بقلم: الشيخ علي محمد الشريف
أخطر مرض يصيب القلب فيدمر الإيمان تدميرا تاما . الكبر قد يحمل صاحبه على الكفر ، كما فعل إبليس لعنه الله ، قال تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) وقال الله تعالى : ( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين) فحمله الكبر على أن يمتنع من السجود الذى أمره الله به ، ثم جره ذلك إلى التكبر على الله ، فكان ذلك سبب هلاكه أبد الآباد .
والكبر كما ورد فى الحديث الصحيح بطر الحق وغمط الناس ، بطر الحق أى رده وعدم قبوله ، وغمط الناس أى استحقارهم ، فكل من رد الحق وهو يعرفه فهو متكبر ، وكل من رأى أنه خير من إخوانه وتعاظم عليهم واحتقرهم فهو متكبر .
إن الكبر والعز والعظمة لا يليق إلا بالله الملك القادر العزيز ، فأما العبد فهو عاجز لا يليق به الكبر ، فإذا تكبر العبد فقد نازع الله تعالى فى صفة من صفاته ، لذلك قال الله تعالى فى الحديث القدسى : ( العز إزارى والكبرياء ردائى فمن ينازعنى فى واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم .
وقال الله تعالى ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمشى فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ) وتصعير الخد كناية عن الكبر حيث يلوى المتكبر وجهه بعيدا عن من يحدثه مترفعا عليه ، ولا تمشى فى الأرض مرحا أى متكبرا مختالا .
وقال تعالى : ( إن الله لا يحب المستكبرين ) والذى لا يحبه الله فهو خاسر فى الدنيا والآخرة ، ويجب على كل مسلم أن يبغض المستكبرين إقتداء بربه .
وقال تعالى : ( سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق ) وقال تعالى : ( كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ) فالكبر يحول بين العبد والهداية .
وقال الله تعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا) أى المتكبر محروم من الجنة .
وقال تعالى ( إن فى صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) أى ليس فى صدورهم إلا عظمة لن يبلغوها .
وصفة المؤمن أنه ذليل على إخوانه المؤمنين قال تعالى ( فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذله على المؤمنين أعزة على الكافرين ) .
ومن الملفت للنظر أنك لا تجد مسلما ذليلا على إخوانه المؤمنين إلا ووجدته عزيزا على الكافرين ، ولا تجد رجلا عزيزا على المؤمنين إلا ووجدته ذليلا للكافرين .
وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر أن يتواضع للمؤمنين فقال تعالى : ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) وقال له : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفوا عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر ) .
والكبر غالبا يحمل صاحبه على أن يمدح نفسه ويزكيها لذا قال الله تعالى : ( ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى ) .
والكبر غالبا يحمل صاحبه على البغى والظلم كما قال تعالى : ( لقد استكبروا فى أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) أى بغوا وظلموا ظلما شديدا .
ويكفى المتكبرين الحديث الخطير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر ) متفق عليه .
وللحديث بقية إن شاء الله نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من الكبر .
Top of Form