بقلم: فضيلة الشيخ علي الشريف

الكبر يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين الحسنة كلها ، وذلك لأن المتكبر لا يحب لأخيه المؤمن ما يحبه لنفسه ، والمتكبر لا يقدر على التواضع ، ولا يقدر على ترك الحقد ، ولا يستطيع أن يداوم على الصدق ، ولا يستطيع أن يترك الغضب ، ولا يقدر على كظم الغيظ ، ولا يقدر على قبول النصح ، ولا يسلم من ازدراء الناس ، والتطاول عليهم ، واغتيابهم ، ولا معنى للتطويل ، فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر واقع فيه ، ولا من خلق محمود إلا هو عاجز عنه ، خوفا من أن يفوت عزه وجاهه ، فمن أجل ذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لن يدخل الجنة من كان في قلبه حبة خردل من كبر ، متفق عليه
ومن الناس من يتكبر على الله، مثال فرعون فإنه لتكبره قال: (أنا ربكم الأعلى) وقال: (ما علمت لكم من إله غيرى) فاستكبر أن يكون عبدا لله وقد قال الله تعالى (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
وهناك قسم من الناس يتكبرون على الرسل، بعدم الانقياد لهم، كما حكى الله تعالى قولهم: (إن أنتم إلا بشر مثلنا)، وقال تعالى: (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا).
والقسم الثالث: من يتكبر على عباد الله، كما حكى الله قولهم: (قال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين)، وقالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نجلس معك وعندك هؤلاء، وأشاروا إلى فقراء المسلمين فتكبروا أن يجلسوا معهم.
والذى يحمل الناس على الكبر ادعاء العلم الشرعي ، فبعض الناس يطلب العلم وهو خبيث الباطن سيئ الأخلاق ، ثم لا يشتغل بتزكية نفسه وتهذيبها بأنواع المجاهدات ، فيكون العلم سببا في كبره ، فما زال يستعظم نفسه ويستحقر الناس ويستجهلهم ، ويعتقد أنه أفضل منهم عند الله ، ولذا ينبغي عليهم أن يخدموه ، ويزوروه ولا يزورهم ، ويعودوه ولا يعودهم ، ويستنكر علي من قصر في خدمته منهم كأنهم عبيد له ، وكأنه يريد أن يأخذ أجر تعب العلم منهم ، وهذا يسمى جهلا لا علما ، أما العلم الحقيقي فهو يورث الخشية والتواضع إلى عباد الله ، قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وكذلك علوم الدنيا كالطب والهندسة والصيدلة وغيرها كثيرا ما تحمل صاحبها على الكبر، وكذلك أصحاب القلوب الخبيثة أذا تولوا المناصب العليا تكبروا على عباد الله. وكذلك يحمل المال أصحاب القلوب المريضة على الكبر.
وتجد بعض الأخوة لا تتحمل النقد، فإذا قال رأيا وخالفه أحد الأخوة يغضب منه، ويعتبره عدوا له، ويتمنى أن ينال منه، وصدق الله تعالى (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم) قال ابن مسعود كفى بالرجل إثما إذا قيل له اتق الله قال عليك بنفسك. أما أصحاب القوب الطاهرة السليمة فتجدهم محبين لإخوانهم متواضعين لهم.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال (إن الله تعالى أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغى أحد على أحد) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) رواه مسلم.
جعلنا الله وإياكم من المحبين لإخوانهم، ومن المتواضعين والعافين عن الناس.