هناك إيثار محمود .. وإيثار مذموم !!
– قالوا.. إن الإيثار بالطاعات والقُرُبات.. مذموم؟!
– وها هو (المغيرةُ) يؤثرُ (أبا بكر) على نفسه.. ويترُكُه يبشِّرُ النبيَ بقدوم وفد الطائف.. ليكون هو الذي بشَّرَ النبيَ وأسعده.. ولم يَكرهُ (المغيرةُ) عندما سأله (أبوبكر) ذلك!
– وها هي (عائشةُ) تؤثرُ (عمرَ) على نفسها.. وتترُكُه يُدفن في بيتها.. ليكون هو الذي يرقدُ بجوار النبي.. ولم تَكره (عائشةُ) عندما سألها (عمرُ) ذلك!
– فهل مازلت (تَكره) أن يسألَك أخوك.. أن يأخذ مقامَك في الصف الأول؟!
* قال ابن القيم..
– وقول من قال من الفقهاء.. أنه لا يجوز الإيثار بالقُرَبِ.. (لا) يصح!!
– ومن تأمل سيرةَ الصحابة.. وجدهم غير كارهين لذلك.. ولا ممتنعين منه.. وهل هذا إلا كرمٌ وسخاء.. وإيثارٌ على النفس بما هو أعظم محبوباتها.. إسعادًا لأخيه.. وتعظيمًا لقدره.. وإجابةً له إلى ما سأله.. وترغيبًا له في الخير!
– وعلى هذا..
– لا يمتنع.. أن يؤثرَ أخاه بالماء.. و(يتيمم) هو.. فيحوز فضيلة الإيثار.. وفضيلة الطُهر بالتراب..!
– ولا يمتنع.. أن يؤثرَ أخاه بالماء.. فيسقيَه إياه.. و(يموت) هو.. ولا يقال أنه قاتلٌ لنفسه.. بل هذا غاية الجود والسخاء..!
– ولم يمنع من هذا كتابٌ ولا سنة.. ولا مكارمُ أخلاق..!
– وليس (يوم اليرموك) عنا ببعيد.. حيث آثر الثلاثة على أنفسهم (شربة الماء) حتى ماتوا جميعًا.. قَالَ تَعَالَى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
– وها هو النقيب الشهيد.. سعد بن الربيع.. (يعزم) بطلاق أفضل زوجتيه.. مؤثرًا بها عبدالرحمن بن عوف.. بل (يعزم) عليه بنصف ماله.. وهو أكثر الأنصار مالًا وقتئذ!!
– فلماذا خسَرتَ قلبَ أخيك.. وضيعتَ فؤادَه.. لَمَّا آثرتَ نفسَك عليه.. بالصف الأول.. أو بالأذان.. أو بتأشيرة حجٍ.. أو بكتاب علمٍ.. أو حتى بعلمٍ جَمْ.. أو بسواكِ الفَمْ؟!
– وأنت مأمورٌ.. بتقطيعِ نفسِك ووصلِه.. وتشتيتِ شملِك وجَمعِه..!!
– أين نحن من كلام (الحسن بن علي) عليهما السلام..
إن أخاك الحقَ من كان معك..
ومن (يضــــــــــــرُ) نفسَه لينفعَك!
ومن إذا ريبُ الزمانِ صدَّعك..
(شــــــتت) شملَ نفسِه ليجمعَك!
– فاللهم اهدنا لأحسنِ الأخلاق.. لا يهدي لأحسنِها إلا أنت.. واصرف عنا سيئَها.. لا يصرف عنا سيئَها إلا أنت!!