متى يكون الصبر ؟
بقلم: الشيخ علي محمد علي الشريف
كثير من الناس يعتقدون أن الاستكانة للبلاء الذي يستطاع دفعه هو نوع من الصبر، وهذا خطأ فكل بلاء يستطاع دفعه وجب عليك دفعه، والسكوت والاستكانة عليه ضعف وكسل وليس صبرا.
فمثلا: رجل فقير يستطيع العمل والإكتساب، هل يحق له أن يتسول مدعيا أنه فقير، كلا بل عليه أن يعمل ويكتسب ويغنى نفسه وزوجته وأولاده شر السؤال
ورجل مريض يستطيع أن يعالج نفسه ، لا يحق له أن يستسلم للمرض، راقدا على السرير، تاركا عبادته وأعماله ، وهكذا كل بلاء يستطاع دفعه لا يجوز لصاحبه التكاسل والاستكانة والاستسلام له .
أما البلاء الذي لا يستطاع دفعه فلا بد فيه من الصبر والرضا بقضاء الله وقدره وعدم الجزع أو التسخط على أقدار الله، فلو أن أحد الناس مات عزيز لديه ، فهذا بلاء لا يستطاع دفعه، فهنا وجب عليه الصبر والرضا بقضاء الله ، وهكذا كل بلاء لا يستطاع دفعه وجب الصبر عليه والرضا بقضاء الله وقدره .
وهناك نوع من الصبر قد يغفل عنه بعض الناس ، وهو البلاء الذى إذا ذهبت لتدفعه عن نفسك تسبب ذلك فى بلاء أكبر، فهنا يجب الصبر وتحمل أدنى البلائين، فإذا كان دفع مفسدة سيؤدى إلى مفسدة أكبر ، وجب الصبر ، كرجل أصيب بمرض ما والتدخل الجراحى كفيل فى هذه الحاله أن يعالجه ويقضى على المرض تماما ، لكنه كبير فى السن وحالته الصحية ضعيفة لا تقوى على هذه العملية الجراحيه ، فهنا يقرر الأطباء عدم التدخل الجراحى ، لأنه لو أجرى الأطباء له العملية الجراحية سوف يموت ، فهنا نتحمل أخف الضررين .
وكمن يريد أن يغير منكرا ، وهو يعلم أنه سيترتب على هذا التغيير منكر أكبر من الأول ، وجب هنا الصبر والسكوت على هذا المنكر .
وكمن أبتلى بحكام ظلمة لا يحكمون الناس بشرع الله ويأخذون حقوقهم ، والصالحون المتقون فى حالة ضعف وليس معهم قدرة على النصر على هؤلاء الظلمة ، فإن هم خرجوا لقتالهم أبيدوا عن آخرهم ، ولم يحققوا نصرا ، وزادوا من حالة الضرر وزداد الوضع بعد القتال سوء ، فهنا نقول لهم الصبر على هذا البلاء واجب ، لأنه بلاء إن أردت دفعه زادت المفسدة ، وهذا النوع من الصبر يجهله بعض الشباب المتحمس ، لأن العاطفة عنده جياشة وتغلب على عقله ، والصواب أن يكون صاحب القرار فى هذه الحالة هو من غلب عقله على عاطفته .
أسأل الله العظيم أن يقيض للمسلمين أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته ويعلو فيه شرعه .