القائمة إغلاق

أزمة تونس.. هل تتحول إلى أزمة قيس سعيد؟؟

بقلم/ أ. سيد فرج

لستُ نادماً على تأييدي لفوز قيس سعيد، فلقد فاز بأكثر من 72% من أصوات التونسيين أغلبهم من الشباب، فلم أكن أنا من اختاره فقد اختاره الشعب التونسي، ولكنه تخشب، على كرسي الرئاسة، والتصق به، لدرجة مرضية، تحتاج إلى تدخل جراحي، ثم انزلق به في نفقٍ…. مظلمٍ… سحيق… فهل يستطيع الصمود به وعليه، ويخرجا سوياً إلى النور، وتعيش تونس في فترة حكمه، أزهى عصورها؟ أم يقع في القاع، ويهان كما لم يهان رئيس تونسي قبله؟

أ. سيد فرج

كما أنني لست حزيناً على حركة النهضة، التي كنت معجباً بأدائها، ونضوجها السياسي، ببعدها عن الطمع، والغرور، والاستحواذ، منذ الثورة حتى 2019، ولكنها منذ انتخابات 2019 اطمأنت أنها في الحكم وستستمر فيه بلا خوف من انقلابات أو ثورات مضادة، فتعامل قادتها مع الدولة التونسية ومؤسساتها، بمنطق وسياسة التعامل مع أفراد الجماعة (كمثيلتها في مصر) ومن ثم تمسكت بقيادة السيد (الغنوشي) لرئاسة البرلمان، وكأنها تريد فقط (رد الجميل للغنوشي) على مجهوداته للحركة، وتتوجه في نهاية حياته رئيساً للبرلمان، ولم تستمع لنصائح زعيمها الفذ (عبد الفتاح مورو) الذي نصح الغنوشي بالاستقالة، وترك المجال لشباب الحركة، والأجيال الشابة .

والحديث هنا، عن تحركات قيس سعيد الانقلابية الأخيرة، والتي أدخلت تونس في أخطر أزمة سياسية، تشهدها منذ ثورة 2011 حتى اليوم.

فهل سينجح قيس في تحقيق ما أعلنه؟

أم أنه سيخفق ويواجه أزمة داخلية وإقليمية ودولية تطالبه بتحقيق ما وعد به؟

بالنسبة لي، ليست المشكلة هي محاولة إقصاء حركة النهضة، عن الحكم أو عن التحكم في البرلمان، ففي وجهة نظري حركة النهضة، منذ 2019 بقيادة الغنوشي للبرلمان، أساءت لتونس، وكانت عبأ، كغيرها من الحركات والأحزاب التونسية الأخرى، كما كان أيضا الرئيس ورئيس الحكومة مشاركاً لها، في الإساءة لتونس ومعوقاً لمسيرتها النهضوية.

ولكن المشكلة هي هل يستطيع قيس سعيد النجاح بانقاذ تونس؟

(وجهة نظري)

أن قيس سعيد سوف يفشل في تحقيق ما أعلنه ووعد به، من انقاذ تونس، وبناء دولة مؤسسات، والحفاظ على الديمقراطية، ومحاربة الفساد، وستنتهي فترة حكمه دون إنجاز، وسيخرج من الحكم غير مأسوفاً عليه، وذلك للأسباب التالية:

  1. الرجل لا تحركه رؤية اقتصادية أو سياسية محددة معلنة.
    (ولكن تحركه كراهية لشركاءه السياسيين في الحكم، من حركة النهضة وغيرها، الذي يرى أنهم لم يقوموا بتقديره، أو وضعه في مكانته، وأنهم أرادوا تهميشه، وأهانوا شخصه، فبحث عن شياطين السياسة، في الغرب والشرق، والداخل والخارج، فتحالف معهم، لكي ينتقم من شركائه في السلطة، ويصنع من نفسه دكتاتورا مؤقتاً حسب اعلانه، ويجمع في يده جميع السلطات، ليقول لهم: ها أنا قادر على سحقكم، أو دكتاتورا مدى الحياة حسب تخطيط داعميه)
  2. الرجل لم يعرض خريطة طريق أو تصور واضح للمرحلة القادمة.
    (ولكنه أعلن مجموعة من التصريحات، والقرارات تخاطب البسطاء، ولكنها لايمكن أن تسهم في إحداث تغيير جذري، في مشهد الإصلاح ومحاربة الفساد، والعودة إلى الديمقراطية بعد شهر أو حتى ستة أشهر).
    فالرجل ينتظر أن يطرح عليه خطة طريق من الاتحاد العام للشغل، أو من غيرهم أو حتى من داعميه الإقليميين.
  3. الرجل لم تحركه القوى الوطنية الداخلية، التي تريد لتونس النهوض والتقدم، ولكن حركته قوى الدولة العميقة بنصحه بالتوجه إلى داعمي الثورة المضادة في الدول العربية والغربية، فترك خطابات التحرر ومناهضة الصهيونية والاستقلال من التبعية، وغاب عن الانظار في الأحداث الجسام، وتفرغ لكي يخطط للانقضاض على كل السلطات في تونس.
  4. الرجل لا يملك مشروعاً نهضوياً، ولكنه امتثل تماماً، للمشروع الرافض لنهضة تونس، وحريتها، والرافض لتحرر الشعوب، من هيمنة الغرب، وتنفيذ اجندة الصهيونية العالمية.
  5. الرجل مطالب لكي يستمر في الحكم بأن يقوم بحل المشكلات الاقتصادية والصحية ويقوم بإعادة الديمقراطية لتونس في وقت لا يتجاوز الستة أشهر، وإلا سيتحول في نظر الشارع، إلى ديكتاتور مستبد فاشل، ويمكن أن يستمر إلى نهاية فترة الرئاسية بالقمع والحديد والنار.
    ولكنه إن فشل فسيسقط مبكراً جداً، في نظر الشعب التونسي الذي انتخب بنسبة 72% وعندها لن يحسب له اقصاؤه للإخوان كإنجاز.

في الختام:

اتمنى أن تنجح تونس الدولة المسلمة الشقيقة وتنهض حتى وإن سقطت حركة النهضة أو تم اقصاؤها، مادام ذلك في إطار عدم الاحتراب الداخلي والتظالم وسفك الدماء.

التعليقات

موضوعات ذات صلة