التعليقات
بالتبرير والإنكار هنصلح المسار

قديما كانوا يقولون انه لا توجد عصا سحرية لحل المشاكل الاقتصادية ، وهي نظرية اثبتت حكومتنا في السنوات الاخيرة انها خاطئة . الحمد لله لقينا العصايا وكمان الأصلية ، واستطاعت حكومتنا ان تثبت انه بالامكان احسن مما كان وانه (yes we can)، وان مشاكلنا يستطيع اى مسؤول حلها بينما هو يتسامر مع مذيع التوك شو في الفضائيات حقنا.
وتعتمد خطة الدولة الفضائية السحرية في حل المشكلات الاقتصادية على ثلاث محاور هى الانكار ، و التصدير والتبرير . فيطل علينا المسؤول ويقول الحمد لله قضينا تماما على مشكلة البطالة ولدينا فائض في الوظائف بمرتبات تصل الى ستة آلاف جنيه ولكن الشباب لا يحب الوظائف . هذا هو المسؤل الناجح لأنه أضىاف الى الانكار عنصر آخر مهم وهو عنصر التصدير ، فألقى الكرة في ملعب الشعب وهذا هو أسلوب الحل بالانكار ، تحت شعار ( وليه نواجه المشكلة لما ممكن نديها ضهرنا ) . والمحور الثانى هو محور التبرير . فتخرج علينا النائبة البرلمانية بسنت فهمى رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان ، لتفسر لنا سبب ارتفاع سعر البطاطس الى 16 جنيه فتقول : ان السبب هو ان الفلوس جريت في ايدين الناس فأصبح المواطن بدل ما بيضرب له كيلو بطاطس في اليوم بقى بيضرب عشرة كيلو، فزاد الطلب فحدثت الأزمة . وهذا كلام صحيح ، انا عن نفسي شفت الولا حمادة ابن ام حسين بياكل البطاطس حاف . وهنا نلاحظ ثبات عنصر التصدير بجانب محور التبرير ولكن نظرا لان المسؤولة هنا خبيرة اقتصادية لا يشق لها غبار فقد اضافت الى التبرير والتصدير أسلوبا جديدا وهو التحريض الخفي ، فما دام الشعبعندما يكثر معه المال يسرف ويبذر تبذيرا ، والله لا يحب المسرفين ، فليس امام الدولة الا فرض المزيد من الاعباء ، مع إلغاء الدعم ، ولا مانع عنئذ من استصدار فتوى بتحريم الدعم من باب ( ولاتؤتوا السفهاء أموالكم ) يمكن الشعب يتهد ويبطل ضرب بطاطس .
فلسفة الدولة الاقتصادية تضع لنا مفهوما جديدا للدخل القومي ، ففي النظريات الاقتصادية القديمة يعتبر الدخل القومى هو مجموع دخول الافراد والهيئات والمؤسسات ، ده كان زمان ايام آدم سميث وكنز وغيرهم من المتخلفين ولكن النظرية ‘(البسنتية) الحديثة تقوم على أساس فكرة ان الدولة ليست شعبا واقليما وحكومة ولكنها مجموعة من المؤسسات تمتلك حكومة وشعبا واقليما . وبالتالي فان الدخل القومي هو اجمالي دخل مؤسسات الدولة ، من حصيلة بيع اراضي الاقليم وحصيلة جمع الضرائب والرسوم والمعلوم من الشعب .كما قال الفيلسوف الألماني كانط ( من حكم في ماله فما ظلم ) .
هذه الخطة الطموحة ساهم في انجاحها كافة المؤسسات والمسؤولين والاعلاميين ورجال الدين وخبراء الاقتصاد ، ففي دراسة اقتصادية متأنية ودقيقة استمرت لأكثر من دقيقتين وشارك فيها فريق بحث على اعلى مستوى مكون من احد المستشارين وعضو في مجلس النواب انتهت الى ان المواطن المصري يمكنه العيش بجنيهين فقط في اليوم بينما انتهى فريق آخر من الاقتصاديين اكبر سنا واكثر بسطة في العلم والجسم الى ان المواطن المصري يمكنه ان يفطر ويتغدى بخمسة جنيهات . على اعتبار ان العشاء من عادات الجاهلية الاولى .
ولأن النظام الناجح هو الذي يوفر للشعب احتياجاته، فقد عملت اجهزة الدولة على سحب مازاد عن الحاجة من جيب المواطنين . بكل الطرق فكتبت على دفتر الصادر( البحر يحب الزيادة ) وكتبت على دفتر الوارد ( وليه ناخد اقل لما ممكن ناخذ اكتر ) . الأئمة والخطباء كان لهم دور بارز في شرعنة الخطة ، فقد راحوا يحدثون الناس عن القناعة التى هي كنز لا يفنى في حين ان الفلوس كنز يفنى ، والسعيد من اشترى آخرته وترك الدنيا للحكومة ،وليس الغنى بكثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس . حتى انك تشعر ان الخطيب كان قاعد طول الليل على النت بيعمل سيرش على جوجل عن آيات الإيثار وقصص الزهد وفضائل الجوع . على اعتبار ان الشعب المصري من عباد الله الذين لا يصلحهم الا الفقر ولأن استغنى لفسد حاله. وان القائمين على مرسسات الدولة هم من عباد الله الذين لا يصلحهم الا الغنى ولو افتقروا لفسد حالهم .
جعلنا الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه .