بقلم: د. أحمد زكريا عبد اللطيف
ما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن قدر الجماعة الإسلامية أن تظل مرمى للسهام ليس من الأنظمة فقط؛ بل من أبناء الحركة الإسلامية أيضا، وكأني بالتاريخ يعيد نفسه، فها هم بعض إخواننا في فترة المواجهة المسلحة في التسعينيات يسيرون علينا حملات شعواء متهمين أبناء الجماعة بالتسرع والتهور وسد منافذ الدعوة، وعندما رأت الجماعة قيادة وأفرادا إيثار مصالح الإسلام والأوطان العليا بتوقف العمليات المسلحة بناء على رؤية شرعية وواقعية، إذا بنفس السهام تتجه لكبد الجماعة متهمة إياها بعقد الصفقات مع النظام، بل زاد الجهل والحقد بالبعض إلى درجة اتهام بعض قادتنا الكرام بالعمالة للأمن، وأثبت التاريخ مدى النقاء الثوري والطهارة الباطنة والظاهرة لأبناء الجماعة، فعزفوا عن مغانم الدنيا، وضحوا بزخرفها، ولو أرادوها لكانت تحت أقدامهم، وها هو موكبهم الزاهر يمر من محنة إلى أخرى، وهم على ثباتهم ووضوحهم فهم لا يريدون علوا في الحياة الدنيا، بل غايتهم كانت وما زالت رضا الله تبارك وتعالى بتجريد الإخلاص له سبحانه وتحقيق المتابعة الكاملة للنبي صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة، وزينوا صفحات التاريخ بسجل حافل من الشهداء فها هو شيخنا عصام دربالة وهو أمير الجماعة يلقى الله شهيدا – نحسبه كذلك – في السجون دفاعا عن الحق والمبدأ، ويلحق به شيخنا رفاعي طه مجاهدا في سوريا الحبيبة، ولا ننسى المهندس عزت السلاموني شاعر الجماعة، وكان مسك الختام شيخنا وإمامنا الدكتور عمر عبدالرحمن بعد أن قضى زهرة عمره بين الجهاد في سبيل الله والدعوة ودفع مقابل ذلك معظم عمره في سجون الظالمين حتى لقى الله شهيدا.
وتمسكت الجماعة بكل سبيل ممكن لتحقيق دعوتها وأهدافها فشكلت حزبا سياسيا.
سجل صفحات مشرقة من النزاهة والشرف في مجال السياسة المصرية، وقد شهد له الأعداء قبل الأصدقاء، وكان للجماعة مطمع ولا مقصد إلا الدفاع عن هوية الأمة.
الإسلامية، والحفاظ على كرامة وحرية الشعب، وهاهم تضيق صدورهم بالتجربة الرائدة، ويصدرون الحكم بحل حزب البناء والتنمية، والجماعة ماضية في طريقها، لن تتوقف أو تتخلى عن غايتها وهدفها، وهي تعرف طريقها جيدا.
ولمن لا يعلم أو يحاول أن يتغاضى عن الحقيقة ففي سجون مصر الآن المئات من أبناء الجماعة، بل قد بلغ عدد الشهداء من أبناء الجماعة بعد 3 يوليو المئات غير المصابين والمطاردين في الداخل والخارج، وأطالب قادة الجماعة بإظهار كل هذه الحقائق للمجتمع المصري والإسلامي. وبرغم ذلك يخرج علينا – بحسن ظن أو بغيره – من يطعن فينا ويشكك في ديننا مع أننا في نفس الخندق، بل في أعماق السجون، بل حكم علينا بأحكام كثيرة وصل بعضها للإعدام، وبرغم هذا العنت والضيق تقوم الجماعة بدورها في شرح المفاهيم المغلوطة للشباب ومواجهة موجة الغلو والتكفير، وتثبيت قواعد الدين الصحيح، وتربية النفوس على محبة الأوطان ولن تأبه الجماعة بأصوات المتربصين، ولا بدعاوي الجاهلين بل ستظل ساعية نحو مصالح الدين والوطن ولو كره الحاقدون.