القائمة إغلاق

من عبق الذكريات

بقلم الشيخ / علي الشريف 
فى سنة 1975 كنت لا أفقه فى دين الله شيئا ، وكنت أصلى أحيانا وأقطع الصلاة أحيانا أخرى ، وفى فترة من الفترات التى كنت أصلى فيها وجدت فى المسجد شابا غريبا وسيما ملتحيا ، أول مرة أراه فى مدينة شركة السكر بنجع حمادى ، ثم بعد أن فرغنا من الصلاة نظر إلى هذا الشاب مبتسما ، ثم قام إلى وسلم على وصافحنى ، ثم عرفنى بنفسه ، وأنه جاء إلى خالته ليحصل على شهادة الثانوية العامة من نجع حمادى ، فعرفته بنفسى ، وأخبرته أننى أيضا طالب فى الثانوية العامة ، ثم أصبحنا صديقين نلتقى فى المسجد ونتحاور
 معا ، وكنت ألاحظ كثيرا أنه يضع عصا صغيرة فى فمة ، فقلت له ما هذه العصا التى تضعها فى فمك ؟! فتبسم وقال لى : إنه سواك ، فقلت له : وما هو السواك ؟! فقال هو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له أول مرة فى حياتى اسمع عنه ، فضحك وقال لى : هو من شجر الأراك ، ينظف الفم من بقايا الطعام ، ويجعل رائحة الفم طيبة ، ثم فى اليوم التالى أهدانى سواكا ، فشكرته ، ثم لاحظت أنه غير مهتم بالدراسة ، فنصحته أن يهتم بها ، فقال لى : إنه مشغول عنها ، فتعجبت وقلت له : نحن الطلبة لا عمل لنا سوى المذاكرة ، فقال لى : هذا الكلام غير صحيح ؛ لأن الله تعالى قال : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فالمسلم الحق لابد وأن ينشغل بطاعة الله ، فيجب عليه أن يتعلم دينه كالفقه وأصول الفقة والحديث ومصطلح الحديث وتفسير القرآن وعلوم القرآن والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامى والعقيدة والأخلاق ، فقلت له : أول مرة فى حياتى أسمع هذا الكلام ، فتبسم وواصل كلامه : ويجب على المسلم الحق أن يدعو إلى دين الله ، ويغير المنكرات ، وأن يجاهد فى سبيل الله ، وعليه أن يواظب على قراءة القرآن وعلى حفظه وعلى ذكر الله ، فمن تمسك بهذا لن يكون له وقت للثانوية العامة ، تعجبت من هذا الكلام الذى لم أسمعه فى حياتى قط ، وفعلا وجدت هذا الشاب كثير الذكر ، مداوما على تلاوة القرآن ، كثير الإطلاع على العلوم الشرعية ، ولا هم له إلا دينه ، فأحببته حبا جما ، ومكث معنا هذا الشاب عدة أشهر ، ثم سافر إلى بلده ، فحزنت لفراقه حزنا شديدا ، وكان هذا الشاب هو عبد الرحمن لطفى رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته .

التعليقات

موضوعات ذات صلة