بقلم الشيخ / على الدينارى
ـ الشباب يحب الرجولة ويعتز بصفاتها ويحترم من يتصف بها الشباب يحاول أن يكون رجلا فيقلد الرجال في أخطائهم فيحلف بالطلاق ليكون رجلاويدخن ليثبت أنه رجل،ويحلق شاربه ليكبر ليصير رجلا
ويضرب إخوته البنات ويتمرد على والديه ويتمسك برأيه الخطأ ويعتدي على الناس وينضم الى شلة بلطجية ليكون رجلا كل ذلك لأن الشباب يبحث بطبيعته عن الرجولة والبطولة
لكن من هم الموصوفون بالرجال في القرآن ؟
( رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه) فمن صفات الرجولة الوفاء بالعهد وأوجب العهود وفاء العهد مع الله والعهد الذي بين كل انسان وبين الله هو توحيد الله وطاعته وعبادته وعدم عبادة الشيطان وطاعته (ألم أعهد إليكم يابني آدم ألا تعبدوا الشيطان)؟
لذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا أن نذكر أنفسنا كل صباح ومساء بالوفاء بعهد الله وتجديد هذا العهد (وأنا على عهدك ووعدك مااستطعت)
(فمنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا) أي من صفاتهم الثبات على الدين وعدم التبديل والتحريف فيه
ـ ومن صفات الرجال في القرآن ما في قول الله تعالى( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) ماصفاتهم؟ (لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله)
(يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار)
إذا صفات الرجولة الصلاة في المساجد ، وعدم الانشغال بشيء عن الصلاة والخوف من الله
وقال القرآن عن فتية الكهف(إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا بنا رب السموت والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين)
فالفتية والرجال حقا لاينساقون وراء التقاليد المخالفة لشرع الله
ولا يتبعون عقائد ومفاهيم ليست عليها أدلة صحيحة مقنعة
وكان الصحابة لايعدون الرجل رجلا حتى يحفظ سورة البقرة وقال النبي صلى الله عليه وسلم(عليكم بسورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولاتستطيعها البطلة أي الساحرة
ورمضان جاء ليعلم الشباب الرجولة بدعوتهم للاقتداء بالكبار في الأعمال الصحيحة الصالحة وأهمها الصلاة في المساجد فالأطفال هم الذين يبقون في البيوت مع الأمهات ولاينزلون للصلاة والى الصدق مع الله والصدق هو مطابقة الظاهر للباطن والصائم صادق لأنه صائم في السر والعلن والى حفظ القرآن وتلاوته
كما أن رمضان يدرب الشباب على جوهر الرجولة وأهم صفاتها وهو الصبر والتحمل والمكابدة والاصرار والتحدي للهوى وللنفس وللشيطان والتصميم على الوصول للنهاية اي على الثبات وعدم التراجع أو التخلي كما يدرب على الشجاعة ولايكون الانسان شجاعا الا إذا كان مستعدا للتضحية بالشهوات والمحبوبات لذلك عرفوا الشجاعة فقالوا: “الشجاعة هي القوة في مفارقة المحبوب” فالشجاع قرر سريعا أن يفارق شيئا محبوبا له قد يكون ماله أو جاهه أوشهوته أو حتى الحياة لذلك يكون ماضيا كالسهم غير متردد لأنه ليس هناك مايبقي عليه فيتردد ويتزعزع خوفا من مفارقته أما الجبان فهو يتردد لأنه لايريد أن يفارق أو يترك مايحب من الراحة أو الشهوة أو المال او الحياة
جاء رجل الى رسول الله صلى اله عليه وسلم أثناء القتال فقال :مالي إذا قتلت في هذه المعركة قال الجنة فنظر الى تمرات في يده وقال لئن حييت حتى أكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة ثم ألقاها وانغمس في صفوف القتال وقاتل حتى استشهد في سبيل الله .فمالذي شجعه؟ إنه الزهد في الدنيا والقدرة على مفارقتها في سبيل الله
خرج عبد الله بن جعفر الى ضيعة له فنزل على نخل لقوم فيه غلام اسود فأتى الى النخل كلب فدنا من الغلام فرمى اليه قرصا فأكله ثم رمى اليه آخر فأكله ثم رمى اليه الثالث وهو آخر مامعه من طعام فأكله فقال عبد الله بن جعفر : لم آثرت هذا الكلب بقوتك كله ؟ قال ماهذه بارض كلاب وقد جاء مسافة بعيدة جائعا فكرهت ن ارده فقال :وما انت بصانع يومك هذا قال اطوي يومي اي يظل جائعا.
كم قاسى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجوع وتحملوه في سبيل نشر الدعوة والجهاد في سبيل الله
وكان بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من الشباب الفقراء فهؤلاء كانوا يسهرون بالليل يتعلمون القرآن وبالنهار يحتطبون ويبيعون مااحتطبوا ليأكلوا به ومع الأيام صار هؤلاء هم القراء والعلماء والدعاة الذين يرسلهم الرسول صلى الله عليه وسلم الى القبائل ليعلموا المسلمين الجدد أحكام الدين
قال الشعر العربي
ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أنال به كريم المطعم
الشاب الذي لايستطيع تحمل الجوع ويصبر عليه هل هذا يمكن أن يبني مجدا أو ينصر دينا أو يرفع شأن أمة و حتى يقوم بأعباء الدعوة الى الله؟
إن أعداء أي أمة يستهدفون شبابها ويستدرجونه الى كل ماينقض عزيمته ويعبِّده لشهوته ويضيع رجولته
لكن في أيامنا هذه حدث تغيير في معنى الرجولة الى معاني أخرى
ومن المفاهيم التي رسخها الاعلام الفاسد عن البطولة أن البطل هو بطل الكرة وبطل المسلسلات
رمضان يعلم الشباب أن الرجولة أن تكون قوي الصبر مسيطرا على نفسك قوي الارادة والعزيمة وإذا قلت أن توفي فأنت صائم فلا يجوز لك أن تتراجع وتفطر قبل المغرب وفي المثل الرجل مربوط من لسانه أي إذا قال أو وعد فلا يتراجع فكلمته ألزمته وحكمت عليه .
متى يكون ذلك؟
عندما يكون قوي الارادة يفرض على نفسه مايريد ويلزمها به ولاتسيطر عليه نفسه اللوامة التي تلومه على هذا الوعد وتريد أن تتهرب من تكاليف وأعباء هذا الوعد
فالرجل يقود نفسه وليست هي التي تقوده وتفرض عليه هواها
الرجل يخالف هواه(وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
الرجل لايضعف أمام شهوته فيتزعزع وينزل عن الطاعة لربه الى المعصية