بقلم / علي الديناري
عندما يرقد الانسان على فراش المرض ويتجرد من أشياء كثيرة أهمها قوته وصحته وعافيته ثم يسكن ويحبسه المرض عن الحركة تتحرك في القلب أعمال كثيرة منها:
يقينه بقرب الأجل ولقاء الله تعالى
ويا للقاء الله من أمرٍ عظيمٍ يهتز له القلب، وتهتم له الروح دائما كلما خطر على البال؛ لكن الاستعداد له غالبا مايؤجَل .. تؤجله النفس حتى لايقطع عليها استمرارها في اللهو واللغو.
فعند المرض يحضر اليقين ويزول الشك
وعندما يحضر اليقين يحضر معه الحياء من لقاء الله
كيف سيكون هذا اللقاء؟ وبأي وجه سيلقى العبد ربه؟
هذا الحياء عدة أنوا ع من الحياء مختلط ممزوج بعضها ببعض
فحياء ناتج عن رؤية العبد تقصيره في حق ربه بينما نعمة ربه عليه عظيمة .. وكلما تذكر العبد ذنوبه شعر بالخيانة فكيف سيلقى من خانه وهو عندما فعلها كان قد توارى عنه يقينه باطلاع ربه عليه . كيف سيلقاه ثم يجد جنايته وخيانته حاضرة في هذا اللقاء مسطورة ثابتة؟
يارب استرنا بين يديك فامحُ هذه الخطايا، ولاتجعل لها وجوداً في هذا اللقاء .
عندما يحضر اليقين بلقاء الله يهتف العبد من قلبه
وعزتك وجلالك وعظمتك وكبريائك وعظيم نعمتك عليَّ ما فعلتها الا خاطئا فعلتها جاهلا مُقراً بجٌرمي مستحقاً لعقوبتك لكن رحمتك أوسع وعفوك أعظم أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي.
إلهي أنت ذو عفو ومَنِّ … وإنِّي ذو خطايا فاعفُ عني
وظنِّي فيك ياربي جميل … فحقِّقْ يا إلهي حُسْن ظني
ونوع آخر من الحياء يتولد من سابق سوء ظن العبد بربه خصوصا في الكُربات والشدائد حيث يقترب اليأس من قلبه ويظن بالله الظنون ولكن إذا بالفرج يباغته من حيث لايحتسب فيرتبك المؤمن ويشعر بالحياء من ظنونه السيئة التي قَلَّ فيها أدبه، وخانته فيها معرفته بربه وصفاته؛ حتى أنه ظن بربه شيئا لايليق بربوبيته .
والاشكال أن ربه عوَّده الجميل والفرج واليسرمع العسر لكن النفس شكاكة مستعجلة واليقين ضعيف.
وهاهو الآن على فراش المرض يعاوده القلق على خاتمته ويظن بالله الظنون فكيف اذا فوجيء بلقاء ربه ثم أغرقه بكرمه ولطفه وفضله عليه أين سيذهب من هذه الظنون؟
وفي الحديث أن الله تعالى سيقرب عبده منه ثم يرخي عليه ستره ثم يسأله سؤالا لا أدري الآن ماذا سيكون الشعور عند سماعه.
يسأله:ماذا كنت تظن بي؟
فاللهم وفقنا لحسن الظن بك واليقين فيما عندك والثقة في رحمتك . فلا نلقاك إلا وقد أحسنا الظن بك فمن وصايا رسولنا الحبيب لنا صلى الله عليه وسلم (لايموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) لأن الله فال سبحانه فليظن بي عبدي ما شاء
يَدَّعي العبد الآن أن ظنه بربه جميل؛ لكن اذا جدَّ الجد ذهبت به الظون واذا أراد أن يظن بربه خيراً اتهمته نفسه اتهامات كثيرة واستحق عتاب ربه الذي عاتب به أصحاب نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم “وتظنون بالله الظنونا” وقال عن بعضهم “وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ” وقال عن المنافقين “وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا” خاوية قلوبكم من الايمان وحسن الظن بربكم خالقكم.
هذا الحياء هو الذي يتولد من مراجعة سابق رحمة الله وكرمه مع سوء ظن العبد بربه هو الذي يُذهب القلق الناتج عن الخوف ويُسكِت الوساوس
والحياء نوع من الإيمان لأنه يبعث على ترك ما يستحيا منه خصوصا اذا كان في القلب زهد وورع قال بعض السلف: الحياء والأنس يطرقان لقلب فإن وجدا فيه الزهد والورع وإلا رَحَلا.
وهناك نوع من الحياء يطرق القلب عندما يحضر اليقين بلقاء الله وهو حياء ناتج عن الحب الذي بين العبد وربه فالحياء حالة خاصلة من امتزاج التعظيم بالمودة وأي مودة ؟
فاللهم ياودود ياودود ارزقنا الحياء فانه لايأتي الا بخير ووفقنا لحسن الظن بك آمين