يصبح المنبر فرصة للنيل من أحد أو من بعض الناس بحيث إذا تمكن من المنبر الطرف الآخر تمكن من الرد فيتحول الأمر إلى هجوم وهجوم مضاد وليست هذه رسالة المنابر.

وينصح بعدم حل الخلافات باثارتها على المنابر بل بالجلوس والحوار اولا

3ـ إذا أخذنا بهذه الطريقة فعلينا أن لا نكررها ولا نتناول ظاهرة شائعة بنفس الحدة إلا بعد فترة طويلة أي يجب أن نباعد بين الخطب التي يتبع فيها هذا الأسلوب.

4- يفضل أن لا تتناول مشكلة على المنبر عقب المشكلة  أي والمشكلة مازالت ساخنة حتى لايؤدي الأمر إلى جدل ونزاع عقب الخطبةكأن يقع نزاع بين عائلتين ولم تتضح الصورة جيدا للخطيب أما  إذا قدر الخطيب الموقف جيدا ثم رأى أن الأمر يحتاج الى التحذير المباشر وكان الخطأ الواقع واضحا لالبس فيه فهنا دور الدعاة والعلماء مثال ذلك موجة القتل والبلطجة التي ظهرت أثناء ثورة يناير احتاجت الى خطب مباشرة في التحذير من الاعتداء على الدماء والأعراض

التعليقات

موضوعات ذات صلة