يجيب على المسألة: فضيلة الشيخ عبد الآخر حماد الغنيمي
السؤال:
توفيت امرأة وتركت بنتين وإخوة أشقاء وإخوة لأم فهل يرث الإخوة لأم في هذه الحالة؟ وإذا كانوا لا يرثون فهل يمكن أن تكتب لهم وصية؟
الجواب:
الحمد لله وبعد فإنه إذا كان الواقع كما ذكر في السؤال فإن للبنتين الثلثين، والباقي وهو الثلث للإخوة الأشقاء تعصيباً، ولا شيء للإخوة لأم لحجبهم بالفرع الوارث أي بالبنتين. وبخصوص الوصية للإخوة لأم فإن كان المقصود أن المرأة المسؤول عنها لا تزال على قيد الحياة، وتريد أن توصي لإخوتها لأمها فلا بأس أن توصي لهم بما لا يزيد عن ثلث التركة، لأن الوصية مشروعة في حدود ثلث التركة. وهي مشروعة لغير الوارثين لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث). [أخرجه أحمد وأصحاب السنن والنسائي وسنده صحيح]. والإخوة لأم غير وارثين في الحالة المسؤول عنها فتجوز الوصية لهم. وأما إذا كان المقصود أنهم يُعطون من التركة دون أن تكون المتوفاة قد أوصت لهم بشيء، فإن هذا لا يسمى وصية، وإنما هو نوع من العطية أو الهبة، وهو أمر يرجع للورثة فإن طابت أنفسهم بشيء قليل أو كثير يعطونه لهؤلاء الإخوة لأم فلا بأس، وقد استحب ذلك كثير من أهل العلم، بل منهم من أوجب على الورثة أن يعطوا شيئاً من التركة لمن حضر قسمة الميراث من المساكين وأولي القربى غير الوارثين وذلك لقوله تعالى: (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً) [النساء : 8]، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن هذه الآية منسوخة بآيات المواريث، ولكن قال ابن عباس رضي الله عنهما: (هي محكمة وليست بمنسوخة). [أخرجه البخاري [(4576) ، ومعنى الآية كما يقول ابن كثير في تفسيره: (أنه إذا حضر هؤلاء الفقراء من القرابة الذين لا يرثون واليتامى والمساكين قسمة مال جزيل، فإن أنفسهم تتوق إلى شيء منه، وإذا رأوا هذا يأخذ وهذا يأخذ وهم يائسون لا شيء يُعطَونه، فأمر اللّه تعالى وهو الرؤوف الرحيم أن يرضخ لهم شيء من الوسط يكون براً بهم وصدقة عليهم، وإحساناً إليهم وجبراً لكسرهم). فعلى ذلك نرى والله أعلم أنه في حال ما لم توصِ المتوفاة بشيء لإخوتها لأمها، فإنه من المستحسن عند قسمة الميراث أن يُعطَوا من التركة ما تطيب به أنفس الورثة، ولو شيئاً قليلاً.
والله تعالى أعلم
عبد الآخر حماد
عضو رابطة علماء المسلمين
24/ 12/ 1441هـ – 14/ 8/ 2020م