القائمة إغلاق

وقفة مع النفس٢

بين حين وآخر تظهر على استحياء دعوات تنادى بالحل السياسى وكلما ظهرت واحدة من تلك الدعاوى سرعان ما يقابلها حملة شعواء من الشجب والتنديد والتشويه والتجريح والطعن فى النيات والاتهام بالركون الى الظالمين بل وموالاتهم فى بعض الأحيان .. وإنى هنا أحاول أن أركز على سبب آخر يعد أيضا أحد أهم الأسباب التى يرتكن عليها رافضوا سلوك الحل السياسى ألا وهو : دعواهم بأن الرضا بالحل السياسى هو فى الحقيقة يعتبر إعترافا بالسلطة الحالية وإقرارا بخلع د مرسى .. ـ وحتى تتضح الصورة أكثر نرجع إلى الوراء عدة سنوات وتحديدا منذ بداية ثورة يناير مرورا بفترة تولى الإسلاميين الحكم وحتى إنقلاب 30 يونية .. فى تلك الفترة تنحى مبارك وألقى بالمسئولية على عاتق المجلس العسكرى ولم يلقها على عاتق الشعب .. المجلس العسكرى يومها كان الذراع القوى لمبارك ومؤسسته تابعة للنظام المخلوع ومع ذلك رضى الثوار وفى مقدمتهم الاسلاميين بكافة فصائلهم بهذا الاجراء واعتبروا ذلك نصرا للثورة وتغاضوا عن وضع المؤسسة العسكرية السابق ورضوا بإعلاناتها الدستورية وخارطة الطريق التى رسمتها للحالة السياسية والتى تمت بمشاورة كافة الأطياف المجتمعية وصحيح أن هناك أشياء لم تعجب البعض ولكن فى النهاية كان هناك حلا لكل خلاف .. استمر الاسلاميون وغيرهم فى العملية السياسية حتى حصدوا أكبر الأصوات بل وانتخب منهم رئيس الجمهورية .. ورغم وضوح الرؤية على وجود أياد تعبث فى الخفاء ـ وهو ما سمى وقتها باللهو الخفى ـ مثل ما حدث من محاولات وضع مبادىء حاكمة فى الدستور مرورا بحل مجلس الشعب وحل لجنة المئة المنتخبة من مجلس الشعب والمنوط بها عمل دستور للبلاد ثم ما حدث من مؤامرات أثناء عمل دستور 2012م .. كل ذلك لم يثن التيار الاسلامى بكافة أطيافه عن التمسك بالعملية السياسية .. بل ظل التيار الاسلامى يرى أنه لا حل الا فى الصندوق .. ـ ودعونا نرجع للوراء أكثر وأكثر فى العهود السابقة بخاصة عهد مبارك اختلف التيار الاسلامى حول المشاركة السياسية ورأينا أن أكبر فصيل إسلامى رأى ضرورة المشاركة بذريعة عدم ترك الأمور كلية وأنه مالا يدرك كله لا يترك كله .. وأن الشعب يحتاج لنظفاء اليد كى يساعده .. وحتى لا ينعدم صوت الحق داخل أروقة أهم مؤسسة تشريعية بالبلد .. وحتى يزداد الاسلاميون خبرة وحنكة فى العمل السياسى حتى يكونوا مؤهلين عند الحاجة والحق أنه فعلا بعد ثورة يناير لم يجد الشعب أفضل ممن كانت لهم خبرة سابقة بالعمل السياسى فاختاروهم .. والجدير بالذكر أن من بين حزمة المديح التى نعتت بها جماعة الإخوان قبل انتخابات الثورة أنها صاحبة ثقل وخبرة سياسية كبيرة تؤهلها للقيادة .. بمعنى أن أكابر التيار الاسلامى كالشيخ الجليل محمد عبد المقصود والشيخ صفوت حجازى وغيرهما رأوا فى سابق عهد الاخوان السياسى ميزة عن غيرهم من الاسلاميين .. مما حدا بأمثال هؤلاء الأفاضل أن ينحازوا احيازا مطلقا لاختيار مرشح الاخوان دون التشاور مع بقية الاسلاميين .. والكل يعلم أن ترشح د مرسى تم بطريقة أحادية من جماعة الاخوان وفرض فرضا على التيار الاسلامى دون الرجوع لمشاورتهم .. وهذا الذى أقول ليس طعنا فى الاختيار ولا تقليلا منه ولكن هو توصيف لما حدث بالفعل وأوردته هنا للدلالة على أن تاريخ الاخوان السياسى فى العهد الفاسد السابق أعتبر من قبل أكابر التيار الاسلامى شيئا محمودا لا غبار عليه رغم كم الفساد والظلم الذى واكب وجود هذا النظام . مما سبق يتضح لى بحسب فهى البسيط أن التيار الاسلامى وفى مقدمته أكبر فصيل فيه شاركوا من قبل فى العملية السياسية رغم وجود خصم قوى وعنيد ويملك جميع أدوات القوة بيديه وويتسم بالقمع وعدم احترام نتائج الصندوق ..وهو أحيانا ناصرى الهوى وأحيانا ليبرالى المزاج أو كلاهما معا وليس من عقيدته تثبيت هوية البلد سياسيا ـ والسؤال الأن لماذا غير التيار الاسلامى الذين هم عصب أنصار الشرعية رأيهم ؟! أليست تلك سياسة وهذه سياسة ؟! هل لأن التيار الاسلامى من قبل رأى أنه كان قاب قوسين أو أدنى من الحكم والأن أصبح الأمر بعيد المنال ! هل لأن طبيعة أعداء الأمس غير طبيعة أعداء اليوم !! والحق أنهم لم يتغيروا وأنا هنا أسأل نفسى هل غير التيار الاسلامى ثوابته وفقا لمصلحته !! وأخيرا أقول إما أن يوافق التيار الاسلامى على الدخول فى المعترك السياسى ويدخل بكل قوته فى اللعبة السياسية وأن يجعل صراعه الأن صراعا سياسيا يتحمل معه الاخفاقات تلو الاخفاقات حتى يصل .. وبخاصة مع زعم أنصار الشرعية بتآكل شعبية النظام الحالى وارتفاع نبرة التغيير . أو ليكن صادق مع نفسه ويعترف الأن أمام الشعب المصرى بأنه أخطأ خطأ ذريعا فى دخول معترك السياسة بعد ثورة يناير وقبلها .. وأن يعترف بإفشاله الحل الثورى ومشاركته فى إضاعة الربيع المصرى والعربى ويقر بمسئوليته الكاملة .

التعليقات

موضوعات ذات صلة