القائمة إغلاق

لمحة تاريخية عن نشأة الجماعة الاسلامية (3)الانتشار

ظلت الجماعة الاسلامية بدعوتها داخل حدود الجامعة والمدن الجامعية ثم انتقلت الى خارجهابتأثير بعض الأمور منها

 ـ عودة الطلاب من الجامعات الى بلادهم متحمسين للدعوة راغبين في نشر ماتعلموه بعد أن امتلأ شعورهم بالمسؤلية عن الاسلام وقد ساعد على ذلك خطاب الجماعة الذي يحمل كل المسلمين المسؤلية عن الاسلام ويخصون الشباب فكانوا ينطمون لقاء لطلاب السنة النهائية مليئا بالتوصيات الخاصة بما بعد التخرج وخصوصا المسؤلية عن الدعوةالى الله ووكان للجماعة بيان خاص في نهايةالعام غالبا مايسمى “قبل أن نفترق” أو فلنفترق على عهد والعهد هو العمل للاسلام في كل وقت ومكان

ـ الأمر الثاني الذي ساعد على الانتشار تفاعل الجماعة مع الأحداث الكبرى مثل قانون الأحوال الشخصية ، ومبادرة السلام، والثورة الايرانية ،واستقبال شاه إيران في مصر، والعدوان السوفيتي على أفغانستان،وغير ذلك

ـ الثالث هو سرعة اصطدام الحكومة بالشباب واستعداء ادارة الجامعةعليهم فساهم طردهم من المدن الجامعية وسكنهم خارجها في نشر دعوتهم بين الأهالي.

الرابع عدم تأثر هؤلاء الشباب بجراح الاخوان فبينما كان الاخوان يدعون أنفسهم الى تضميد الجراح والتريث وعدم الاستجابة للاستفزاز كان هؤلاء الشباب كالقطار الماضي لايلتفت الى شيء وبينما كان خطابالاخوان متأثرا بالمحنة كان هؤلاء الشباب جدد النفوس يركزون على قضية الاسلام .

ـ خارج الجامعة اصطدمت الدعوة بالصوفية وبدعها وخرافاتها التي سيطرت على المساجد  

ـ كما اصطدمت بشيوخ الأوقاف ومفاهيمهم الحكومية وتحويلهم الدين إلى طقوس ميتة لاتحيى عبادة ولاتحرك قلبا وكان غالبية شيوخ الأوقاف مدخنين علانية يحاربون تحريم التدخين،  ولايصلون الفجر إلا قليل منهم، وكان المصلون يحفظون الخطب من تكرارها ويتندرون بأخطائهم فيها،  وكان ظهور الشباب المسلم المتدين يزعج هؤلاء الشيوخ إذ يسحب البساط من تحت أقدامهم ،كما كان الشباب يحبون البقاء فى المساجد للتعلم فيها والاعتكاف بينما الشيوخ يحبون إغلاق هذه المساجد فور الصلاة ، ولذا فقد حارب هؤلاء الشيوخ موجة الصحوة الدينية حربا لاهوادة فيها وانتشرت خطبهم تحت عناوين مثل (العمل عبادة ـ والإسلام جوهر لامظهر ـ والدين فى القلب ـ ولاسياسة فى الدين ـ ومايحتاجه البيت يحرم على الجامع ـ والدين للدِّيان والسياسة فى البرلمان ـ وانت لن تصلح الكون ـ والاعتكاف ليس من الإسلام ـ والتدخين ليس علي حرمته دليل ( لم تُحَرِّم الأوقاف التدخين إلا بعد تحريم منظمة الصحة العالمية له كنوع من الاستجابة والتعاون مع المنظمة  )

ـ استضاف  شباب الجماعة الإسلامية فى ندواتهم   جميع الدعاة والعلماء على الساحة سواء من دعاة الإخوان أو أنصار السنة أو الجمعية الشرعية أو جماعة التبليغ والدعوة وكذلك للشيوخ الأفاضل: نجيب المطيعي ـ محمد السويفي ـ عبد الحميد كشك ـ المحلاوى ـ حافظ سلامة ـ صلاح أبو اسماعيل ـ محمد الغزالى الذى كان لاذع النقد لسياسات الحكومة والشيخ عبد اللطيف مشتهرى إمام الجمعية الشرعية والشيخ عبد الله السماوى والشيخ عمر عبد الرحمن الذى اقترب منهم أكثر واقتربوا منه كما أنهم نشروا لكل العلماء الموثوقين بلا تمميز فى معارض الكتاب بالجامعة.

