القائمة إغلاق

آفة الميديا الحديثة

بقلم / فضيلة الشيخ أسامه حافظ
للمنهج الاسلامي سبق كبير في التعامل مع الأخبار وتوثيقها سبقت فيه المناهج الغربية ولازالت تسبقها يجمله الحديث الشريف” كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع” 
فالخبر عندنا إذا نقله مجهول العين أو الوصف أو نقله شخص ساقط العدالة لايوثق في صدقه أو نقَله شخصٌ غير دقيق في نقله أو كثير السهو فيه فإنه يُرَد ولايجوز نقله أو تداوله إلا مقرونا بتحذير الناس من تصديقه وبالتالي فمسئولية توثيق النقل كي نصدقه تقع علي ناقله ولايجوز في شِرعتنا أن نتداوله مجرداً وننشره بين الناس حتي أن القرآن الكريم وهو ينهي عن قذف المحصنات ويشرّع عقوبة فاعله الشديدة يحذرنا من تلك الدعوي بغير بينة فيقول “فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ” 
أي ان المدعي هنا الذي لم يستطع توثيق دعواه بالشهود تنزل به العقوبة ويكون عند الله كاذبا حتي وإن كان في حقيقته ليس كذلك وهي قاعدة كما تري تحمي المجتمع من انتشار الاكاذيب والدعاوى المضللة والاشاعات وتحفظ له تماسكه .
أما مشكلة الميديا الحديثة وخاصة الفيس بوك أنه يعتمد الثقافة الغربية في تداول الاخبار والتي تخلط بين الخبر والرأي ففي الوقت الذي ينبغي أن نشدد علي مصدر الخبر في التوثيق ونلزمه بالاخبار عن المصدر والتحقق من صدقه وضبطه حتي نقبل وننشر الخبر فإن للرأي معاملة مختلفة إذ من حق القائل أن يقول مايعتقد وعلي من لايقبل كلامه أن يرد عليه .
إلا أن في الثقافة الغربية يعاملون الخبر والرأي معاملة واحدة فمن حقك أن تدعي ما تشاء من أخبار أو آراء وعلي من يكذّبك عبء التكذيب ومسألة التكذيب قد تشق علي البعض فقد لايصله الخبر وقد يصله ويشق عليه نشر الرد وقد تكون حُجته ضعيفة في حماية عرضه وقد لايقرأ رده من قرأ دعوي المدعي أولا يشتهر شهرته وفي النهاية قد يصدِّق الناس الدعوي ولايصدقون المدعي عليه وهنا تصبح أعراض الناس نهبا للكذبة والمجاهيل ويصبح المجتمع تشيع فيه الاكاذيب ولايميز الناس الصدق من الكذب فيبنون علي تلك الاخبار الكاذبة المواقف والآراء بدون أساس سليم.
ويضبط القرآن الكريم هذا المعني بقوله تعالي ” إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي مافعلتم نادمين ” فالفاسق أحد أولئك الذين لايوثق في نقلهم فأرشدنا القرآن الي عدم تقبل نقله إلا أن نستوثق من صدقه ونتبين حقيقة خبره حتي لانبني علي دعواه موقفا نندم عليه اذا اكتشفنا كذب دعواه .

التعليقات

موضوعات ذات صلة