القائمة إغلاق

مدرسة محاسن

بقلم / سعيد علي
لدينا مدرسة جديده في ساحة النقد والتقييم تأسست علي فكرة ذكر المحاسن المطمورة والمعلومة لكل شخص ممن يعرف القاصي والداني قبح جريرته ، وخبث طويته ، وفشله وإخفاقه ، وفساده وطغيانه . فتراهم يبحثون في ليل تاريخه المظلم بعدسة مجهر عن نقطه بيضاء هنا وهناك فإذا وجدوا ذلك طاروا به فرحا ، وملأوا به الاّفاق تبجيلا لذاته ، وتعظيما لشأنه ، ثم يزعمون أنهم انتهوا إلي ما غفل عنه الغافلون ، والمغفلون ، والمتغافلون _ أو بالعامية المصريه ( جاب الديب من ديله )
لقد قرأنا وسمعنا لأناس يتغزلون في محاسن نابليون ، وعبقرية محمد علي ، وسمعنا فلاسفه الثناء علي المؤيد بالله بشار الأسد ، وأتوا من تاريخه بالبدور الزاهرة ، واللٱلئ المتناثرة ، وبنحوه عبدالناصر موحد الأمه العربية ، ورفيق دربه في الطغيان والفساد صفوت الشريف _ وهلم جرا _ حتي إنتهينا إلى القس الذي بلغت حسناته الٱفاق ، ولم يبق علي وجه الأرض موحد يمكن أن يفري فريه ، أو يسبقه في المنزله ، مع الدعاء له بسحائب الرحمات ، ومنازل السعداء
وأرباب هذه المدرسة يفعلون ذلك عمدا ، ويقولونه قصدا ، ويعتبرون من خالف طريقتهم أو نقد منهجهم من البله المغفلين الذين لاحظ لهم في ثقافه ، ولا فهم أو من حملة الدبلومات ممن لا يتجاوز عقلهم حد حمار دربه أصحابه علي الحمل والسير والعناء ( علي حد زعم قائلهم )
وٱه لو تجرأ بعض الناس فذكر لهم فظائع وفضائح من أثنوا عليه وبجلوه _ إذا لدمغوه بالحجة ، وقطعوا منه لسان المحجة ، وقالوا له عبارتهم الشهيرة : ( له ما له وعليه ما عليه )
_ ويحسبون أنهم علي شئ ألا إنهم هم المفلسون .
ومما تميزت به مدرسة محاسن أن شيوخها ومؤسسيهايعرضون أفكارهم بطريقة صادمة ، ولا يأبهون بتحسين اللفظ ، وتنميق الكلام _ وهم بالطبع يملكون ٱلة البيان ، وناصية البلاغه ، ولكنهم يقصدون صفع مخالفهم علي قفاه
حتي إذا ما انتفض بعض المغالين ممن ثارت غيرتهم واشتعلت مشاعرهم فأطلقوا فيهم ألسنتهم بالسب والتسفيه ، وجدوا ضالتهم ، ، وانتهوا إلي هدفهم فيعدلون عمدا عن مناقشة أفكارهم ، وطريقتهم الفاضحة إلي الصراخ والعويل والشغب .
أنظروا إلي مخالفينا كيف لا يحسنون إلا السب واللعن ، وكيف لا يملكون ثقافة قبول الٱخر ، وكيف لا يواجهون الحجة بالحجة ، و البرهان بالبرهان وأبناء محاسن يحاكمونك إلي اشياء أنت تعرفها وتؤمن بها لكنهم يصرفونها عن حقيقتها ، ويعدلون بها عن مقاصدها .
يقولون لك يا أخي أنت لست قاضيا حتي تحكم علي فلان ، وتضع أقواله وأفعاله في الميزان .
وهذا حق – فنحن لسنا قضاه ، ولا خوَّل إلينا التاريخ أن نقضي في حق أحد ، ولكننا لسنا بهائم لا نميز بين صاحبٍ وعدوٍ ، ولا طيبٍ وخبيثٍ .
من إشتهر بالشر قلنا إنه مسئ وإن كان له محاسن ، ومن إشتهر بالخير قلنا إنه محسن وله سيئات و” ما علي المحسنين من سبيل “
ويقولون لك يا أخي نحن نذكر محاسن المسيئين لننصفهم وهذا أيضا حق ، ولكن ذكر محاسنهم دون الإشارة إلي جناياتهم هو تدليس وقبح ، وتضليل مقصود لأجيال لا تحسن قرأة التاريخ .
_ ويقولون لك ليس من العدل أن تنسي حسنة المخالفين وليس من الحكمة ألا تستفيد مما أحسن فيه غيرك وإن كان مخالفا لك وهذا لعمر الله حق لا مرية فيه ، ولكن كيف يستقيم في منطق العقل والعدل أن تسرفوا في ذكر محاسنهم وتغضوا الطرف عمدا عن كل جرائرهم .
إن الهدف الخفي لأبناء محاسن أن يهدموا بنيان العدل في مدارس النقد والتقييم ليقيموا مكانه بناء تأسس علي تعظيم الأقزام ، وتقزيم الأعلام
ولا خير في قوم تذل كرامهم ..
ويعظم فيهم نزلهم ويسود ..
ألا خاب أبناء محاسن..

التعليقات

موضوعات ذات صلة