وقد كان لسعة الجماعة واستيعابها وشمولها أثر كبير في ارتياح الشباب لدعوتها وإقبالهم عليها باعتبارها تمثل دعوة للاسلام عموما .

ـ لقد كان الشباب المصرى متعطشين إلى روح الإسلام فما إن وجدوا الفرصة حتى  أقبلوا  على معانى الإسلام العامة الجميلة وأولها أحكام تلاوة القرآن فأصدرت الجماعة الإسلامية مذكرة مبسطة لسبعة أحكام رئيسية انتشرت انتشارا كبيرا حتى أصبحت تُوزَع مجانا فى كل مكان، وانتشرت حلقات التلاوة فى المساجد والمدرجات وكانت هى أولى حلقات المعسكرات والمعتكفات وكان التركيز فيها على التدريب العملى على تلاوة القرآن.

كما نشرت الجماعة كتب العقيدة وأولها كتاب “معارج القبول” للشيخ حافظ حكمى ردا على عقيدة التكفير التى وجدت لها أنصارا من بعض  الشباب، وكذلك كتب تفسير القرآن الكريم مثل تفسير ابن كثير وانتشر كتاب ” فى ظلال القرآن ”  للأستاذ سيد قطب رحمه الله رغم منعه ،وكان كتاب “معالم في الطريق” للأستاذ سيد فطب ينتشر سرا، كما اتشرت كتب  الحديث مثل “رياض الصالحين” و”الأربعون النووية” و”جامع العلوم والحكم” وكتب الآداب العامة والأخلاق مثل “منهاج المسلم” وكتب الأستاذ أبو الأعلى المودودى والأستاذ فتحى يكن والأستاذ أنور الجندى والشيخ سعيد حوى وغيرهم .كما انتشرت كتب الاخوان التي تحكي محنتهم في السجون مثل “الاخوان المسلمون من التعذيب الى ساحة الدعوة”

ـ بدأ الشباب ينتقدون الحكومة ويطالبون بالحكم بالشريعة الإسلامية ويستمعون للشيخ صلاح أبو اسماعيل رحمه الله ومحاولاته فى مجلس الشعب لتطبيق الشريعة  كما بدأوا فى العمل بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومحاربة الفساد ومحاولة تطهير الجامعة من آثار التحلل والموبقات التى كانت تقع تحت رعاية الجامعة واعداد واشراف كثير من الأساتذة الذين كان معظمهم قد درس  في الاتحاد السوفيتي الشيوعي ثم عاد من هناك معبأ بالأفكار المعادية للاسلام

ـ بعد توجه السادات إلى أمريكا وإعلانه عنما سمى  بالانفتاح الإقتصادى وتشجيع القطاع الخاص بدأ ت موجة من الفساد وخصوصا فى استيراد السلع الفاسدة وبدأالدعاة يتحدثون عن الفساد والظلم.

ـ كان السادات يَعِد الشعب المصرى بتحسن الإقتصاد وفى كل عام يقول : ” العام القادم هو عام الخروج من عنق الزجاجة إلى الرخاء “. بينما بدأت الطبقية تعرف طريقها إلى وسط الشعب ورائحة الطبقة الفاسدة تفوح وكان منهم رموز فى الحكم حول السادات ومن أصهاره المقربين وبدأ الناس يتحدثون عن الوزير المقرب و”مزرعة الثعالب” وعن صهر الرئيس الذي أدخل إلى مصر شحنات ضخمة من اللحوم الفاسدة ، والقرارات التى تتخذها الحكومة ومسئولوها متحالفة مع الفاسدين ومنها قرارت اتخذها السادات سرى بين الناس تفسيرها لصالح رموز مشهورة بالفساد ! فى نفس الوقت سرت شائعات قوية عن تدخل حرم الرئيس لتغيير قانون الأحوال الشخصية ، واختلاف علماء الأزهر بشدة حول هذا التغيير، وإنكارهم على بعض مواده ورفضه ،.

