بقلم الشيخ / على الشريف
يعمل الإسلام بكل السبل إلى وحدة المسلمين وتقوية الرابط بينهم ، وهذا هدف من الأهداف الكبرى والعظيمة للإسلام ، ولذا حرم الله تعالى كل ما يمنع هذا الهدف الأعظم ، ومن أكبر عوامل التفرقة والعداوة بين المسلمين الغيبة ، لذا نجد التنفير منها فى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة وصريحة ، حتى لا يكون لأحد حجة فى الوقوع فى مستنقعها الآسن ومن ذلك .
(1) — قول الله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضا ، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) ، نهى الله تعالى نهيا صريحا عن الغيبة بأداة النفى ( لا) ، ثم ضرب الله تعالى مثلا شديدا لهذا المغتاب برجل يأكل لحم أخيه بعد وفاته ، وهو مشهد مقزز ومنفر ، جدير بأن يجعل الناس تكره فاعله ، هذا ليستفيق ويرتدع هذا المغتاب لإخوانه ، وليعلم بشاعة جرمه ، فتذكر يا من تغتاب أخاك المسلم ، إنما أنت تأكل لحم أخيك الميت ، فما أبشع صنيعك .
(2) — قال الله تعالى ( ويل لكل همزة لمزة ) وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن يغتاب ويعيب إخوانه المسلمين .
(3) — وقال تعالى( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ، وقالوا هذا إفك مبين ) يذكر الله تعالى عباده المؤمنين بحسن الظن بالمسلمين ، ووجوب الدفاع عن إخوانهم ، وتكذيب المغتاب ، وعدم الإستماع إليه .
(4) — المغتاب فاسق ، والله نهانا أن نصدق خبر الفاسق ، فقال فى محكم كتابه : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) .
(5) — وبعض الناس يقولون نحن لا نكذب عليه ، بل نقول ما فيه من عيب ولا نزيد ، معتقدين أن ذلك يعفيهم من الإثم ، فرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم قائلا : ( أتدرون ما الغيبه ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ،
قال ، ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفرأيت إن كان فى أخى ما أقول ؟ ، قال ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول ، فقد بهته ) إذن لا حجة لمن يغتاب أخاه زاعما أنه لم يقل الا الحق .
(6) — وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لما عرج بى ، مررت بقوم لهم أظفار من نحاس ، يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ ، قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون فى أعراضهم ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألبانى .
(7) — قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل المسلم على المسلم حرام ، دمه ، وعرضه ، وماله ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) رواه مسلم . والمغتاب يقع فى عرض أخيه ويحقره ، وفى ثنايا كلامه تعظيم لنفسه ، أى هو لم يفعل ذلك الخطأ ، وهو ممن يعلم الحق ، وهو ممن يغير المنكر ولا يسكت على الباطل ، فلا تلتفتوا إلى فلان وتعظموه ، ولكن التفتوا لى وعظمونى أنا ، هذا لسان حاله ، وما تريد أن تقوله نفسه الخبيثه .
(8) — عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت : قلت للنبى صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية كذا وكذا ، قال بعض الرواة : تعنى قصيرة ، فقال ( لقد قلتى كلمة لو مزجت بماء البر لمزجته ) رواه أبو داود ، والترمزى ، وقال حديث حسن . أنظر يا أخى الحبيب إلى شدة مرارة هذه الكلمة ، حتى أنها لو سقطت فى بحر خضم لحولته إلى نتن ومراة ، نسأل الله تعالى العافية .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى . أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المحبين للمسلمين ، وأن يطهر ألسنتنا من مرض الغيبة آمين .
الغيبة وتمزيق الصف المؤمن .

التعليقات