التوكل على الله (3)
الشيخ /على محمد على الشريف
مازلنا نتحدث عن التوكل على الله
إن الانبياء يعلمون البشرية كلها كيف يعبد الانسان ربه وهم القدوة الحسنة فى ذلك ولذا قص الله علينا قصصهم وامرنا ان نقتدى بهم فقد قال الله لنبيه (فبهداهم اقتده) وكل خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو خطاب للامة .
وها هو موسى عليه السلام يعلم البشرية كلها حسن التوكل على الله وحسن الظن به والثقة الكبرى بنصره وفرجه.
وذلك ان الله امره بان ياهجر ومن معه من المؤمنين من مصر بعد ازدياد الاضطهاد والتعذيب الذى لاقاه المؤمنون من الفراعين فاستجاب موسى ومن معه من المؤمنين وهموا بالخروج سرا الى بلاد الشام لكن احد المخبرين السريين لفرعون علم بالامر فاخبره فأعد جنده مسرعا وهرول خلف موسى ومن معه فلما لحق بهم على شاطئ البحر الاحمر شاهد اتباع موسى فرعون وجيشه فقالوا سيهلكنا فرعون بجيشه ولكن موسى قال (كلا) لماذا (كلا) يا رسول الله والبحر من أمامك والعدو من خلفك ولا طاقة لك به ؟أجاب موسى بما يوضح الثقة الكبرى الموجوه فى قلبه بفرج الله ونصره وأنه لا يضيع اولياءه فقال عليه السلام ( كلا إن معى ربى سيهدين ) فلما اطلع الله تعالى الى هذا التوكل العظيم والى هذه الثقة الكبرى بالله تعالى انزل عليه فرجه ونصره ونجاه ومن معه من المؤمنين من فرعون وجنده هذا ما قصه الله تعالى لعلينا فى كتابه قائلا ( وأوحينا الى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوزن ومقام كريم كذلك وأورثناها بنى اسرائيل فأتبعوهم مشرقين فلما تراء الجمعان قال اصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين فأوحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وازلفنا (قربنا) ثم (هناك) الآخرين (فرعون ومن معه) وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين (فرعون ومن معه ) وهكذا نجاة الله للمتوكلين عليه فى كل زمان ومكان فالمشكلة عندنا نحن ، هل نحن متوكلون على الله أم لا ؟ .
وانظر أخى الحبيب الى نبى الله زكرياعليه السلام وكيف كان توكله على الله وحسن ظنه به فإنه قد كبرت سنه وضعف عظمه و امرأته عاقر لا تنجب ومع هذا يطلب من ربه أن يرزقه ولدا صالحا يرث منه النبوة هذا والله عين التوكل على الله والثقة به فرغم انعدام الاسباب الا أن زكريا عليه السلام يثق بربه ثقة كبرى فلما اطلع الله تعالى الى هذه الثقه الكبرى وحسن الظن به استجاب له ورزقه بولد نبى كما ذكر لنا هذا فى صدر سورة مريم قائلا ( كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ).
) ذكر رحمة ربك عبده زكريا ) واذكر يا محمد الرحمة التى أنزلها الله على عبده زكريا .
) اذ نادى ربه نداء خفيا ) اى فيه الاخلاص وبعيدا عن الرياء .
) قال رب إنى وهن العظم منى ) اى ضعف عظمه ( وشتعل الرأس شيبا ) وهجم الشيب على رأسى فغطاه وهذا كنايه عن كبر سنه وضعفه وعدم قدرته على الانجاب .
) ولم أكن بدعائك رب شقيا ) وقد عوتنى الاجابة كلما دعوتك دائما فلم اشق بدعائك أبدا .
) وإنى خفت الموالى من ورائى) وإنى خفت على أهلى وناسى بعدى أن يفتنوا او يضلوا (وكانت امرأتى عاقرا ) أى لا تنجب ورغم هذا كله ( فهب لى من لدنك وليا ) ولدا ( يرثنى ويرث من آل يعقوب ) اى يرث النبوة فإن الأنبياء لا تورث دينارا ولا درهما ( واجعله رب رضيا ) أى وارض عنه يا ربى فلما اطلع الله تعالى الى هذه الثقة الكبرى بالله الموجودة فى قلب زكريا قال له ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا (
التوكل على الله (3)

التعليقات