اعتقال الدكتور دربالة وان كان من الامور المتوقعة من قبل اعضاءالجماعة الاسلامية وحتي من د.دربالة نفسه الا ان هذه الخطوة تعبر عن سياسة اللاوعي التي يعانيها الانقلاب بأجهزته المختلفة ويمكن رصد آثار هذا القرار في اكثر من اتجاه..
فاعتقال الدكتور دربالة يعكس أولا حالة اللاوعي في فهم طبيعة وشخصية دكتور دربالة المتزنة والواعية والتي أثرت وبلا شك في الحفاظ على سلمية الحراك الثوري من خلال آرائه ومواقفه وتصريحاته المعلنة والواضحة، ولعل نظام الحكم الانقلابي صار يضيق بكل تعبير عن الرأي يخالف ما يريد وقد قيل: “عدو عاقل خير من صديق أحمق”.. فلا عجب أن يجتمع حول الانقلاب أهل الحماقة حتى تعيي من يداويها.
اعتقال الدكتور دربالة يوضح سياسة اللاوعي في فهم طبيعة عمل وبنيان الجماعة الاسلامية، تماما مثلما ظنوا قبل سنوات أن تشويه قيادات الجماعة سينهي وجود الجماعة فإذا بها تتخذ لنفسها من قياداتها من ترضاه لفكرها ووعيها وتتعافى في زمن قياسي وتكررت النظرة القاصرة بحسبان أن اعتقال الدكتور سيغير اتجاه الجماعة لما يهواه الانقلاب ظنا أن الرأي فينا رأي قيادة فحسب وقد اخطأوا حين ظنوا ان اعتقال د. دربالة سيحمل القيادة التالية على الرضوخ وكما قال الدكتور طارق الزمر أن سيكولوجية الجماعة على العكس تماما ستتجه نحو التصميم على مناصرة ودعم الشرعية، وحسنا ما اقترحه بأن تتخذ القيادة قرارها بتعليق انعقاد الجمعية العمومية التي كان يفترض بها مناقشة أمر التحالف لحين الإفراج عنه.
ويجهل المخططون لتجميد الجماعة من خلال اعتقال قائدها في سياق الوعي المفقود أن الكوادر المدربة على القيادة في الجماعة تتجاوز العشرة صفوف وأن مسارها الدعوي لا يتأثر بغياب القائد هم يحسبون أن اعتقال الدكتور دربالة سيعيق أداء أو دعوة الجماعة، ولعل التاريخ يشهد بعكس مرادهم فان افضل فترات النشاط وأعلى نجاحات الجماعة وانتشارها دعويا وشعبيا كانت في غياب القادة التاريخيين للجماعة وكانت تحت ظروف اصعب بكثير من الحالية بل ربما يؤدي ذلك لمزيد من الترتيب الإداري الذي يدفع نحو تماسك اقوي وتصعيد قيادات ودماء جديدة .
واعتقال د دربالة يوضح ايضا سياسة اللاوعي أيضا في فهم مبادرة الجماعة الإسلامية فقد ظن الكثيرون ان المبادرة وليدة ضعف ووهن وانها دليل استسلام متناسين ان الجماعة دفعها لذلك الضابط الشرعي المتمثل في تغليب المصلحة علي المفسدة ودرء المفاسد وان الوسيلة التي لا تحقق الغاية ينبغي العدول عنها ولكن الاعلام تناولها بصورة ظالمة ساعد في ذلك تصريحات بعض من تصدر ادارة ملف المبادرة واعتقد أن بوسع بعض هذه القيادات أن تلعب دورا جديدا، فاراد النظام تكرارها وهو في حالة من اللاوعي بها واللاوعي بتغير الظروف والازمنة والاحوال.
وختاما.. لنا عتاب عند إخواننا في جماعة الإخوان المسلمين.. فلم يرق رد فعلهم تجاه اعتقال الدكتور عصام دربالة إلى ما كنا نطمح إليه ونرجوه.. بل يخيل إلي أنه لم يكن لهم رد فعل على الإطلاق.. فقد بحثت عن كلمة صدرت عنهم أو عن قادتهم تدين اعتقال الرجل.. وهو من هو.. فلم أجد.. فهل يكون النظر قد خانني. أم يكون التوفيق قد خانهم.!؟
إن اعتقال د. دربالة سيظل يكشف كثيرا من سياسات اللاوعي لدي قطاعات عريضة ولكن يا هل تري من سيفيق ويستفيق.!؟