لا يسلم الإنسان من خطأ كما لا يخلو من صواب، فمن غلب صوابه خطأه كان حسناً، ومن غلب خطؤه صوابه كان سيئاً، فالمرء يقاس بإجمالي خيره وشره، فكل بني آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون، والجماعة الإسلامية كغيرها من الجماعات البشرية لها سلبيات وإيجابيات، ولكن أهم ما يميزها أنها تسارع إلى تقويم أعمالها وترتيب أوراقها، بخلاف آخرين يظنون أن الاعتراف بالخطأ يهدر الشخصية الاعتبارية للجماعة ويستدعي فكرة استقالة قادتها، ولقد أجرت الجماعة الإسلامية مراجعات في التسعينات بعد أن صار الصراع مع الدولة على أشده، واستخدمه نظام مبارك في الحرب على الإسلام محلياً ودولياً، بالرغم من وجود مظالم كثيرة في السجون واعتقالات واسعة في صفوف التيار الإسلامي، فكان التدخل من القيادة التاريخية بإعلان مبادرة وقف العنف وحقن الدماء عام 97 التي لاقت قبولاً لدى الجميع وتم الإفراج التدريجي عن أعضاء الجماعة المحتجزين بلا تهمة، ولقد التزمت الجماعة بما قطعته على نفسها وعادت إلى دعوتها الوسطية التي كانت تنتهجها من قبل حتى جاءت ثورة 25 يناير وهي تحمل في طياتها خيراً كثيراً وآمالاً عريضة من الحرية والعدالة والكرامة، وهو ما فتح الباب أمام جميع القوى السياسية في المجتمع لتمارس أدوارها في الحياة العامة بلا قيود، ولكوني لاحظت أن هناك من يسعى لحل الجماعة وحزبها أو وضعها على قوائم الإرهاب، فإنني أذكر طرفاً من المواقف الإيجابية للجماعة الإسلامية حتى يتعرف الناس على الأداء السياسي لهذه الجماعة :
1- إنشاء حزب سياسي ( البناء والتنمية ) للمشاركة في الحياة السياسية بفاعلية تامة، ولقد ثبت أنه متوافق مع القانون والدستور طبقاً لحكم المحكمة الإدارية العليا التي منحته الترخيص.
2- القيام بجولات في الصعيد رافضة للفتنة الطائفية من خلال مؤتمرات حاشدة ولقاءات مصالحة وطنية كان لها أثر كبير في رأب الصدع في مناطق عديدة .
3- الوقوف على الحياد الإيجابي في الصراع الذي بدأ منذ اليوم الأول بين الإخوان والسلفية في مجلس الشعب، إذ أرادت جماعة الإخوان أن تستحوذ على الأغلبية المطلقة في المجلس بضم بعض الأحزاب الصغيرة إليها بينما أراد حزب النور الحد من نفوذ الإخوان بتشكيل ما يسمى بالثلث المعطل ولكن حزب البناء والتنمية آثر أن يعيد التوازن إلى المجلس التشريعي وينهي حالة الصراع باقتراح فكرة التوزيع النسبي لرؤساء اللجان والوكلاء مع التنازل عن حصته راغباً في عدم التصدر قبل اكتساب الخبرة البرلمانية .
4- التنازل عن مقعدين مخصصين للحزب في الجمعية التأسيسية الأولى رأباً للصدع حينما تمسك الجميع بمقاعدهم وكادت الجمعية أن تفشل .
5- تقديم مشروع شامل ( سياسي – اقتصادي – اجتماعي – أمني ) لحل لمشكلة سيناء والذي حاز على تأييد وزير الدفاع – آنذاك – الفريق أول /عبد الفتاح السيسي إذ أنه أعرب عن أمله في نجاح هذا المشروع من أجل الوطن، ولكن لم يكتب له التنفيذ نظراً لبقاء المشروع على مكتب الرئيس لمدة طويلة دون أن يعطي إشارة البدء .
6- عرض اقتراح على الدكتور/ محمد مرسي بقبول فكرة الاستفتاء على الانتخابات المبكرة حسماً للنزاع ولكنه رفض ذلك فصرنا إلى ما نحن فيه الآن .
7- عرض فكرة الاستفتاء الشعبي على خارطة الطريق قبل الشروع في تنفيذها وذلك على الرئيس المؤقت استدراكاً لما تم في 3/7 من قرارات وحسماً للخلاف حول أعداد الذين ثاروا على حكم الإخوان أكانوا كثرة أم قلة ؟ إذ أن الجماعة كانت تدرك أن غلق الباب أمام صناديق الاقتراع سيفتح حتماً أبواب صناديق القنابل !!
8- موقف الجماعة من المشاركة في عضوية تحالف دعم الشرعية كان من أجل تحقيق مبدأ الاحتكام إلى الإرادة الشعبية من خلال الصناديق الانتخابية مع الحرص على سلمية المعارضة، والعمل على وجود حل سياسي ملائم ترتضيه الأطراف .
9- إصدار البيانات المتعددة لتوضيح موقف الجماعة والحزب من القضايا الهامة مثل التفجيرات العشوائية وحرمة دماء المصريين سواء كانوا من الجيش أو الشرطة أو المتظاهرين السلميين .
10- إطلاق قوافل دعوية تجوب البلاد طولاً وعرضاً لمعالجة قضايا هامة مثل ما يجري من مؤتمرات تحت عنوان ( لا للتكفير، لا للتفجير ) وذلك في محاولة لتحصين المواطنين وتوعيتهم ضد كل ما يسئ إلى الوطن والمواطن . كل هذا وغيره مما أحسنت فيه الجماعة وحزبها والتي أعطت صورة – من وجهة نظري – مضيئة، وتؤكد على دور الجماعة والحزب الجيد في العمل الوطني الجاد الذي يدعم الصواب ويقوّم الخطأ، ويسعى إلى الأفضل دائماً وهو ما نراه ضرورياً لكل من يعمل في مجال العمل العام، ولاشك أن أي مساع لحظر مثل هذه الجماعات أو الأحزاب يضر بالعمل السياسي ويقضي على مبادئ الديمقراطية ويكرس لقواعد الاستبداد السياسي وإقصاء الآخر وهو أمر أصبح منتقداً وغير مقبول في عالم اليوم .
والله المستعان