القائمة إغلاق

إنه سيدنا عمر..!!

بقلم: فضيلة الشيخ علي عبد الظاهر

عام ١٩٨٣… أعطاني اخي وحبيبي الشيخ محمود الضامر شريط كاسيت لسورتي الانفال والتوبة، فسمعت القرآن وكأني لم أسمع هذه الآيات من كتاب ربنا من قبل، ثم عاودت سماعها مرات ومرات وأعطيته لأحبابي ومعارفي، وعلى الرغم أن مجرد سماعي له في هذا الشريط كان نقطة تحول كبرى في مسيرتي إلا ان صلاتي خلفه شيء مختلف أيما اختلاف.

والحمد لله أن الله قد قدر لي وحباني بأن أصلى وراء صاحب هذا الصوت في مسجد التوبة بإمبابة عام ١٩٨٥ فصلى بنا فضيلة الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن صلاة العشاء.

إنه مختلف، نعم مختلف، فلعل كثيرون من علمائنا وسادتنا ومشايخنا ممن سمعت منهم وصليت خلفهم، وفيهم من هم أحلى وأندى منه صوتا، ومن هم أكثر صيتا وذيوعا وانتشارا ومحبة في قلوب مريديهم ومحبيهم، ومن هؤلاء القراء من لا يختلف عليه أحد أبدا لا تجويدا ولا آداء وترتيلا وإتقانا وحلاوة صوت، ولكن أن تصلي وراء الشيخ فإنه وبالنسبة لي على الأقل ولعل كثيرون غيري يشاركوني الرأي فإنه رحمه الله يقرأ القرآن كأنه يفسره..!!

نعم فإني لا أقول فقط إن مؤثرات صوته ذاتها ترتفع بك إلى جنة الله وتسمو بك حتى تهفو نفسك إليها ثم يذهب بك إلى يوم القيامة يقرأ بك ولك وكأنك تراها رأي العين، فإذا راح يقرأ عليك قوله تعالى (أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) فآنه يأخذك من المخاوف الدنيئة والحقيرة والتي لا محالة زائلة إلى الخوف من الملك والخوف الذي لا يزول عنك إلا بالفرار إليه والقرب منه والوقوف على بابه سبحانه، الخوف الذي هو ناصرك ورافعك وراضيك ومرضيك ثم هو مبعدك وواقيك من نار تلظى.

هل أقول إنه مختلف لأنه يقرأ بقلبه، فالمنشاوي رحمه الله لا أحد ينافسه في مظنتنا في فضليته أنه يعيش القرآن بجوارحه كلها ولم يبرع أحد كبراعته وإتقانه وتفرده بالنسبة لكثيرين عاصرتهم وسمعت آراءهم فيه وفي غيره، ولكن والله يا أحبتي الشيخ مختلف.

نعم يفوقه الشيخ الحصري في أشياء فهو أستاذ الأساتذة، ولكن الشيخ مختلف، هل لأني صليت وراءه ولم أصل وراء هؤلاء السادة الأفذاذ، ولكني صليت وراء آخرين فالقرآن هو القرآن، ولكن الشيخ مختلف.

جاء الشيخ مرة مسجد الدعوة بإمبابة تكلم إلينا في تفسير ((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ)) فتكلم كلاما لم أسمعه من أحد غيره، هزني هزا عنيفا ولو سمعته من أي أحد غيره لن يؤثر في مثلما أثر في الشيخ رحمه الله، فرحت أقول في نفسي إنه قد عذره ربه وهو الرجل الضرير فماذا عليه لو جلس في بيته او في مسجده او قريته او محافظته ما بال الشيخ يجوب البلاد طولا وعرضا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر شاحذا للهمم داعيا إلى ربه وإلى تحكيم شرعته حتى ناله ما ناله من أذى.

التف حبل المشنقة حول رقبته فأنجاه الله بما شاء وكيف شاء ورجع إلى منبره وإلي دعوته، وانتهيت إلى أن مع الشيخ.. هناك شيء مختلف!!

شيء وقر في القلب وصدقه العمل، دعوة وحسبة وجهادا، دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وحسبة لله وجهاد في سبيل الله وطلب شهادة في مظانها ذهب إلى أفغانستان يحرض المؤمنين على الجهاد ويحثهم وهو المعذور وقد قال الله فيه وأمثاله ((لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ))..

لقد صدق اللهَ فيما نظن..

ونحسب ان شيخنا من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فجاهد ونفي وسجن وانتظر حتى جاء أمر الله وهو على ذلك فاللهم اغفر له وارحمه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة واغفر اللهم لحينا وميتنا، ربنا لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره وعوضنا عنه خيرا.

التعليقات

موضوعات ذات صلة