القائمة إغلاق

كتاب الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي للمستشار طارق البشري

عرض م. محمد يحيي

الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي هذا هو العنوان الذي وضعه المستشار طارق البشري لمجموعة من المقالات والأوراق التي تقدم بها الكاتب لكثير من الندوات والمؤتمرات وقد تم جمع هذه المقالات في كتاب صغير يزيد قليلاً عن مائة صفحة.

والمستشار طارق البشري غني عن التعريف فهو القاضي الإداري المشهور الذي وصل لوظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وصاحب الدراسات السياسية والتاريخية المشهورة وسليل أسرة مشهورة بالعلم والتدين.

• يستهل الكاتب كتابه بمقال يتكون من دراستين نشرتا في كتابين مختلفين الدراسة الأولي نشرت في كتاب ـ نحو وعي إسلامي بالتحديات المعاصرة ـ  والدراسة الثانية نشرت في كتاب الحركة الإسلامية رؤية مستقبلة.. وفي هذا المقال يعرف الكاتب معني التجديد فيقول: إن التجديد لا يعني إسباغ بردة الإسلام على كل ما هو آت لدينا من أنماط السلوك والمعيشة والنظم الوافدة في السياسة والحكم إنما هو كيفية استجابة الأحكام الشرعية للتحديات التي تواجه المسلمين في ديارهم ولا سيما أن المسلمين في حالة تخلف شديد في كل المجالات.

ـ ويفرق الكاتب بين العنف والتطرف فيري أن التطرف يتعلق بحجم التغييرات المطلوبة في المجتمع ونوعها أما العنف فهو الوسائل الموصلة لهذه التغييرات ويؤكد الكاتب على ضرورة الوحدة والتقارب بين المسلمين يقول: أدركنا ذلك ولم نقدر عليه.

• ويستعرض الكاتب موجات الإصلاح التي ظهرت في العالم الإسلامي سواءً في مؤسسات الحكم أو في مجال الفكر والثقافة فيذكر الشيخ محمد عبد الوهاب في جزيرة العرب والحركة المهدية في السودان ومحاولات الإصلاح في المغرب العربي على أيدي الحركة السنوسية ورموز الإصلاح كابن باديس وعبد الكريم الخطابي وغيرهم ويخلص الكاتب إلي نتيجة محدودة مؤداها أن حركات الإصلاح هذه قد فشلت في تغيير الأوضاع المتردية في العالم الإسلامي وأنها اصطدمت بمؤسسات الحكم في معظم هذه البلاد وتعرضت للقمع والتنكيل.

ـ وقد ساعد الاستعمار حكومات العالم الإسلامي في قمع الحركات الإصلاحية لما له من مصلحة في عدم نهوض هذه الشعوب حتى لا تخرج من التبعية المفروضة عليها.

ويستعرض الكاتب في هذا المقال رموزاً معروفة في مجال الإصلاح والمدارس الفكرية التي ينتمون إليها وأساليبهم في العمل فذكر جمال الدين الأفغاني السياسي المخضرم الذي كرس حياته لمقاومة الاستعمار وأعوانه والشيخ محمد عبده الذي كان يقاوم التخلف والجمود وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا الذي أدخل المفاهيم السلفية بأسلوب عصري على الفكر السياسي الإسلامي وحارب البدع والخرافات والشيخ حسن البنا الذي أسس جماعة تجمع أطراف الإسلام في منظومة شاملة لا زالت إلي الآن تكافح من أجل نشر مبادئها. وذكر أيضاً الشيخ سيد قطب والشيخ أبو الأعلى المودودي كنموذج على الفكر الذي يؤمن بالصدام والمفاضلة التامة بين الإسلام وغيره ولم ينس في هذا الإطار سعيد النورسى في تركيا وجماعة التبليغ في الهند كنماذج على الفكر الدفاعي الذي يكافح من أجل الحفاظ على أركان الدين ومظاهر التدين فقط. 

• فخلاصة هذا المقال هي عن عرض محاولات إصلاح متنوعة تعمل في ظروف غير مواتية وهذه المحاولات وإن فشلت في الوصول إلي السلطة فإنها لم تفشل في نشر الوعي والارتقاء بالفهم العام عند المسلمين.

• في مقال تحت عنوان ـ سيد قطب بين فكر الحرب وفكر السلام ـ  نُشر في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 25 فبراير عام 1989م. يستعرض الكاتب فكر سيد قطب والظروف التي ظهر فيها هذا الفكر ويري أن سيد قطب قال بالمفاصلة التامة والانعزال عن واقع الناس الذي سماه بالواقع الجاهلي ورفض فكرة الدعوة والأمر بالمعروف والانتشار بين الناس قبل أن يوجد الإسلام نفسه الذي أعتبره غائباً أو مغيباً وأن الظروف الذي أحاطت بسيد قطب كانت قاسيه والسلطة الحاكمة كانت في قمة طغيانها وإذلالها لكل ما هو إسلامي ويقارن بين ـ قطب والبنا ـ في مسألة رؤية كل منهما للواقع والوسائل اللازمة لتغييره. 

