القائمة إغلاق

معنى نصرة النبي باتباع سنته – بقلم: د. عبد الآخر حماد

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور عبد الآخر حماد الغنيمي

فضيلة الشيخ عبد الآخر حماد

كلما تطاول بعض السفلة على مقام نبينا الكريم ،وانطلقت دعوات أهل الغَيْرة من المسلمين لنصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، رأينا بعض من يدَّعون الرزانة والتعقل يقولون: إن علينا ألا ننشغل بأولئك المتطاولين، وإن علينا بدلاً من ذلك أن نعمل على اتباع هديه وإحياء سنته، فتلك خير وسيلة لنصرته صلى الله عليه وسلم. وأقول: نعم والله، هذا كلام صحيح مئة بالمئة، لكن أتدرون ما معنى اتباع هديه وتعظيم سنته؟

إنه يعني فيما يعني: تحكيم شريعته ونبذ كل ما سواها من القوانين، والأعراف الباطلة المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى لا يُحكَّم سواهما في قليل أو كثير.

كما أن اتباع هديه صلى الله عليه وسلم وإحياء سنته يعني موالاة من يوالونه صلى الله عليه وسلم، ومعاداة من يعادونه، وإعلان أولئك المحاربين لله ورسوله بالعداوة والبغضاء، لا التزلف إليهم وطلب مودتهم ورضاهم .

إنه يعني التصدي لمن يتطاولون عليه صلى الله عليه وسلم بكل الوسائل الممكنة، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم ندبُ أصحابه إلى معاقبة من يؤذونه ويتطاولون عليه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مِنْ لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله…). [أخرجه البخاري (4037)، ومسلم (1801) من حديث جابر بن عبد الله].

وفي صحيح مسلم (2490) من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (اهجُوا قريشاً؛ فإنه أشد عليها من رَشْقٍ بالنَّبْلِ، فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: اهْجُهُمْ. فَهَجاهُمْ فلم يُرْضِ، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسانَ بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن تُرْسِلُوا إلى هذا الأسدِ الضَّارِبِ بذَنَبِهِ، ثُمَّ أدْلَعَ لِسانَهُ فجعل يُحَرِّكه، فقال: والذي بعثك بالحق لأَفْرِيَنَّهم بلساني فري الأديم….) الحديث وفيه: قالت عائشة: فسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: (إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله).

كما يدخل في اتباع هديه صلى الله عليه وسلم، الرد على أولئك المتطاولين، وفضح دعاواهم الكاذبة حول ما يتشدقون به من حرية الرأي، وبيان أنهم في الوقت الذي يسمحون فيه بالتطاول على نبي الإسلام بدعوى حرية الرأي، لا يستطيعون نشر أي شيء فيه قدح في اليه.. ود، ورموز الصهيونية. وأذكر أني كنت أعيش في ألمانيا إبَّان أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والتي كانت قد بدأتها بعض الصحف الدانماركية في بدايات هذا القرن الميلادي، أذكر أنه كان من ضمن تبريراتهم في ذلك أن الصحافة عندهم حرة، وأنه يُسمح لها بالسخرية من كل أحد، حتى من المسيح عليه السلام. وقد كان من ردنا عليهم وقتها أنهم قد يستطيعون فعل ذلك مع المسيح عليه السلام –وهو ما لا نقبله ولا نرضاه- ولكنهم لا يستطيعون فعله مع اليهود، وإلا لاحقتهم قوانين معاداة السامية المفروضة عليهم في بلاد الغرب. ولا زلنا نذكر كيف حاكموا جارودي في فرنسا، لمجرد أنه تجرأ فشكك في عدد من أحرقهم هتلر في أثناء الحرب العالمية الثانية. ولم يشفع لجارودي أنه وصل إلى تلك النتيجة بعد بحث شاق، ودراسة مستفيضة، واستناداً إلى وثائق عدة.

كما يدخل في نصرته صلى الله عليه وسلم ما يدعو إليه البعض من المقاطعة الاقتصادية لمنتجات البلدان التي تؤوي أولئك المجرمين، وتوفر الحماية لهم، وذلك بغية ردعهم وحملهم على التراجع عن عدوانهم، فإنَّ ذلك ضرب من ضروب الجهاد. وقد ثبتت فعالية سلاح المقاطعة في أحداث متنوعة عبر التاريخ، وقد لجأ إليه بعض الصحابة في العصر النبوي، فقد ثبت أن ثمامة بن أُثال رضي الله عنه لما أسلم قال لقريش: (والله لا يأتيكم من اليمامة حبةُ حِنطة، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم) [أخرجه البخاري (4372) ومسلم (1764)].

كما أنه يعني التصدي للكتَبة المأجورين الذين يشككون في نيَّات كل من يدعو للتصدي لهؤلاء المجرمين، ورميه بنعوت التطرف والتزمت والإرهاب، وما إلى ذلك.

كما يعني التصدي لأقوامٍ من بني جلدتنا يكيلون بمكيالين؛ حيث نراهم يملؤون الدنيا ضجيجاً واستنكاراً إذا تجرأ بعض المسلمين فانتقد عقائد غير المسلمين، وذلك كما حدث منذ سنوات حين قامت الدنيا ولم تقعد بسبب كلمةٍ صدرت من الدكتور سالم عبد الجليل حول عقيدة أهل الكتاب، وقوله إنها عقيدة غير صحيحة، فثارت ثائرتهم، حتى أعلن وزير الأوقاف أن سالم عبد الجليل يثير الفتنة، وأنه إن لم يعتذر عن تصريحاته فلن يصعد أي منبر مجدداً. أما حين يتطاول كذابٌ أشِر كالمدعو “زكريا بطرس” على مقام أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم بكلماته البذيئة، وكذبه الرخيص، فإن ذلك يمر عليهم مرور الكرام، فلا نسمع منهم صيحة استنكار، ولا كلمة غضب. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

عبد الآخر حماد

13/ 4/ 1443هـ -18/ 11 / 2021م

التعليقات

موضوعات ذات صلة