في رثاء القائد الرباني.. علم الدعوة والجهاد
رجل الصلح والسلام.. فضيلة الشيخ كرم زهدي
ـ رحمه الله رحمة واسعة وأجزل له الثواب ـ
شعر: د. محمد حافظ
ما للفؤاد معذبا يتلهب *** يدمى وغائر جرحه يتشعب
كم بات يشكو والزمان يزيده *** ألما ولا طب به يتطبب
طفق الأحبة يرحلون كأنما *** روح الحياة تسارعت إذ تغرب
واليوم تختلس المنايا سيدا *** كنا بصادق عزمه نتطبب
أسد من الآساد ولى وجهه *** لله لا يخبو ولا يتهيب
أوفى لعهد وهو أصدق بيعة *** وأسدهم فيما يروم ويطلب
وله إلى قمم المعالي همة *** من شأنها كل الورى يتعجب
لله درك شيخنا من ذا الذي *** يسعى كسعيك والشدائد تحرب
أقدمت والدنيا تموت مخافة *** وخطاك راسخة وأنت توثب
ولكم وردت من الموارد لم تهب *** حمم المنون إذ انبرت تتصبب
قد كان صوتك في المعامع صعقة *** أنى يكون لمن دهتهم مهرب
وأبيت إلا رحمة ومودة *** وكمال عزم رشده يتغلب
ولقد كسيت مهابة وجلالة *** ولكم مقام في القلوب محبب
النور فيض وجوهكم وحديثكم *** أزكى وأعطر في النفوس وأعذب
لما رأيت القوم جد عناؤهم *** والكل في نار الصراع معذب
ورأيت أفئدة تميز غيظها *** يرتاد أعماق النفوس ويضرب
وغشى البلاد من العناء سحابة *** والأمن حلم في النفوس مغيب
وعدونا ببلادنا متربص *** والغنم أبعد والمغارم أقرب
أيقنت أن الصلح أرشد خطة *** ومددت كفك صادقا لا ترهب
أقدمت عند الصلح أعظم مقدم *** والكل من تبعاته يتهيب
وهضمت حظ النفس لم تعبأ بها *** وجعلته دينا به تتقرب
لله درك لم تزل متمثلا *** سبط النبي ودربه يتلهب
كرم بن زهدي وأي مفاخر *** من بعد ذلك ترتجى أو تطلب
يا هل نرى في الناس يوما مثله *** علما لغير الرشد لا يتعصب
صلبا أبيا لا تلين قناته *** ولرحمة وتسامح مستصحب
لله لا لسواه ولى وجهه *** وإليه ليس لغيره يتقرب
فلتشهدي يا مصر كيف عطاؤه *** فبمثله الأمثال حقا تضرب
وليشهد التاريخ كيف تنورت *** صفحاته وغدت به تتطيب
يا شيخنا يوم الرحيل وكلنا *** لك شاكر ولك المقام الأطيب
فجزاك رب العالمين بخير ما *** يجزي إماما للهداة يصوب
وحباك قربا واصطفاك لمنزل *** في صحبة المختار حيث تقرب
بين الأحبة خالدا متنعما *** وبعين تسنيم تلذ وتشرب