المصدر: الشروق
منذ بدء حرب المواجهة مع فيروس كورونا المستجد بمصر، التي بدأت في شهر فبراير الماضي، سطر الأطباء والعاملون في المجال الصحي تضحيات وبطولات استثنائية خلال محاولاتهم إنقاذ المرضى، كان آخرها محاولات الدكتور سيد نادي طبيب بمستشفى حميات سمالوط إنقاذ رجل سبعيني جاء إلى طوارئ المستشفى في حالة صعبة، والعمل بدلا من زميلته الحامل التي تصادفت نبطشيتها في الطوارئ في ذلك اليوم.
وروى الدكتور سامح عاطف، زوج الطبيبة نجوى الحوفي، التي تعمل بمستشفى حميات سمالوط في محافظة المنيا، تفاصيل إنقاذ الأخيرة من الإصابة بالفيروس: “دخل المستشفى حالة عمرها 72 عاما، مريض قلب وسكر وضغط وتركه أولاده دون أي علاج حتى تدهورت حالته الصحية جدا، ثم ذهبوا به إلى مستشفى حميات سمالوط، وهو داخل على مرحلة توقف القلب، ويشاء القدر أن زوجتي تكون نبطشيتها هذا اليوم، فأخرجها الدكتور سيد من الاستقبال وتعامل هو مع الحالة خوفا على زوجتي لأنها حامل”.
وأضاف عاطف، لـ”الشروق”: “تبين أن حالة الرجل السبعيني مصابة بفيروس كورونا في مرحلته الأخيره وتوفاه الله، وبعدها بيومين أصيب الدكتور سيد بالفيروس، وقام بعزل نفسه منزليا إلى أن دخل مستشفى ملوي للعزل، وزادت حالته سوءا، ثم وضع على جهاز تنفس صناعي، وجرى البحث عن بلازما نفس فصيلته من أحد المتعافين من الفيروس لمدة 3 أيام لكن توفاه الله قبل وصولها”.
وتابع: “أنا مدين له بحياة زوجتي وجنينها، بعد أن أنقذهما من إصابة أكيدة بفيروس كورونا خلال محاولاته إنعاش قلب مريض تم إهماله أسابيع”.
ولفت إلى أن المستشفى العام بمركز سمالوط مغلق منذ نحو 6 أعوام، ولذلك جميع الحالات توجه إلى مستشفى الحميات، والضغط كله عليه، مطالبا بضرورة توفير الزي الواقي للأطباء العاملين بمستشفى حميات سمالوط، حفاظا على أرواح الأطقم الطبية.
وتابع: “لم أكن أعرف الدكتور سيد أبدا قبل هذا الموقف، لكن الجميع أثنى عليه وأخلاقه، وكان أربعيني مازال شبابا، ولم يكن يعاني من أي أمراض”، مشيرا إلى أن الطبيب الراحل كان يتصدر الصفوف الأولى خلال العمل في مستشفى الحميات، وفي حالة قدوم حالة مشتبه في إصابتها بالفيروس كان يستقبلها وحده، ويصر على إخراج باقي زملاؤه إلى خارج الغرفة خوفا عليهم.
من جهته، قال أمين عام نقابة الأطباء إيهاب الطاهر، إن الدكتور سيد نادي نموذج كبير للتضحية، مشير إلى أن الأخطاء الإدارية مازالت موجودة، وهي التي تسبب في تفاقم الأمور، خاصة أننا طالبنا مسبقا بعدم وضع كبار السن والحوامل للتعامل مع مرضى كورونا، معتبرا أن الإصرار على ذلك يعني التضحية بالفريق الطبي.
وأضاف الطاهر، لـ”الشروق”، أن معدل الإصابة بفيروس كورونا بين الأطباء وعدد الشهداء مرتفع جدا، مشيرا إلى ضرورة تشديد إجراءت الحماية لهم؛ لأنه إذا استمر الأمر على هذا النحو قد لا نجد أطباء يعالجون المرضى.
وأشار إلى أن النقابة خاطبت رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزيرة الصحة هالة زايد، لاتخاذ أقصى إجراءات الحماية وأعلى معايير مكافحة العدوى في المستشفيات، وذلك بعد ازدياد حالات الإصابة والوفاة بين الأطباء وأعضاء الطواقم الطبية، لافتا إلى أن النقابة طالبت بضرورة عمل مسارات مختلفة للفصل بين المرضى المشتبه بإصابتهم بكورونا عن المرضى المترددين للعلاج من أمراض أخرى أو لصرف علاج نفقة الدولة، أما إذا كان تصميم المستشفى لا يسمح بذلك فيمكن نقلهم لمكان آخر، لتقليل احتمالات انتقال العدوى بين المواطنين والفرق الطبية.
وأكد الطاهر ضرورة اتخاذ إجراءات تقليل تزاحم المرضى في أقسام الاستقبال، وذلك عن طريق تعدد غرف استقبال المرضى وعدم السماح بدخول أكثر من مرافق واحد مع المريض، مع توفير أعلى معايير الواقيات الشخصية ومستلزمات مكافحة العدوى، حيث إن الطواقم الطبية في مستشفيات الفرز تتعامل في النوبتجية الواحدة مع عشرات المرضى المصابين بكورونا، مع مراعاة إجراء اختبار الكفاءة القناع الواقي بعد ارتداءه لضمان عدم التسريب أثناء العمل.