بقلم : أسامة حافظ
وزارة الاوقاف هي وزارة تقوم علي رعاية شئون الاوقاف والاوقاف الاسلامية فقط وصرف ريعها في مصارفها الشرعية .. ولدورها في العمل داخل الاطار الحكومي أخذوا يضيفون الي عملها أعمالا دعوية لتخضع لسيطرة الدولة والوزارة لا لسيطرة الازهر الذي يتمتع بشئ من الاستقلالية ، ومع مرور الوقت صارت الدعوة في المساجد والخطباء تبعا لتلك الوزارة وسيطرتها ، ثم ولنفس السبب كلفت الوزارة ياختيار مجموعة من الشيوخ الرسميين لكي يكونوا هم وهم فقط المتحدثين باسم الدين والافتاء للمسلمين في الاعلام ومنع غيرهم من ذلك وهكذا كتبت قائمة اشترك في اعدادها وزير الاوقاف مع آخرين واعتبروهم هم فقط ممثلوا الدين والفتوي في الاعلام مع حظر من عداهم من ذلك
ورغم سخافة الفكرة وفشلها مقدما لعدم قابليتها التنفيذ الا أنها أثارت لغطا كبيرا وأثارت عندي مجموعة من التداعيات أحببت أن أشرككم فيها
أولاً: لقد اشترط الفقهاء على مر العصور مواصفات معينة فيمن يتصدي للفتوى بعضها في التقوى والورع وبعضها في العلم وبعضها في فهم الواقع ولم نر في أي كتاب من كتب الأصوليين اشتراط منصب معين أو شهادة معينة أو اختيار من وزير أو عالم أو لجنة من أي جهة لمن يتصدي لها .
فهل يريد أصحاب هذه الدعوي أن يشترط الوزير شرطاً جديدا في صلاحية العالم للإفتاء أن يكون سعادته راضيا عنه.
ثانياً: لقد تمتع العلماء في أشد العصور السابقة ظلامية بحرية الفتوى وبحقهم في تعليم الناس دينهم دون قيد من أي هيئة ما لم يخالفوا نصا أو إجماعا وكان من يريد أن يعترض على بعض مما يقولون يكون ذلك بكلمة ككلمتهم وبعلم كعلمهم وليس بتكميم أفواههم ومنعهم من الحديث .. فهل وصلت الظلامية في عصرنا إلي أبعد مما كان في عصور الملكية البغيضة – كما يقولون – أو عصر عبد الناصر أو حتى عصور المماليك والعثمانيين التي اعتادوا أن يتهموها بعصور الضعف والتخلف.
ثالثاً: الملاحظ أن كل الفتاوى المثيرة للجدل والتي يتخذ البعض منها وسيلة للهجوم على الدين وعلي العلماء كان مصدرها علماء رسميون مختارون في أعلي المناصب الرسمية وفي لجنة الوزير مثل فتوى رضاع الكبير وفتوى التبرك بفضلات النبي صلي الله عليه وسلم وفتوي معاشرة الزوجة الميتة وغير ذلك فهل تخرج مثل هذه الفتاوى من أناس ليتم الحجر على غيرهم.
رابعاً: هل تستطيع اللجنة – إن أراد ت– أو حتى الحكومة بما تملك من وسائل أن تمنع شيوخ الفضائيات من الإفتاء.. وهبها استطاعت فهل تستطيع أن تمنع أي أحد أن يثق فيمن يثق فيه من العلماء ويقصده طالبا الفتوى ضارباً عرض الحائط بالشيوخ المختارين – مع عظيم تقديرنا لهم – وبمن اختاروهم.
خامساً: كنت أتمني أن يشيع أصحاب هذا الاقتراح – وفيهم كثير من أهل العلم والفضل – روح البحث الحر والاجتهاد بين الناس ويطلقوا حرية الفكر وبدلا من أن يطلبوا الحجر على العلماء من غيرهم أن يردوا بالحجة على ما يرونه غير صحيح ليتعلم الناس منهم أدب الحوار وأدب الاختلاف بدلا من هذا التعالي ومحاولة إرهاب الآخرين فالإسلام أكثر الأديان احتراما وتقديرا لتنوع الاجتهادات وقبول الآخر حتى أنه أعطي من اجتهد مستخدما أدوات المجتهد متحريا الحق ما استطاع ثم أخطا أجرا رغم خطئه تشجيعا له على البحث والتحري والاجتهاد.
سادساً: إن في الدين ثوابت لا تمس ثم إن فيه أيضاً أمورا ظنية فتح الشارع فيها مجال النظر والاجتهاد بل والاختلاف ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه يملك الحقيقة المطلقة في هذه الأمور الظنية حتى لو كان اللجنة المختارة أو هيئة كبار العلماء التي وافقوا علي مضض علي اضافتها للجنة الوزير على ما فيها من علماء أفاضل ومجتهدين فهل يريدون أن يجعلوا اجتهادات من يسمونهم أهل الاختصاص من الثوابت والمطلقات التي لا يجوز لأحد مخالفتها حتى ولو كانت في الأمور الظنية المختلف فيها.
وبعد فأنا أعلم أنكم لن تستطيعوا أن تفعلوا ذلك مهما حاولتم فلماذا يطرح مثل هذا الموضوع للنقاش فيعطي انطباعا عن علماء ديننا أنهم يعادون الرأي الآخر وأنهم يحاولون أن يضفوا قداسة ما على فتاواهم والمعروف أن الإسلام ليس فيه قداسة لقول بشر إلا الرسل وأن علماء اللجنة مع كل تقديرنا – هم علماء ضمن آلاف العلماء غيرهم ليس لرأيهم وإن اجتمعوا مشروعية تزيد عن قول أي عالم آخر من غيرهم فليس في ديننا بفضل الله ورحمته كهنوت يضفي قداسة على بشر دون بشر أو عالم دون عالم فالعلم ملك لكل قادر عليه والاجتهاد حق لكل من استوفي أسبابه وإن لم يكن من أهل اللجنة.