القائمة إغلاق

رواحل النصر (1)

رواحل النصر (1)
من اصدرات الجماعة الإسلامية
النصر كلمة حبيبة وخاصة لدى المؤمنين وطريق النصر شاق ومر قد امتلأ بالعقبات ولا يقطعه إلا الرواحل التي لها صبر عليه وقوة وعزم ومثابرة ، وكم من السالكين حازوا عقبة أو عقبات فيه ثم خارت قواهم ولم تقو الأقدام على حملهم وآخرون لما طال بهم الطريق أصابهم اليأس والقنوط وصاروا هم عقبة كئود .
من السائرين من تخطفه أول عقبة فهذا تخطفه عقبة الدنيا وآخر عقبة الخوف والهلع وثالث عقبة الراحة والدعة وهكذا لا تجد على الطريق إلا الرواحل فليس كل الإبل تصلح للسفر في الصحاري.
وصحراء الاستضعاف لصوصها أكثر وأرضها قاحلة وشمسها حارقة وليلها مظلم بهيم من أراد اجتيازها فليكن من الرواحل النادرة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ” الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ” رواحل النصر ، النصر ليس آخر محطاتهم فطريقهم ممتد إلى جنة عرضها السماوات والأرض والنصر أحد معالمه وطريق النصر يتطلب معرفة باتجاهه ودروبه ومنحنياته وفهماً لعقباته ووعيا بالأعداء ومكائدهم ومؤامراتهم.
طريق النصر يحتاج سيرا حثيثا بحذر وانطلاق ، وبتخطيط ونظام آناء الليل وأثناء النهار، فالرواحل لا تفترق بالليل أو النهار وتتحمل الصعاب وتركب المتاعب وتعانق الأهوال باذلة المجهود للوصول إلى المحبوب .
صياغة الشخصية المسلمة :
وراحلة تهفو نفسها إلى الجنة وتتحرق شوقا للنصر لابد لها من صياغة فكل مهمة من المهام تتطلب صناعة لمن يقوم بها وها هو موسى كليم الله يهيئه الله لمهمته ويدربه على معجزة العصا ” وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ” صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ” .
نعم لابد من صياغة للشخصية المسلمة توفر لها المقومات التي تؤهلها للجنة وتستجلب لها النصر فالجنة والنصر والتمكين أشياء لا يهبها الله إلا لمن يحبه ويرضى عنه يهبها لمن سار إليه بقلبه على بصيرة وبينه من منهج الله القويم ,الجنة والنصر لتلك القلوب الخاشعة المخبتة والأجساد الطائعة العابدة لله في كل وقت وتفكير وصياغة الشخصية المسلمة يجب أن تصنع لنا ( نموذجا يمشي كأنه قرءان على الأرض ) صياغة الشخصية يجب أن تنتج لنا المسلم المتمثل للمنهج ومقتضياته القادر على الدعوة له وبيانه والمنفعل بأهدافه بكل كيانه لا نريد صياغة تفرز لنا نموذجا مشوها تسير بغير علم أو نجدها انكبت على العلم وتركت العمل أو عملت ولكن بغير وعي , نريد نموذجا يجتمع فيه العلم والعمل والطاعة وكمال الخلق نموذجا يتحرك بوعي ويتحدث بفهم ويصدع بحق ويدعو بحكمة ويسعى بإخلاص وصدق نريد نموذجا مرتب الفكر بعيد النظر يعمل وقلبه معلق بالسماء يحمل هموم الإسلام على كتفيه يواجهه وروحه على كفيه نريد نموذجا قادرا على أعباء الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله .
ولم يدعنا ربنا سبحانه وتعالى في هذا الأمر دون إعانة وإبانة ” أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ” فقد اصطفى نبيه صلى الله عليه وسلم يحمل منهجه من جملة البشر كي يكون نموذجا للكمال البشري أمام أنظار السائرين إلى الله كي يقتدروا ويصنعوا أنفسهم على شاكلته ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنا ” والشخصية المسلمة المطلوبة اليوم لابد أن ترتشف من هديه ونبعه الصافي : من خلق وحلمه وكرمه ومن سخائه وشجاعته وإقدامه ، من زهده في الدنيا وإقباله على الآخرة ، من كمال العقل ورجاحة الفكر ، من حسن المعاملة وجميل المعاشرة ، من عدله وإحسانه وبذله وإيثاره وباختصار من كل شيء .
أصدرته الجماعة الإسلامية

التعليقات

موضوعات ذات صلة