“الشيخ عزت السلامونى… قتله السجان”
ليس هنا شئ أرخص من حياة البشر
فى بلادى.. يموت الناس وهم يعبرون الطريق… وهم يرتحلون فى الشوارع سعيا وراء الرزق
ويموتون أيضا بالرصاص فى الميادين بالرصاص حين يقولون.. لا
ومن ينجون من الموت.. يصبح السجن هو مأواه الاخير… حينها يكون مستباحا… لايشفع لك السن… لا يشفع لك المرض… لايشفع لك أنك ستموت.. لأن الموت هنا هو أسهل الأشياء
المكان : سجن استقبال طرة
الزمان : ٢٧\٧\٢٠١٥
الحدث :شيخ مسن صائم يتلوى من الألم قبل ساعه الإفطار
والسجناء يا سادة فى مثل هذه الحاله يستغيثون طويلا قبل أن يأتي…. ولأن السجناء يا سادة لايملكون رفاهية أن يطلبوا طبيبا فى كشف منزلى خاص فإن أقصى الأمنيات هو أن يستجيب الشاويش.. قبل أن تصبح نوبه المرض.. موتًا مفاجئًا… ووسيلتنا فى ذلك يا سادة هى الطرق على أبواب الزنازين والنداء بكل ما نحمله فى أعماقنا من رغبة فى الحياة
وجاء الشاويش لكن بعد منتصف الليل !!!
ولأن الشيخ المسن كان يتلوى من ألم معوي شديد… ولأن السجن بلا طبيب مناوب فإن الحاله اضطرتهم للاستعانة بطبيب استشاري من زملائنا السجناء الذى شخص الحالة على الفور انها اشتباه فى انسداد معوي حاد…. وأوصى بسرعه تحويله للمستشفى وسرعة اتخاذ الازم
وطوال الليل والشيخ المسن المريض يتلوى وأصوات الاستغاثات من الزنازين لم تتوقف حتى طلع النهار
طلع نهار الثلاثاء ٢٨\٧\٢٠١٥ ليتم نقل الشيخ أخيرًا إلى مستشفى الليمان بعد أن قضى أكثر من ٧ ساعات منتظرًا سيارة الترحيلات جالسًا على الأرض والكلبشات فى يديه بعد ذلك قامت مستشفى الليمان بتحويله تحت حراسة مشددة إلى مستشفى خارجي لعدم وجود الإمكانات…
وهناك طلبوا إجراء أشعة.. أشعه لا تتكلف أكثر من ٤٥٠ جنيهًا… ولأن السجين يا سادة لا يجوز له أن يحمل أى نقود إلا فى خزينة السجن.. ولأن النقود والمخدرات هى أكبر الممنوعات فى قاموس السجون، فإن الشيخ المريض قد عاد ليلًا إلى السجن دون أشعات أو فحوصات.
كل ذلك فى عربة الترحيلات التى تقتل الأصحاء من تلقاء نفسها والعجيب أن تصبح بديلًا عن سيارة الإسعاف فى دولة الظلم والتنكيل
هكذا استقبله الضابط المناوب… صبيٌ يقولون له “فوزي بك”… ألقاه في إحدي الممرات أمام إحدي الغرف ! و الكلبشات في يده حتي فجر الاربعاء !
قبل أن يامر بإيداعه زنزانته مرة أخرى .
كل ذلك و الشيخ بلا طعام و لا شراب ولا دواء و لا ملاحظة ..
الزمان الآن : فجر الأربعاء ٢٩/٧/٢٠١٥
المكان : نفس المكان الذي لا إنسانية فيه
تتعالى أصوات الاستغاثات من جديد حيث لم يعد الشيخ قادرًا على أن يتحمل…
تتعالى الأصوات أكثر و أكثر الى أن جاؤوا و اصطحبوه بعد أن ودعنا وداعه الأخير .
مر يوم الخميس و مر يوم الجمعة ..
يوم السبت مات الشيخ.. بل قُتل الشيخ
نعم قُتل بدمٍ بارد.. كلهم شاركوا في قتله ..
من أول ذلك الشاويش الذي لا يستجيب إلا بعد ساعاتٍ طوال من الاستغاثة و النداء و مرورًا بذلك الذي رفض أن يجري له الأشعة من أجل حفنة مال لا تساوي ثمن حذاء جديد و انتهاء بذلك الضابط الحقير الذي تركه طوال الليل ملقًى في ممر و من وراء ذلك كله منظومة فاسدة قاتلة لا تقيم لحياة البشر وزناً.. البشر جميعًا على السواء معارضًا كنت ام مؤيدا ..
مادمت مصريًا فأنت رخيص وفى ظل هذه الأوضاع داخل السجون والمعتقلات فإن قوس الموت مفتوح من اليمين ولن يغلق من الجهة الأخرى إلان بعد أن يحصد من الأرواح ما لا يعلمه إلا الله
هذة شهادتنا التى نلقى الله عليها
رحم الله الشيخ عزت السلامونى، سجينٌ قتَلَه السجان !
التوقيع :
الأحرار في سجن استقبال طرة