لاشك أن مؤتمر شرم الشيخ الذى سوق له النظام الحاكم على أنه الحل السحرى لمشكلات مصر وأنه المنقذ لها من كل الأزمات هو مؤتمر الفشل الاقتصادى وهو _ فى نظرى_ آخر سهم فى جيب الحاوى بعد أن أختبر كل الاتجاهات وحاول فى كل المجالات أن يجد سبيلا لتكريس حكمه وتدعيم انقلابه.
فالمؤتمر.. بكل مكوناته وطريقة اخراجه تؤكد أننا أمام مسرحية سياسية تشبه إلى حد كبير مسرحية الزعيم!! وأن علاقتها بالاقتصاد هى علاقة تبعية فالهدف الأساسى للمؤتمر هو التسويق للانقلاب على أساس أن عدد الوفود تدل على مدى الشرعية التى أكتسبها الانقلاب والحقيقة أنه لو كانت الشرعية تقاس بعدد الوفود لكانت ديكتاتورية مبارك وماركوس وشاوشيكو هى الأكثر شرعية!!
والمؤتمر.. الذى عقد فى شرم الشيخ تلك المدينة الارستقراطية والتى يرتادها رجال أعمال نظام مبارك ومبارك نفسه بشكل منتظم ويحرم على الفقراء دخولها.. لم يكن لها أن تتذكر معاناة ساكنى المقابرالذين بلغ عددهم 6 مليون مصرى ولا أن تجهد نفسها لتخطط للتخفيف من معاناتهم فضلا عن سكان عشش الصفيح بل والعشوائيات التى بلغ سكانها 8 مليون مصرى يعيش 3 مليون منهم فى القاهرة وحدها !!
والمؤتمر.. الذى كان رموزه هم رجال أعمال مبارك وأهم تصريحاته ومصطلحاته هى تلك التى كانت تتردد طوال عصر مبارك _ والذى بلغ معدل التنمية فى عصره 7% ومع ذلك كانت دائرة الفقر تتسع فى عصره بشكل مطرد_ هو نسخة مكررة من مؤتمرات مبارك الاقتصادية التى بدأت منذ عام 1982م ولما بدأت تظهر مؤشرات نجاحها بعد عشرين عاما أكتشف الجميع أنها لا تصب إلا فى جيوب ديناصورات المال والأعمال الذين كونوا أضخم شبكة فساد عرفتها مصر وكانوا أهم شركاء النظام فى إفساد الحياة السياسية وكانوا بالفعل هم داعمى الانقلاب ورعاته حتى استعادوا مكانتهم مرة أخرى وأستعادت معهم الديكتاتورية أزهى عصورها.
والمؤتمر.. الذى يخطط لعاصمة جديدة هى فى الحقيقة عاصمة أمنية أو منطقة خضراء جديدة تستوعب الديكتاتور أمنيا وكل رموز حكمه وطبقة المفسدين وحاشيتهم.. لم يفكر فى خطط عاجلة لانقاذ الملايين من أطفال الشوارع ( والذين بلغوا الآن أكثر من 3 مليون طفل) قبل أن ينفق كل هذه الأموال فى بناء الناطحات والملاهى القياسية عالميا إلا إذا كان يريد أن يحصد الأرقام القياسية فى كل شئ فكما أن أننا نمتلك أعلى ناطحة سحاب وأكبر ملهى فى العالم فإننا أيضا نمتلك رقما عالميا فى تعداد أطفال الشوارع!!
والمؤتمر.. الذى لم يتعرض لمشكلات سيناء المزمنة والتى هى بحاجة للتنمية أكثر من حاجتها لطائرات الأباتشى وبحاجة للاعمار أكثر من حاجاتها للنسف والتدمير نجده خاضعا للخطوط الحمراء الاسرائيلية التى تحرم وتجرم كل أشكال الاقتراب من عملية التنمية فى سيناء فى ذات الوقت التى تحبذ أستمرار الصراع مع أهلها وزيادة معدلات القتلى بدلا من معدلات التنمية.
والمؤتمر.. لم يكشف لنا عن خططه أو أستثماراته للحد من معدلات المرض القياسية فى مصر ( الفيروس سى 10 مليون_ وأمراض القلب 250 ألف مصاب سنويا_ والسرطانات 200 ألف مصاب سنويا)ولا معدلات الأمية الخيالية (30% من الشعب) ولا أعداد القتلى جراء حوادث الطرق والتى بلغت الرقم العالمى الأول بلا منافس !