• في مقال آخر تحت عنوان الضجيج لا يمثل الأغلبية نشر في جريدة الأهالي بتاريخ 2 مايو 1990م هذا المقال نشر على خلفية أحداث خاصة بالفتنة الطائفية في مصر ويري الكاتب أن الغلو والتطرف ليس مقصوراً فقط على الحركة الإسلامية ولكن توجد هذه المعاني في كل البشر بغض النظر عن دياناتهم أو مذاهبهم السياسية حتى الأحزاب السياسية فيها المعتدل والمتطرف والوسط ثم إن الصوت العالي والأحداث الصاخبة لا تعبر بالضرورة عن ثقل جماهيري أو قاعدة شعبية كبيرة وينوه الكاتب على وجود كتاب ومثقفين لا يهمهم الشأن الإسلامي ولا الشأن القبطي وهمهم الأول هو المصالح الشخصية.

****************************

ـ تحت عنوان (سيبقي الغلو ما بقي التغريب) مجلة العربي الكويتية العدد 278 يناير عام 1982م يربط الكاتب في هذا المقال بين الغلو والتغريب ويقول: ظهرت الحركة الإسلامية مع هيمنة التغريب وتصاعدت وهي تعتو مع عتوه. ويري أن هذا هو السبب الرئيسي للغلو. كما أن الغلو ليس بالضرورة أن يكون قبيحا أو حسناً لكن يجب أن يقاس بعد مقارنته بالظروف الذي ظهر فيه. فالمسألة كلها نسبية.

****************************

• تحت عنوان الإسلام والعصر ملامح فكرية وتاريخية قُدمت هذه الورقة في ندوة تحت عنوان التنوير في مائة عام عقدتها دار الهلال في عام 1992م. ولم يحضر الكاتب هذه الندوة لمسلك غير لائق أتخذ ضده.

• وفي هذه الورقة يتحدث الكاتب عن الإسلام وأن المقصود به الأحكام التي أنزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم والتي وردت في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.

أما الفقه فهو اجتهادات بشرية يجوز الاختلاف حولها ويري الكاتب أن عصر النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يخرج من نسبية التاريخ ونقد المؤرخين لأنه شهد الوحي وكان المسلمون أبعد ما يكون عن الخطأ لأن الوحي هو الذي يقودهم. والإسلام أستطاع في وقت قصير جداً أن يجمع أجناساً وأقواماً وثقافات في بوتقة واحدة, وأن يؤلف بين قلوبهم ويصنع منهم أنموذجاً غير مسبوق تحت راية التوحيد. ويحذر الكاتب من الفهم غير الصحيح لمفهوم التجديد ويقول إما إن نعترف بهذه الأساليب ـ يقصد الأساليب المخالفة للشريعة ـ أو تتهم بالجمود والتخلف والعجز عن ملاحقة التطور.   

ثم ذكر الكاتب موجات الإصلاح التي نشأت في العالم الإسلامي وقال إنها ثلاث موجات وأن هذه الموجات اصطدمت في النهاية مع حركات الاستقلال العلمانية التي وصلت للسلطة ويقول أن موجة الإصلاح الأولي أعادت الإسلام إلي منابعه الأولي القرآن والسنة وأن الموجة الثانية أرست فكرة الإسلام المجاهد والمقاوم مع التجديد في الفقه والتفسير وأضافت الموجه الثالثة شمولية الإسلام وارتباط العمل والدعوة بالتنظيم الحركي. ويختم الكاتب هذه الورقة بقوله: ليس المشكل في فهمنا للإسلام ولكن المشكل في فهمنا للعصر ليس المشكل في قراءتنا للنص ولكن المشكل في رؤيتنا للواقع. 

************************

ـ تحت عنوان ماذا يعني المشروع الوطني وهو مقال مسبق نشر في عددين من مجلة اليوم السابع بتاريخ 12 من مارس, 7 من مايو 1990م.

• في هذا المقال يعرف الكاتب المشروع الوطني بأنه مجمل الأهداف التي يتراخي أهل جيل معين أو مرحلة تاريخية معينة على إنجازها وهي تكون على قدر من الترابط والتكامل. ويرفض الكاتب مقولة أن كل مشروع سياسي في النهاية مشروع فئة اجتماعية معينه ولذلك يجب تعميم الأهداف حتى نخرج من فئوية التمثيل. ويسوق الكاتب بعض الأدلة على رأيه فيقول لا يمكن أن نعتبر مشروع محمد على النهوض لصالح التجار أو أن ثورة 19 كانت فقط لطرد المحتلين لصالح طبقه معينة .. الخ.

