القائمة إغلاق

الفرق بين الثبات على الحق والثبات على الرأى


هناك فرق شاسع بين الثبات على الحق والثبات على الرأى ، فالفتوى تتغير من زمان إلى زمان ، ومن مكان إلى مكان ، وقد تتغير الفتوى من شخص إلى شخص ، فكل فتوى مبنية على المصلحة تتغير بتغير المصلحة ، وكل فتوى مبنية على العرف تتغير بتغير العرف ، هذا الكلام مجمع عليه بين العلماء ، فالصوم فرض على كل مسلم ، لكنه قد يكون مباحا وليس بواجب على المسافر والمريض والشيخ الفانى والحامل والمرضع ، وقد يكون مكروها إذا صام المسافر أو المريض وأصابته شدة ومشقة شديدة ، وقد يكون الصوم حراما إذا أدى إلى ضرر شديد بالمريض أو المسافر أو الشيخ الكبير ، إذن الفتوى تغيرت من شخص إلى شخص ، ومن حالة إلى حالة ، كذلك لا يجوز للمسلم النطق بكلمة الكفر ، لكن فى حالة الإضطرار يجوز له ذلك بالإجماع ، وقد تتحسن الحالة فلا يضطر المسلم إلى النطق بكلمة الكفر ، ولكن لا يستطيع أن يعلن إسلامه ، كمؤمن آل فرعون فله أن يكتم إسلامه ولا يعلنه ، وقد يتحسن الأمر فيستطيع أن يعلن إسلامه ، لكنه لا يستطيع أن يجهر بدعوته إلى هذا الدين العظيم ، فيضطر أن تكون دعوته سرية ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أول دعوته ، وقد يتحسن الوضع ويتمكن من دعوة المقربين ومن يظن فيهم الخير ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تحسن الوضع وزاد عدد المسلمين ، وقد يتحسن الأمر ويستطيع أن يجهر بالدعوة إلى كل الناس ، فعليه حينئذ أن ينتقل إلى هذه المرحلة ولا يجمد على المرحلة السابقة ، وقديتحسن الأمر ويمكن الله للمؤمنين ، فتكون لهم دولة وليدة لا تقوى على إعلان الجهاد وفتح البلاد ، إنما هو الدفاع فقط ، فلا يحل له الجهاد الطلبى ويجب عليه الدفاع فقط ، وقد يتحسن الحال وتقوى الدولة الإسلامية على الجهاد و فتح البلاد فيجب عليه الجهاد والغزو ، إذن الثبات على حالة واحدة رغم تغير الظروف والمصالح يكون مجافيا للحق وليس ثباتا على الحق ، وقد يأخذ المسلم قرارا ، ثم بالممارسة الواقعية يجد أن هذا القرار يسبب ضررا شديدا ، ولا يحقق المصلحة ، فلا يكون الثبات على هذا الرأى ثباتا على الحق ، بل هو ثبات على الخطأ ، وقد يحتاج الظرف والحال إلى الصبر على أذى الأعداء ، أو الصلح معهم ، أوعمل معاهدة دفاع مشترك ، وهذا كله جائز عند الحاجة ،كما نص عليه العلماء ، لكن بعض الإخوة يميل إلى الرأى الواحد ، ثم يثبت عليه ، حتى لو تغيرت الظروف والأحوال ، وانقلبت المصلحة إلى مفسدة ، أو انقلبت المفسدة إلى مصلحة ، هو ثابت لا يتغير ، ثم تراه يضع أهدافا خيالية لا يستطيع تحقيقها ويصر عليها ويرفض كل خيار ممكن أن يحقق له بعض المصالح ، مع أن السياسة هى تحقيق الممكن لا التشبث بالمستحيل ، معتقدا أن تغيير الرأى نوع من التراجع أو الجبن . وللحديث بقية إن شاء الله تعالى .

التعليقات

موضوعات ذات صلة