بقلم: م. أحمد كامل
لا يزال العمل الخيرى – خاصة فى بلادنا البسيطة – يمتع القائمين عليه بمذاق خاص لاسيما وانت ترى أثره على مقلتى طفلة صغيرة مقبلة عليك لتحمل عنك كيسا أو كرتونة ظلت أياما تنتظرها وتحلم بما تحويه من طعام أو حلوى .. أو ترى أثره فى دعوة رجل مسن أو أرملة مسكينة تمثل هذه الكرتونة غاية أملها ومنتهى أحلامها .
نعم كم يحمل هذا العمل العظيم من سعادة وغبطة فى قلوب من يقومون على تنفيذه .. وكم يحمل من أجر وحسنات – أسأل الله تعالى أن يتقبلها من أصحاب هذا العمل الجليل – أيضا كم يحمل من أحلام وأمال للفقراء والمحتاجين والارامل والايتام .
وبينما القلب فرح مسرورا بهذه الاعمال الجليلة .. اذ العقل يزاحمه بفكرة تستوقف استغراقه فى السرور والفرحة .. بل وتؤلمه وتؤرقه ..
هل لو ان هؤلاء الاطفال والامهات والشيوخ كان لهم نصيب جيد من التعليم والثقافة .. ترى هل كان هذا حالهم وهذه هيأتهم ..
تذكرت تلك الحالة الفريدة والنموذج المتميز الحاج \ صلاح عطية .. رجل الاعمال بن ميت غمر الدقهلية .. اول من أسس جامعة بقرية مصرية – قرية تفاهنا الاشراف –
فوجدتنى أعقد مقارنة ..
قطعا لقد أنفق ذلك الرجل العظيم ومن معه من أهل الخير ملايين الجنيهات لانشاء فرع لجامعة الازهر بهذه القرية ..
ترى لو أن هذه الاموال أنفقت فى أكياس الخير ..وموائد الرحمن .. قطعا لانتهى أثرها وتأثيرها فى المجتمع صبيحة أو مساء اليوم الذى أنفقت فيه .
ولكن حدثنى اليوم بعد أكثر من ربع قرن من بناء هذه الجامعة العظيمة ..
# كم علمت من الشباب والبنات .
# كم أثرت فى المجتمع ايجابا ونفعا .
# كم غيرت من أحوال اسر فقيرة علمت أبناءها فما عادت تسأل عن أكياس أو تلهث وراء موائد
# كم أضاءت من عقول كان من الطبيعى أن يكون مصريها الجهل والفقر والمرض
# كم أخرجت من أبحاث ودراسات
# كم خرجت من معلمين ومثقفين … كم و كم و كم ….
ان اطعام الفقراء والمساكين وملئ بطونهم لاشك أنه عمل محمود وجزيل ..
ولكن قطعا وحتما يسبقه اعمالا أعظم وأجل ..
ألا وهي اطعام العقول وتجلية النفوس ..
.. ان قضية امتنا الاولى تنحصر فى (( التوعية والثقافة )) ..
ولا شك ان التعليم الصحيح هو المصدر الأنقى والأبرء للتوعية والثقافة ..
فما أعظم أن نكرر نموذج الحاج \ صلاح عطية فى كل قرية ومركز ومحافظة ..
ما أعظم أن نخصص جزءا مما ينفق على الاكياس والموائد لمثل هذه الاعمال الجليلة .
ذلك هو الطريق الصحيح الذى يقضى على أعدائنا الثلاثة .
الجهل .. الفقر .. المرض .