القائمة إغلاق

الحجاب بين الأمس واليوم

أنا من جيل رأى أخلاق الناس وسلوكياتهم وكأنها ترجمةٌ حية لما يؤمنون به بكل بساطة دونما تعقيد ، وكأنها قدمان يسيرون عليهما فنسمع دبيب خطاهم ونرى حركة أقدامهم وهي تشي لنا بما يحمله صاحب القدمين من أخلاقٍ رفيعة وخصال كريمة وشيمٍ محل احترام وتقدير.

ومن ضمن ما شاهدناه بأعيننا فتيات ونسوة خرجن في حُلة من الوقار وكأن على رؤسهن الطير… في مهابة كنا نشهد لها ، في سترٍ كنا نخجل منه ، في حياءٍ كنا نتعلم منه!، في براءة كنا نُجمع عليها ، في طهارة كنا نشتم ريحها وكأنها حامل مسكٍ كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم

فالحجابُ كان عنواناً للحشمة فلا إسفاف ولا ابتذال ، عنواناً للحياء فلا تهتك ولا وامتهان، عنوانا للحكمة فلا سفاهة ولا نقصان ، عنوانا للأدب فلا فسوق ولا فجور،عنوانا للاستقامة فلا انحراف ولا اعوجاج ، عنوانا للسِتر فلا إباحية ولا مجون ، عنوانا للرفعة فلا هبوط ولا تدني. تذكرت تلك الحالة الجميلة التي كنا عليها ونحن نطالع المحجبات في شوارعنا ولن أتحدث عن المتبرجة كاشفة الشعر وما تشاء !! نعم لقد تذكرتها وأنا أنظر اليوم إلى حال الحجاب المفترى عليه! وأتعجب كيف تسللت تلك السلوكيات المهينة والمريبة إلى صاحبة الحجاب؟! كيف تبدل الحالُ بحجاب المرأة من عنوان للعفة والطهارة والاستقامة والستر إلى ما سواه من الابتذال والتهتك والاعوجاج؟! ما الذي حدث لنسائنا وبناتنا_إلا من رحم الله_حتى أصبحت الفتاة بحجابها_أو كادت_ أشد تأثيراً وضراوة من المتبرجة؟! .

ثم أصبحنا نراها تزاحم الرجال في المواصلات والأندية والمحال التجارية;المولات; وفي التسكع بالشوارع حتى بعد منتصف الليل ، بل وفي المقاهي أو ما يعرف بالكافيهات مدخنّة للشيشة.

هل أقبلت مثل هؤلاء النسوة والفتيات على لبس الحجاب كرهاً لا رغبة منهن ؟! بسبب ما يُملى عليهنُ من التزامات في محيط الأسرة أو ما تفرضه عليهن البيئة المحافظة التي لا تقبل إلا الحشمة ولا ترضى بالإسفاف

هل التزمنّ بالحجاب شكلاً وفقط ؟! لمواجهة تلك الضغوط الاجتماعية واحتواء ما تمليه عليهنّ البيئة من قواعد السلوك وفرضية الاحتشام ثم أطلقنّ لأنفسهن العنان في حرية العبث والاختلاط بما تفرضه عليهن أدبيات الاختلاط وحب الذوبان في حياة الناس دون زيادة أو نقصان

ترى متى يعود الحجاب إلى سابق عهده حصناً للفتاة وعونا للشباب على التعفف وغض البصر كما عرفناه في الماضي ؟؟

متى تلتفت الأسرة إلى ما أصاب بناتها وفتياتها دون التزام الصمت بل دون التشجيع المؤسف من بعض أولياء الأمور متأثرين بما حصّلوه من ثقافات الميوعة ودياثة الحريات المستوردة من دراما فاسدة مفسدة وفلسلفات سوفسطائية لا تزيد الطين إلا بلة ؟! أين دور الدولة الأخلاقى ؟!

لا بد للدولة والمجتمع معاً أن يقوما بما هو منوط بهم القيام به من مسئولية أخلاقية في حماية المرأة ورعايتها أخلاقياً وسلوكياً ، وعدم السماح لمن يضمرون لها السوء أن تمتد أيديهم الأثمة إليها.

لا بد للدولة أن تلتفت إلى خطورة الإعلام وصناعة الهدم الذي بات يحترفه ، وأن تعيد سيطرتها الأخلاقية على الاعلام ومؤسسات الدراما حتى تستطيع البناء في مواجهة معاول الهدم لقيمنا وأخلاقنا .

التعليقات

موضوعات ذات صلة