ـ فى لقاء السادات بطلاب جامعة القاهرة وقف الطالب عبد المنعم أبو الفتوح وحدَّث السادات عن نفاق من حوله وفسادهم فهب السادات غاضبٍا زاجرٍا ولم يكرر هذه اللقاءات بالطلبة إلا أنَّ هذه الوقفة كان لها أثر في تجرئة الشباب على المعارضة  وفي انتشار صيت الجماعات الاسلامية

ـ كانت جماعة الإخوان المسلمين قد بدأت تخرج من مرحلة كانت تسميها مرحلة ” تضميد الجراح ” وأصدرت  ” مجلة الدعوة ” وتصدت فيها لفساد الحكومة وطالبت بتطبيق الشريعة الإسلامية واهتمت بقضايا الأقليات المسلمة المضطهدة  فى العالم وكان لنشر هذه القضايا أثرا فى تحريك غيرة الشباب على الدين وعلى المسلمين  كما أصدرت كتبا كثيرة عن التعذيب الذى تعرضت له الجماعة فى سجون عبد الناصر وتعرضت الجماعة لهجوم عنيف من الإعلام المصرى إلا أن تلك الفترة كانت مليئة بالنزال الفكرى والمناظرات أكثر من الشتائم الفارغة التى زادت فيما بعد .

ـ تعامل السادات مع قضية تطبيق الشريعة بالمراوغة وكان الشيخ صلاح أبو اسماعيل يتحدث كثيرا فى أحاديث مسجلة ومنشورة عن هذه المراوغات وكان منها أن السادات أمر بتقنين الشريعة فى مواد قانونية ورغم اعتراض كثير من العلماء وقولهم إنها لاتحتاج لأى تقنين والقضاء مستعد للحكم بها إذا صدر بذلك القانون إلا أن مشروع التقنين دخل حيز التنفيذ بالفعل وفرغ منه ولكن ظل فى الأدراج .

ـ عندما زار السادات القدس وخطب فى الكنيست أمام اليهود وبدأ طريق معاهدة السلام لقى ذلك معارضة شديدة داخل مصر وخارجها واجتمعت عليه كل قوى المعارضة خصوصا أحزاب الوفد والأحرار والعمل وكثير من الشخصيات العامة مسلمين ومسيحيين حتى القساوسة وكذلك  الإخوان عبر مجلتهم وخطبهم وكتبهم  والجماعة الإسلامية عبر  المؤتمرات والمظاهرات والإضرابات وهوجم السادات هجوما شديدا فصارت هذه المعارضة  نقطة عداوة بين السادات ومعارضي اتفاقية السلام . كيف وهو الملقب ببطل الحرب والسلام ؟ أصبح يقول :أنا ليس عندى معارضين أنا عندى حاقدين .

واشتهر بخطاباته التى يتصدى فيها بالهجوم الشديد على معارضيه خصوصا بعد عودته من رحلاته الكثيرة إلى أمريكا.

ـ بعد أن استراح السادات من خصومه من الشيوعيين والناصريين ومراكز القوى ومظاهرات الطلاب فى الجامعات وبعد أن تحقق له نصر العاشر من رمضان وبدأ خطوات فى الإنجازات الداخلية والمشروعات التى كان يسميها بالثورة مثل : “الثورة الإدارية ” و” ثورة التصحيح و”الثورة الخضراء”” و” الأمن الغذائى ”  بدأ يهاجم التيار الإسلامى بشدة فى خطبه وهو القائل : “لاسياسة فى الدين ولادين فى السياسة ” وقال عن النقاب ” خيمة ” وبدأ ينفعل ويغضب  فى خطاباته كثيرا متبرما و ضائقا بالنقد والمعارضة كل المعارضة ويهاجم الإخوان وبدأ الإعلام يتهم الإخوان بحيازة السلاح وبالعمالة لدول خارجية وبتبنى شباب الجماعة الإسلامية الذى كثرت مشكلاته فى نقد السياسة وفى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحديث عن الجهاد فى سبيل الله

كل هذه الأمور ساعدت في انتشار الجماعة الاسلامية على نطاق واسع فيالجامعات والمدارس الثانوية وفي القرى والنجوع والمدن .

التعليقات

موضوعات ذات صلة