بقلم سلطان إبراهيم
منذ أن تاسست الجماعة الإسلامية وهي تسير في طريقها بعزم لا يلين وهمة لا تعرف النكوص وعزم لا يعرف التراجع تعرضت للمحن تلو المحن والبلاءات من وراء البلاءات وفي كل بلاء يحسب الناس أنها ستنكسر ولن تعود ولكنها بفضل الله ومعيته وعونه وتوفيقه وتسديده تعودأشمخ بناينا وأرسخ أركانا وأمضى عزيمة وأقوى شكيمة مما كانت فالجماعة ماضية لن تتوقف ولا ولن تموت بعون الله ولو قدر لها أن تموت لماتت عقب أحداث 81 ولكنها خرجت من بعدها قوية فتية واستكملت بمن خرجوا بعد الحبس مسيرتها وسعيها وحكى لي أحد قيادات تلك الفترة أن 19 نفر هم من حركوا الماء الراكد ونشروا الدعوة بعد أن أخرست في مصر كلها حتى بلغت دعوة الجماعة ربوع مصر وتعدتها لتملأ الآفاق فالجماعة لا ولن تموت بعون الله ولو قدر للجماعة أن تموت لماتت بعد محنة التسعينات ولكن الله حفظ للجماعة بيضتها وكيانها وأكمل مسيرتها وها هي الجماعة تتعرض للأذي والإبتلاء ولكنها بعون الله صابرة صامدة راضية محتسبة ماضية في طريقها إلى ربها وقلب كل واحد فيها يهتف قبل لسانه:
إني على عهدي بكُلّ مُضاءٍ *خَلْفَ الرسول على خطى القصواءِ
الحق مبدأي الذي أحيا له * ولأجله استرخصت بذل دمائي
مذ سرت فِيْ هذي الطريق وغايتي*مرضاة ربي واليقين لوائي
خيرت فاخترت الذي يهدي ولم * أقبل من النَجْدَيْن غير سواءِ
ما كنتُ أرضى أن أكون مهاجرا*ً إلا إلى ربي أروم نجائي
ما كنتُ ممن يقبعون على الخنا* أو يرتضون بعيشة الجبناءِ
ما كنتُ ألهث خَلْفَ زيف خادع* فآُسام بالصفراء والبيضاءِ
ما كنتُ والخطب الجسيم يَلفُّني* أرضى الدنية أنحني وأُرائي
ما كنتُ فِيْ يَوْم أخون قضيتي* ليس الشريف يباع للأهواءِ
أنا مَن نَهلت من الشريعة سلسلاً* وبها تغذت جرأتي وإبائي
أنا مَن رفعت الهام في شمم ولم * أحفل بإرعاد من الأعداء
إني جعلت العمر موقوفاً على *ديني وعَنْد الله خير جزاءِ
إن الجماعة تستوعب ما سبقها من تجارب والجماعة من أكثر الفصائل والحركات الإسلامية في العصر الحديث مرورا بتجارب واحتكاكا بمعتركات العمل والحياة ولعل حجم التجارب التي مرت بالجماعة قد أنضجت الرؤى وصفت الأذهان وأصقلت العقول وأنارت البصائر وقد ظهر ذلك في كثير من مواقف الجماعة في المرحلة السابقة مما شهد به المراقبون لمسيرتها ولا تزال الجماعة في سيرها تجمع بين الانصياع للشرع وأمره ورؤية الواقع والوعي به واستيعاب الماضي وفهمه وهذه التجارب كان لها أعظم الأثر والبركة على الجماعة نفسها فقد أصبحت الجماعة فكرة ورؤية تجتمع عليها قلوب كوادرها وأفرادها ــ وقد قيد الله لها من القيادات من يسوسها بمنهج ربها ويحدو طريق سيرها على درب الحق وكان منهم الدكتور عصام دربالة فرج الله كربه وغيره من إخوانه من مجلس الشورى المنتخب وسائر القيادات والكوادر العاملة ـ أعتقد أن تجارب الجماعة الطويلة قد أخرجت الجماعة ــ ولله الفضل والمنة منذ أمد طويل ــ من طور الطفولة الفكرية فلم تعد تدور في فلك قائد أو مجموعة من القيادات أو تتمحور حول رؤى أحد بل أصبحت الجماعة بكل صفوفها وقواعدها وأفرادها فكرة واضحة وحركة ناضجة بعد ان أنارت بصيرتها الشريعة و صهرتها المحن وعركتها التجارب وأنضجتها الخبرات متجسدة في كل كيانها وافرادها وكوادرها رؤية ثاقبة ة وفكرة مستنيرة وحركة منضبطة بالشرع ومنهاجا واضحا منيرا ولله الحمد والمنة .