******************************

ـ تحت عنوان ـ قضايا البنية التحتية في السياسة ـ يري الكاتب ضرورة إنشاء بني فكرية وسياسية قوية حتى تستوعب النشاط السياسي بشكل صحيح وهذا يتطلب من وجهة نظره أمرين الأول إيجاد الصيغ الفكرية المناسبة التي تستوعب جميع الانتماءات الرئيسية والفرعية في بلادنا. الثاني: تصميم وبناء الأوعية التنظيمية التي تحمل وتؤدي هذه الأفكار.

وفي هذا الإطار يجب أن نتفهم جيداً الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بنا فنحن في حالة تفكك سياسي وتبعية عسكرية واقتصادية وتباين شديد في الأفكار والتوجيهات حتى داخل التيار الفكري الواحد فالبون شاسع ما بين اللحية والجلباب والسواك وقضايا العدالة الاجتماعية والتمثيل السياسي وأنظمة الانتخابات.

*************************

ـ تحت عنوان ـ الصيغ التقليدية والصيغ الحديثة في التعددية السياسية ـ حالة مصر ـ  ورقة قدمت في ندوة في عمان بالأردن في 26 – 28 عام 1989م.

• في بداية هذه الورقة يعرف الكاتب التعددية السياسية بأنها تعني التنظيمات السياسية وقد تعني تعدد سلطات الدولة ولكن المعني الأول هو الأظهر ثم يضرب الكاتب أمثلة على هذين المعنيين وأعاد الكاتب في هذه الورقة ذكر موجات الإصلاح التي ظهرت في العالم الإسلامي لنموذج للتعددية الفكرية وذكر مؤسسات الدولة في الفكر السياسي الإسلامي مقارنة بالفكر السياسي الوضعي كنموذج أيضاً على التعدد المؤسسي. وخلص في النهاية إلي أن التعددية السياسية سواءً كانت في المؤسسات أو التنظيمات لا قيمة لها إن لم تكن حقيقة وتؤدي دورها بنظام واستقلال ونزاهة.

تحت عنوان ـ الأوضاع النافية للحوارـ  مقدمة العدد الثالث من تقرير الأمة في عام الذي صدر بالقاهرة في عام 1994م.

• وفي هذه المقدمة يعرف الكاتب الحوار بأنه الجدال الدائر بين قوي المجتمع حول أوضاع الجماعة السياسية وأن هذا الحوار يجب أن يكون بشكل منظم بعيداً عن الحوارات العشوائية. ثم يعيد الكاتب الحديث عن المشروع الوطني ويفصل ذلك عبر حقب تاريخية مختلفة ثم يتحدث الكاتب عن التيار السياسي السائد ويقول أنا لا أضع له تعريفاً ولكن أصفه بأنه التيار الذي يحيط بالجماعة الوطنية كلها أو الغالب من وحداتها وهو يشكل القاسم المشترك الأعظم لها من حيث الغايات والأهداف. ثم يعيد الحديث مرة أخري عن الغلو والتطرف والعنف.

ـ تحت عنوان ـ الوسطية الإسلامية وحركة الإصلاح الفكري والإسلامي ـ يبدأ الكاتب هذا المقال بآيات قرآنية فيها كلمة الوسط والوسطية ثم يذكر التعريف اللغوي للكلمة فيقول يقال توسط بينهم بالحق والعدل ويقال وسط الرجل أي صار شريفاً وحسيباً ووسطه أي جعله نصفين والوسط بين الجيد والرديء والأوسط هو المعتدل.

ـ ومن أوسط قومه أي من خيارهم ..الخ ثم ذكر أقوال المفسرين كالقرطبي وابن كثير و ..الخ وتحدث عن وسطية الإسلام بين اليهودية والمسيحية فالأولي أوغلت في المادة والثانية أوغلت في الروح والإسلام جاء وسطاً بينهما لذلك أستطاع أن يجمع أجناساً وأقواماً وثقافات كان لا يمكن الجمع بينهما. ثم أعاد الحديث عن حركات الإصلاح المؤسسي والفكري وكيف حدث الصدام بينهما وفي النهاية هذا المقال يوضح الكاتب رؤيته لتحقيق الوسطية المنشودة على النحو التالي:

1. أن نقيم الوسطية لا بالمصالحة الفجة أو التلفيق الفكري ولكن نقعد القواعد ونضع المناهج. 

2. أن ندخل المصالح في إطار النصوص وندخل النصوص في قلب المصالح والمقاصد.

3. أن نوجب على الجميع الالتزام بالمرجعية الإسلامية ثم نترك له التحرك بين المذاهب والآراء.

4. أن نترابط بعلاقات الحوار الهادئ البناء.

التعليقات

موضوعات ذات صلة